يعاني التعليم والمدرسة من اختلالات كبرى,وضعته الدولة في صدراة أولوياتها الوطنية ... وهي معاناة ساحقة يتم التستر عنها, يستغل فيها جيش من جنود الخفاء في الجبال البيضاء,والفيافي البعيدة عن العالم,يعيشون في ظروف شبيهة بالمعتقلات السرية قديما, لا وجود للماء, و الكهرباء و الطرق ووسائل المواصلات و اتصال و سكن في المستوى المرضي,و آلام ومآسي الغربة, وعزلة عن العالم والحضارة , إنها سنوات رصاص تربوية محفورة الأثر في القلوب, ومندملة الجوارح لن تبيد أبدا... و أمام كل هذه المعاناة التلميذ هو الضحية, بسبب الفقر و أمية الآباء و الحرمان من أدنى شروط العيش و الحياة,و من وسائل العولمة,والإهمال و التهميش و الإقصاء : العيش في أدنى الشروط الصحية و السلامة, وعدم توفر البنيات التحتية, منازل بلا كهرباء, لا ماء, لا مستوصف.. مسالك وعرة لا يشكلها الا الدواب بين الفجاج و الوديان, وكثافة الأشجار وتواجد الحيوانات.. بعد المسافة إلى المدرسة, بعد كوب وسيلة نقل أو وسيلتين, وقطع مسافات طويلة لساعات مشيا قبل الوصول إلى المدرسة... البعد عن بيت الزوجية لأيام و شهور... وانقطاع الاتصال إلى حين العودة... تعرض نساء التعليم لحالات العنف و الاعتداء ... اقتناء ملابس خاصة بالجبل,و إعداد العدة للظروف الصعبة عند تساقط الثلوج... حصار الثلوج... تلاميذ بلا دواء, وانتشار الأمراض بسبب البرد ... هي معاناة أليمة , وكابوسا حقيقيا معيشيا لأسرة التعليم الابتدائي المجندين في تلك المناطق النائية, و لا يبدو لهم بصيص الأمل الا عند اقتراب العطلة التي يعدونها بالدقائق,لينعموا براحة بال مع ذويهم, وسرد حكاياتهم في المنفى الجميلة و المؤلمة... معلقين آمالهم للعودة إلى لحياة الطبيعية المألوفة لديهم, وإلى دفء الأسرة, وإلى الحضارة, وأخذ جرعة من حياة و نفس عيش كريم بعيدا عن المعتقل و المحبس المتحملين من أجل العيش... هو تعب مضني, وعذاب أليم...هو تعب من جلب الماء, من المنفى, من الظلم و الحرمان,من فتيل الشموع, من خطر الحشرات, من حجرات مرممة آيلة للسقوط,من مصاريف النقل, من التناسي و التجاهل للأوضاع المزرية,من الاعتداءات ,من السخرية و الاستهزاءات إحدى الأستاذات قالت أنها سمعت احد رجال الدوار الذي تعمل فيه قال: واش ماعند والديهم مايكلو أو ما يصرفوا حتى صفتو بناتهم لهاد الخلوات ما خايفينش عليهم ... إنه تعب من غسل الملابس بدل الآلة, من الاستحمام بسطل بدل (الرشاشة), تعب من عد الطماطم و البطاطس و البصل التي تكفي لأسبوع, من البرد و العواصف,من انتظار من طارق الباب يحمل في يده خبزة و (بيدو )به ماء, من حصار الثلوج,من الطقس السيبيري,من الملابس الثقيلة, من القطرة, من غياب وسائل التدفئة,من المسافات الطويلة إلى البقاع الأخرى, من كثرة شراء الأحذية, من العقارب و الأفاعي, من جفاف الأوردة بالخوف, من التيه في الحقول,من صرخات داخلية تتقاذفها فجوات الصدر, من الكفاح, من الجهاد... يؤكد ( ن ,أ ) أستاذ بفرعية تينفلت أن" كل من يعمل في المناطق النائية بجبال إقليمأزيلال يعاني مشاكل كثيرة لا حصر لها, من ايت محمد انطلق في سيارة ترانزيت خمس كيلومترات, بعدها أمشي ساعة و نصف على الأقدام الى المدرسة,حيث لا ضوء ولا ماء, و ست مستويات في الفصل,وما يمكن تسجيله هو غياب التلاميذ في أوقات تهاطل الأمطار و تساقط الثلوج,وتغيبهم لمساعدة والديهم في الحقول و الرعي , يرسلون أبناءهم بحكم استفادتهم من برنامج تيسير...ناهيك عن المعاناة الشديدة عند تساقط الثلوج..." أمام هذه المآسي والمعاناة الصعبة, يجب اتخاذ التدابير اللازمة من أجل إنقاذهم من محنتهم, من خلال إصلاح التعليم والمدارس و توفير التدفئة و الماء الصالح للشرب, و مزيدا من السكن الوظيفي, وتوفير الشروط و الفضاء الملائمين للتحصيل المدرسي... كيف سيتم تكوين مواطني الغد متشبعين بقيم الحرية و المساواة في ظروف جد قاسية؟و إلى متى سيعاني الجنود غير المسلحين الا بعزائمهم و أقلامهم و حقائبهم ومعارفهم و كسكروطهم في حقيبة على ظهورهم هذه المعاناة؟؟و متى يستحقق مطلب التعويض عن المناطق النائية و البعيدة؟و هل لإقليمأزيلال نصيب من الميزانية المخصصة لتنمية المناطق الجبلية؟؟..