تنعقد هذه الندوة في سياق يجتاز فيه المغرب مرحلة صعبة ودقيقة، من أبرز سماتها استمرار الهجوم على الحقوق والمكتسبات التاريخية للطبقة العاملة وعموم المأجورين، وسن المزيد من القوانين التراجعية من أبرزها: “إصلاح” نظام التقاعد، مشروع القانون التكبيلي للإضراب، تصفية ما تبقى من صندوق المقاصة، كنتيجة للاستمرار في الاختيارات التبعية للرأسمال العالمي والخضوع لإملاءات مؤسساته المالية الاستعمارية، بالتقليص المستمر للميزانية المخصصة للتعليم العمومي، وإغلاق الكثير من المؤسسات العمومية وتفويت عقاراتها للقطاع الخاص، ما يؤدي إلى التمييز بين الطبقات الاجتماعية، وإرهاق الأسر بأعباء مالية ثقيلة، وتعميق الفوارق الطبقية، بتمكين أبناء الميسورين من الثروة والمعرفة والسلطة على حساب الطبقات المتوسطة والشعبية. وعلى مستوى قطاع التعليم ما تزال الحكومة تتنصل من تفعيل التزاماتها ومنها اتفاقي 19 و26 أبريل 2011 خصوصا ما ارتبط منها بالتعويض عن العمل بالمناطق الصعبة والنائية وإحداث درجة جديدة… كما تواصل هجومها على ما تبقى من مقومات التعليم العمومي المدرسي والجامعي، إذ رغم تأكيد مختلف الهيئات والمنظمات الدولية والوطنية على فشل النظام التعليمي بالمغرب رغم كثرة الاصلاحات التي خضع لها، وصولا للميثاق الوطني للتربية والتكوين (الذي دشن لتصالح قسري بين العام والخاص من خلال تبني اختيارين تعليميين متباينين ومتناقضين في ظل عجز جل الأسر المغربية على توفير الحاجيات الأساسية واندحار اجتماعي بالنسبة للطبقة المتوسطة) وعشرية التعليم 2000-2010، فالمخطط الاستعجالي 2009-2012 (تعرض لفشل ذريع وتم الاستغناء عنه بقرار فردي دون تقييم ولا محاسبة المسؤولين عن هدر ثروات طائلة من المال العمومي)، وصولا إلى الرؤية الاستراتيجية الحالية التي تتكثف فيها كل المشاريع التخريبية والتصفوية السالفة، وتعمل على تسريع وتيرة خوصصته وتسليعه، عبر تقنين تفويت المؤسسات التعليمية للمستثمرين الخواص، المحليين والدوليين، في إطار ما يسمى “بالشراكة عام-خاص”؛. وقد اتسمت كل الاصلاحات التي عرفها المغرب بطغيان الطابع التقنوي الموازناتي فضلا عن خلفيتها الاقتصادية الرامية الى ضرب مصداقية التعليم العمومي للدفع التدريجي نحو الاستقالة النهائية للدولة من قطاع التعليم وفرض نظام تربوي مؤدى عنه، ما يعكسه مشروع القانون الاطار 17-51 الرامي إلى القطع النهائي مع أي شكل من أشكال المجانية، على الرغم من اختبائه المؤقت وراء التصنيف الاجتماعي الذي تعكف عليه الحكومة، وقانون موظفي الأكاديميات المرتكز على مقتضيات أقل شأنا من القوانين التي تحكم القطاع الخاص، فضلا عن توجيه 70 ألفا من المتعاقدين الى صندوق “النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد” في أفق توحيد أنظمة التقاعد وشرعنة التفقير الممنهج للطبقة المتوسطة، بعد الإجهاز النهائي على الصندوق المغربي للتقاعد، والتحضير للإجهاز على الحق في الترقي عن طريق التكوين والشهادات والاختيار، والالتفاف عليه باسم الإنتاجية، ما يعد نقلا لمعايير المقاولة بشكل لا يتناغم والطبيعة التربوية النبيلة لرسالة التعليم. كما نسجل فشل تعدد الكتاب المدرسي، الذي تحول إلى سوق في المزاد دون تغيير حقيقي نحو مضامين نقدية وحداثية وديمقراطية وتنويرية. إن هذه الأوضاع التي يعيشها