سابعا أعراض الدلالة: ما هو التشخيص الذي نقوم به لأعراض الدلالة بالنسبة لدلالة عناوين المقاهي باعتبارها تحيل على مدلولات مركبة و على نوايا كل من المؤلف و القارئ و على أفق انتظار رواد المقهى : يظل اسم المقهى متمتعا بكل سلطته على المكان لأنه لطبيعته الاختزالية يحيل على مجموع مكوناته و لا يعرف المكان إلا به، انه علامة خلافية مميزة له عن غيره من الأماكن المعدة لنفس الغرض .. و رغم تعدد المقاهي فإن لكل مقهى رواده الذين تجمعهم علاقة حميمية مع المكان، و رغم أن بعض المقاهي غفل من الاسم أو العلامة أو العنوان، فإن الروادالمعتادين يعرفون المكان بأسماء معلومة و في بعض الأحيان قد يعرفونه باسم غير ماهو مكتوب عليه من علامة .. و بطبيعة الحال فإن اختيار المتلقي الزبون للمقهى لايتحكم فيه فقط الاسم أو عنوان المقهى بل تتحكم فيه عدة اعتبارات أخرى: السعر الخدمة جودة المشروب القرب من محل العمل أو السكنى كونه محلا لاجتماع الأصدقاء لممارسة الكلام أو بعض الألعاب الجماعية تأثيث الفضاء أي الطريقة التي نظم بها المقهى و استجابته لأفق انتظار المتلقي العادة و الحنين أو ألفة المكان حتى تصير للمكان سلطة على الشخص في نوع من نسج الألفة و الحنين مع المكان مدة الاستقبال في الليل أو النهار: مقاهي أربع و عشرين ساعة مثلا.. ما يجلبه من راحة و متعة ليس هذه فقط المعايير الوحيدة في اختيار المقهى المناسب، فقد يدخل في ذلك عدة اعتبارات ذاتية و موضوعية.. لكن لا شك أن عنوان المقهى يدخل بدوره في الاختيار طريقة واعية أو غير واعية ذلك لقدرته و طاقته الإيحائية بمكان و زمان مغايرين ينشدهما المتلقي، و ما يعد به من راحة و متعة متميزة و محتفظة على الأصالة : مقهى الفردوس مقهى الراحة مقهى السندباد …مقهى الزمانية و يظل لاسم المقهى لبعده الاختزالي أهميته الخاصة في الدلالة على المقهى الجيد من حيث السعر و الخدمة و جودة المشروب و طبيعة الرواد و بما أن المتلقي متعدد المشارب مابين ناشد للجديد و منتم إلى الأصالة و التراث يتعدد الدوال أو عناوين المقاهي لتناسب أراء و أذواق المتلقين …. خلاصات عامة : نخلص في ختام هذه الدراسة إلى ما يلي : تحيل أسماء المقاهي على التعدد الثقافي و اللغوي داخل المجتمع المغربي يحيل على الانفتاح على الثقافات الأخرى الفرنسية و الإنجليزية وغيرها … تعبر عن أفق انتظار الإنسان المغربي: الحلم الأوربي الهجرة تشجع على الانفلات الزماني و المكاني تجمع بين الأصالة و المعاصرة و بين معالم التراث المحلي و المرجعية العالمية تعمل على لطفنة الواقع النفسي و الاجتماعي و جعله محتملا تحقيق أماني المتلقين و رغباتهم و مواكبة استيهاماتهم تشجع على استبعاد عوامل الإحباط الفردي و الجماعي على اعتبار أن الإحباط هو : 16 تساعد على التفريغ و التنفيس على اعتبار أن هذا الأخير هو : عبارة عن تفريغ الشحنة العاطفية ذات الطبيعة المؤلمة، من خلال وضعية تثار فيها الوجدانات لدرجة تزول معها الضوابط الواعية ، في حالة من المشاركة الوجدانية بين الشخص الذي يعاني و آخرين يتعاطفون معه . و التفريج يعقبه عادة ارتياح عام و عودة السكينة إلى النفس التي تنقاد للتعبير عن المعاناة أو المأساة بحرية تسمح بتصريف كل التوتر المتراكم . والمشاركة الوجدانية في حالات الحزن و النوائب كالموت مثلا لها قيمة تفريجية .. 17 ترتبط المقهى إذن بالحالة النفسية للمتلقي و تحاول أن تجعله يتحمل الإحباط الذي قد يشعر به و تحاول أن تمارس التطهير عليه عندما توفر له فضاء مغايرا ينقذه من الفضاء الرتيب الذي قد يعيش فيه، وذلك من خلال بلاغة المقهى أو تفننها في نسج ديكورات و فضاءات الحلم الجميل .. إنها فضاءات تشتغل كمتنفس اجتماعي و نفسي يعمل على نقل المتلقي لنسيان مشاكله و تفريغ معاناته الوجدانية و العاطفية و هذا يتطابق مع قوانين التصريف و التفريغ .. هكذا تلعب المقاهي دورا هاما في تحقيق و نشر اليوطوبيا الاجتماعية لأن اليوطوبيا هي تلك النقلة الزمانية و المكانية إلى الحلم بحيث : الهوامش 1 هوميروس : الأوديسا ترجمة دريني خشبة، دار العودة ، بيروت 1980، ص: 50. 2_ – PIRE (IF):José Corti 1967 p:17. 3° Malik chebel : " dictionnaire des symboles musulmans "p: 325 4° ………………….p:314 5° ………………….p:179 6° Malik chebel : " dictionnaire des symboles musulmans "p:221 7° -Contes et légendes du Maroc ,p:10. 8° ملحمة جلجامش ، ص 222 9° الشوك علي الأساطير و المعتقدات . 10 الشوك علي : نفس المرجع المذكور .ص:72 . 11 – ILIADE (M):Gallimard ,1957,p:78. 12 محمد فخرالدين : البنية السردية و المتخيل في الحكاية الشعبية المغربية أطروحة لنيل دكتوراه الدولة تحت إشراف د محمد السرغيني كلية الآداب مراكش 2001 13- -ILIADE (M):Gallimard,1965,p:80. 14- -ILIADE(M) :,p:12. 15 عبد الفتاح كيليطو : الأدب و الغرابة دار الطليعة، بيروت ، الطبعة الثانية ،1983 ص: 107. 16 مصطفى حجازي : التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور المركز الثقافي العربي الطبعة 8 ، ص 234 17 نفس المرجع ، ص :241 18 ريكور بول : مجلة الجدل العدد 7 .1987 ، ص:22 .