في الدول الديمقراطية كلما وقعت بها أزمة حكومية أو سياسية أو أزمة اقتصادية ، تقدم الحكومة استقالتها و يتم اإعلان عن انتخابات سابقة لأوانها. و الهدف من تلك الانتخابات هو إشراك الشعب في الاختيارات المناسبة للخروج من الأزمة و كذلك جعل الشعب في قلب الاهتمام حتى يعيش الحدث من أجل التجاوز و أيضا من أجل اختيار البرنامج المناسب للمرحلة و الكفاءات البشرية المناسبة لتطبيق ذلك البرنامج بالاقتراع النزيه و الحر. و هذا ما جعل هذه الدول تتقدم و تتقوى و تحصن نفسها من أي اعتداء أو اختراق من الداخل او من الخارج ، و تضمن التكافل الشعبي الحق في الأزمات الحادة مثل ما وقع في اليابان بعد "الزلزال تسوماني " حيث كان الشعب في الموعد من أجل المحافظة على قوة اليابان اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا . لكن الدول التي لا علاقة لها بالديمقراطية و لا بالنزاهة الانتخابية ، إلا الخير و الإحسان كالمغرب ، تلجأ إلى عملية الترميم أي "البريكولاج" الحكومي بالبحث عن قطاع الغيار المناسب من الأحزاب القابلة للعبة أو التي تنظر دورها لتكون قطاع غيار مناسبا دون أي اعتبار للشعب و لا حتى للكتلة الناخبة رغم نسبتها التي دون 50 °/°) . و هذا سلوك لا يخدم إلا الاستبداد و من ورائه التخلف الذي نعيشه و التبعية لسياسة الصناديق الإمبريالية التي لا تخدم إلا الاستعمار الجديد للشعوب عبر حكوماتها. فما قام به بن كيران ،رئيس الحكومة "المتأسلمة " من إجراء لما انسحب منها حزب الاستقلال ،لأسباب غير مقنعة على المستوى السياسي ، تاركا ورائه ازمة حكومية بالبحث عن قطاع الغيار المناسب لمحرك الحكومة الذي توقف في العقبة بعد انتهاء صلاحية " غيار حزب الاستقلال " هو سلوك يكشف عن الأزمة الديمقراطية التي دخل فيها المغرب و لم يستطع الخروج منها و لن يخرج منها لغياب الإرادة السياسية لدى النظام و أحزابه . إن لجوء بن كيران إلى حزب الأحرار الحمامة الذي كان بالأمس القريب العدو رقم 1 للحزب المصباح ، رغم الفرق الذي قد يلاحظه البعض بين المصباح و الحمامة من حيث المرجعية ، لكنهما إخوة من الرضاعة المخزنية ، هو ما يعني أن رئيس الحكومة لم تعد تهمه البرامج و لا مصلحة الوطن كما ظل يدعي ، و لا تلك العداوة التي ظل يكنها لكل الأحزاب خارج حكومته ، و لكن ما يهمه هو نوع القطاع الذي سيرمم به محرك حكومته حتى تنطلق من جديد في التعسف على هذا الشعب حتى و إن كان هذا القطاع صينيا أو إسرائيليا .و هو ما يفسر مدى الاستبداد السياسي و الضحك على الشعب و حتى على الأحزاب التي تدعي أنها معارضة برلمانية ، التي كان عليها منطقيا أن تلجأ إلى ملتمس الرقابة لإعادة الثقة للمشهد السياسي و رد الاعتبار لهذا الشعب الذي فقد كل شيء حتى الكرامة الإنسانية في ظل حكومة لا تعمل إلا على "البريكولاج " السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي . البدالي صافي الدين