القطاع بعد فشل الحوارات الاجتماعية مع النقابات المركزية، وتلكؤ وزارة التربية الوطنية في الافراج عن مخرجات الحوار القطاعي، بعد تقديمها التزاما يقضي بعقد اجتماع نهاية 28 دجنبر 2018 تقدم فيه الإجابات النهائية لمختلف الملفات المطلبية العامة والفئوية، فرضت خوض إضراب وحدوي يوم 3 يناير 2019، شهد مشاركة مكثفة واحتجاجات موحدة أعادت الأمل في توحيد مواقف النقابات التعليمية تجاه مختلف الملفات والقضايا التعليمية. السيدات والسادة اسمحوا لنا التطرق للمحاور التالية: 1. الحريات النقابية والحقوق الديمقراطية لنساء ورجال التعليم وأهم مداخلها: * الدستور المغربي يعترف بالنقابات وأدوارها في التأطير والتمثيل ويعترف لها بأنها طرف اجتماعي وشريك؛ * المواثيق الدولية بما فيها وثائق منظمة العمل الدولية التي وقع عليها المغرب ويعترف بها الدستور المغربي، بل ويعتبرها تسمو على القوانين الوطنية؛ ورغم أن حق الاضراب مكفول بنص الدستور، فإن التضييق على هذا الحق الكوني والدستوري هو سيد الموقف، باللجوء إلى أسلوب الترهيب والاقتطاع من أجور المضربين، وإلى الإعفاءات التي تستهدف الأطر التربوية والإدارية. 1. الحوار الاجتماعي: يعرف الحوار الاجتماعي تدميرا ممنهجا لمدة 8 سنوات، وإفراغه من أي محتوى ديمقراطي أو مطلبي، مما يضرب في العمق شروط الاستقرار الاجتماعي، في تجاهل تام لأوضاع الشغيلة التعليمية، التي تعمقت أزمتها جراء تصفية صندوق المقاصة، والتراجعات على مستوى التشريعات في مقدمتها، إقرار التشغيل بالتعاقد، وفرض إصلاح أنظمة التقاعد، وفرض قانون موظفي الأكاديميات، ومراسيم فصل التكوين عن التوظيف والتمديد، ومذكرات التقاعد النسبي، والقانون الاطار 51-17 التراجعي لضرب المجانية وتسليع خدمة التعليم، والتنصل من المصادقة على الاتفاقية 87 الملتزم بها بموجب اتفاق 26 أبريل، والإعفاءات … والتحضير لفرض قوانين تراجعية أخرى تستهدف الحق في الاضراب المكفول دستوريا، والتهيئ لتمرير قانون النقابات المتناقض مع المادة 8 من الدستور من جهة الاختصاص، بهدف تكبيل الحق في الإضراب، وتحويل النقابات من آليات مستقلة إلى وكالات، وتجريدها من المسؤوليات الدستورية. * الملف المطلبي للشغيلة: 1. احترام الحريات والحقوق الديمقرطية: * على رأسها الحق في الاضراب؛ * تنفيذ ما تبقى من اتفاقي 19 و26 أبريل 2011: لتعويض عن المناطق النائية، الدرجة الجديدة، التوقيع على اتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية؛ * سحب التشريعات التراجعية بخصوص اصلاح التقاعد، والتشغيل بالعقدة، وكل المراسيم التراجعية المتعلقة بالتوظيف، خصوصا وأن التشريع من اختصاص البرلمان؛ 1. انصاف كل الفئات وجبر ضررها وخصوصا: * الترقية ابتداء من 2012 للأساتذة المرتبين في السلم 9؛ * شيوخ التعليم ابتداء من 2012؛ * إلغاء قانون موظفي الأكاديميات والقطع مع التشغيل بالعقدة؛ * ترقية كل حاملي الشهادات الماستر الاجازة…؛ * تغيير إطار الدكاترة إلى أستاذ باحث ودمجهم في التعليم العالي والمراكز الجهوية…؛ وفتح تحقيق في التوظيفات بالزبونية والحزبوية؛ * الزيادة في الأجور وتقليص الفوارق في الأجور بين العاملين في قطاع التعليم من جهة ومع القطاعات الأخرى من جهة أخرى، فكيف يمكن تصور الإنصاف كمبدأ مؤسس ومؤطر وفئات عريضة تشعر بالغبن؛ * جبر ضرر كل