يؤسفني كثيرا أن أنتقذ من خلال زاويتي بعض " اللاجئين " لمهنة المتاعب من أجل كسب صفة " صحافي " حتى يتسنى له العبور من العطالة والبطالة إلى حامل القلم والمداد والورق وكثير منهم جالسون على كرسي أمام الحاسوب جاهدين في النسخ واللصق وحاذقين في النشر مستغلين عرق الصحافيين المهنيين ووكالات الأنباء دون حمرة الخجل . إنهم رويبضة المجال الصحافي الذين أمطرهم الواقع القانوني والإقتصادي , حيث أصبحت مهنة المتاعب مهنة لمن لا مهنة له فرضتها قوانين الحريات العامة التي سمحت لكل مواطن الحق في الإعلام وإصدار جريدة (...) وكذلك في ضيق التوظيف وأزمة التشغيل . فباستثناء جميع المهن نجد الميدان الصحفي هو الوحيد الذي يستقبل الخريج من المعاهد العليا للصحافة والاعلام ويستقبل في نفس الوقت الجاهل والأمي باسم حرية الرأي والتعبير ويالها من مقاربة وقيمة مضافة . أليس في الأمر تبخيسا لهذه المهنة التي من المفروض أن يكون أصحابها في مستوى ثقافي وتعليمي جيد ؟ أليس من العار أن نجد مديرا لجريدة بائع دجاج ليس له شهادة ابتدائية ويحضر في ندوة أو مناظرة أو متابعة أشغال البرلمان ؟ وكثيرة هي الوجوه التي بدت تظهر اليوم حاملة البطاقة المهنية لكونها منحت تزكية من قبل جرائد ومنابر مغربية لا تقرأ ولا تباع وكما توزع في سوق المبيعات تعود بنفس الكمية إلى المطاحن (...) أما الذين يشتغلون على مواقع إلكترونية ونصبوا أنفسهم " صحافة " فعددهم كثير لكونهم لا يخضعون لقوانين وتراخيص وأنهم محظوظون من خلال الشبكة العنكبوثية التي وفرت لهم الأجواء حتى تمكنوا من نسخ مقالات الغير ولصقها على صفحات منابرهم وإعادة نقل الأخبار المصورة - التي اشتغل عليها طاقم تقني تلفزيوني مهني - على شكل فيديو مع إضافة إسم أو لوغو الموقع الإلكتروني دون الخجل والإستحياء . وكثيرا ما يضربون على الوتر الحساس للمواطن من أجل استقطابه وجعله مشاركا بالرأي من خلال صندوق الردود أو التعليقات التي لايعرف القارئ أهميتها لدى أصحاب الموقع من امتيازات !!!! وتبقى المواقع الإلكترونية القليل منها جادة وملتزمة لكون أصحابها مهنيون قدموا إليها من الصحافة الورقية ومشهود لهم بالمهنية والمصداقية ومع كامل الأسف هم على رؤوس الأصابع . فالمنابر الإلكترونية التي عرفت شهرة واسعة كان الفضل لأقلام ساهمت بكتاباتها الجادة وانتقاذاتها الجريئة والموضوعية اعتاد عليها القارئ وبدا يترقبها كل يوم حتى أصبح مدمنا على دخول الموقع ومعرفته بأقلام جديدة في نفس مستوى الكتابة وطرح المواضيع الآنية ومناقشتها لكن من المؤسف له أن أصحاب المواقع لا يرغبون في مقالات مؤدى عنها رغم أن مداخيلهم الإشهارية عرفت رواجا كبيرا جعل حساباتهم البنكية تعرف أرباحا طائلة فاختاروا عوض المقالات الصحفية , الكتابات الأكاديمية والجامعية والبحوث - مداد الحدود - خاصة أن هؤلاء هم مسرورون بنشر إبداعهم دون مقابل وتكتفي هذه المنشآت الإلكترونية بدفع الرواتب للتقنيين ومجلس الإدراة . فبعد الشهرة والترقب للمستجدات كان من الظروري الإستغناء عن الأقلام الصحفية المهنية وهذا هو عيبنا , فكلما دارت عجلة الربح فإنها تسحق الأجير . يكتبها : حسن أبوعقيل - صحفي [email protected]