كثيرون هم الذين يتخذون بعض الكلمات بمفاهيم مغلوطة ، و موازين مختلة، و ذلك لتحقيق غاياتهم، و الوصول إلى مآربهم، فلعل أكثر هذه الكلمات تداولا في الساحة الدولية كلمة الانفتاح، كلمة تستعمل بمفاهيم شتى، و معان جمة، و كل له نظرة خاصة تختلف باختلاف الأجناس و الثقافات، و تتعدد بتعدد الآراء و القراءات، و تتميز باختلاف زوايا النظر، فنظرة الغرب إلى الانفتاح تختلف عن نظرة العرب عموما باعتبارهم في خانة واحدة و زاوية واحدة تمكنهم من رؤية وحيدة خاصة لذا فئة الشباب، فالغرب يرى في الانفتاح مجموعة من الآليات تمكنه من دراسة الآخر دراسة معمقة تساعده على معرفة كل حيثيات و تفاصيل حياته، مع الإبقاء على مبادئه الرئيسة، دون تبديل أو تغيير، كما أنه يحاول بشتى الوسائل و السبل المتاحة له تغيير الآخر و صنعه كيف يشاء حتى تخلو له ساحة التميز و الإبداع فيكون هو البطل بلا منازع في كل الميادين الأساسية، و الحقول المعرفية، و بذلك يسهل التحكم في العالم، و تخديره بملذات زائلة سرعان ما تتلاشى، فيجد الإنسان نفسه عاجزا تماما عن مجاراة الغرب، فاقدا قواه العقلية الإبداعية فيتحسر و يندم، فلا ينفعه ذلك إلا أن يزيده عجزا و جبنا، فتجده يجد في مدح الغرب و يثني عليه بكل ما علم و ما لم يعلم، فأصبحت ترى كل حلاف يحلف أن الغرب جنة، و أن أوطاننا مجرد قيعان لا تنفع و قد تضر. لقد رب الغرب شبابنا على فتات ثقافته و جبله على زوائد جوهره فأعمى أبصارهم، و أصم آذانهم، و جهزهم بالانفتاح كجواب جاهز يحظر عقول الشباب كلما نصح لهم ناصح. و بذلك استمر الغرب في استعمار الشعوب النامية استعمارا ثقافيا بأشكال ذكية، دون اللجوء إلى العنف و القوة، فصاروا أتباعا بعدما كانوا متبوعين، بل تجد بعض أبناء هذه الأمة يحاولون تغيير ثوابتها و تبديل مبادئها مع العلم أنهم عاشوا على ما عاش عليه أجدادهم من الثقافة الفريدة و الإيديولوجية الإسلامية الحقة. انتشر العري باسم الانفتاح، و تلاشى الصدق، باسم الذكاء، و ساد الظلم و البغي تحت دريعة الحماية، و عم البغض و كثر الكذب و الخيانة وضيعت الأمانة و ذهبت الأخلاق و حل المال محلها. فمتى كان المال حاكما في ثقافتنا و متى صار الكذب شعارا لنا، متى كان فقدان العذرية شرفا للمرأة، تتباهى بذلك أمام صديقاتها دون حياء و دون خجل، تحسب ذلك يؤهلها لمعاشرة أكبر عدد من الشبان لتصير معشوقة الجميع ناسية أو متناسية أنما تعاشر الزناة و الفساق، وأنها محبوبة الفجار و الطغاة, و هيهات بين فاجر طاغ و بين عبد خاضع مطيع لربه,. لقد أضحى الانفتاح موضة تكرس نموذجا للإنسان المقلد, و صار مثالا للأجيال الفاشلة التي تسعى للظهور بحلة الناجحين, و بذلك خرج عن مساره التوعوي البناء, الذي يؤصل لثقافة الرقي و المعرفة, حتى بلغ الانفتاح في نفوس الشعوب مبلغا عظيما, فاستحال عادة تربى عليها الأجيال و طقسا من تشريفات القرن الواحد و العشرين يتبناه العقلاء على حد زعمهم