الفئات المتضررة من نظام الترقي (هناك من ترقى مرة واحدة طيلة حياته المهنية)؛ * انصاف كافة الفئات: الزنزانة 9، والأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، وضحايا النظامين وحاملو الشهادات العليا، والأساتذة المتدربون، والمستبرزون، والملحقون، والمكلفون خارج سلكهم، والمقصيون من خارج السلم، والمساعدون التقنيون والمساعدون الإداريون، والتقنيون، والمبرزون، وأطر التوجيه والتخطيط، والدكاترة، والمهندسون، والمفتشون، والإدارة التربوية، والمتصرفون، والمحررون…؛ * التسريع بنظام أساسي منصف وعادل ومحفز، يحافظ على المكتسبات ويتدارك الثغرات؛ * استرجاع العمل بالمادة 112: 15/6 خصوصا بالنسبة للسلاليم الدنيا. السيدات والسادة، وحيث أن وزارة التربية الوطنية لم تبادر إلى الاستجابة الفعلية لمطالب نساء ورجال التعليم تنفيذا لوعودها وتعهداتها السابقة، واكتفت بدل ذلك بعقد اجتماع ترتيبي مع الكاتب العام للوزارة مرفوق بمدير الموارد البشرية، فإن نقابات التنسيق الثلاثي تفاعلت بإيجاب مع دعوة المركزيتين النقابيتين ك د ش وف د ش للإضراب يوم الأربعاء 20 فبراير 2019، وثمنت قرارهما النضالي الذي يحمل فضلا عن طابعه الاحتجاجي والتضامني مع احتجاجات مختلف الفئات التعليمية، دلالة عميقة من حيث توقيت المعركة الذي يتزامن مع الذكرى الثامنة لانطلاق حركة 20 فبراير: انتفاضة الشعب المغربي ضد الفساد والاستبداد، مطالبا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة الفعلية. هذه الحركة الاحتجاجية الوطنية التي أثمرت اتفاقي 19 و26 أبريل 2011 الذي لا تزال بعض مقتضياتهما معلقة. إننا في التنسيق النقابي، نعلن عن دعمنا الكامل لكل المبادرات الوحدوية النضالية والاحتجاجات المشروعة، التي تجسدها مختلف الفئات التعليمية: الزنزانة 9، والأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، وضحايا النظامين وحاملو الشهادات العليا، والأساتذة المتدربون، والمستبرزون، والملحقون، والمكلفون خارج سلكهم، والمقصيون من خارج السلم، والمساعدون التقنيون والمساعدون الإداريون، والتقنيون، والمبرزون، وأطر التوجيه والتخطيط، والدكاترة، والمهندسون، والمفتشون، والإدارة التربوية، والمتصرفون، والمحررون وكافة الفئات…، ونطالب بالاستجابة الفورية لمطالبهم؛ تأسيسا على ذلك، وأمام هذه المخططات الخطيرة، وانحباس الوضع في القطاع، وغياب إرادة سياسية حقيقية للاستجابة لمطالب الحركة النقابية بمباشرة حوار قطاعي منتج، فإننا في التنسيق النقابي التعليمي الثلاثي: النقابة الوطنية للتعليم CDT والنقابة الوطنية للتعليم FDT والجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي FNE، دعونا الشغيلة التعليمية إلى خوض الإضراب الوطني ليوم الأربعاء 20 فبراير وإلى المشاركة في مسيرة الأربعاء 20 فبراير 2019 الممركزة بالرباط، في إطار برنامج نضالي تصعيدي، ينطلق من محطة الإضراب العام ليوم 20 فبراير 2019، على أن يعلن عن باقي محطات هذا البرنامج في بيانات لاحقة. اننا نعقد اليوم هذه الندوة الصحفية لاطلاعكم ومن خلالكم الرأي العام على واقع المنظومة التعليمية ببلادنا، وعلى برنامجنا لنضالي المرحلي، ونعول على تعاونكم لإيصال الرسالة خدمة للمرسة العمومية المغربية. ختاما نجدد لكم شكرنا على تلبية الدعوة وإلى لقاء قريب.