أعتقد وبالله التّوفيق أنّ موضوعة الإمام المهديّ أسطرة لميراث النّبوّة الذي اغتصب من قبل الملك العضوض والذي ظلّ كامنا في النّفوس المعبّر عنها رمزيّا في الأسطورة بالسّرداب، فالإمام المهديّ هو ذلك الحبّ الذي يحمله بين جوانحه كلّ مسلم اتّجاه الآل الأطهار والصّحب الأبرار، وهو في نفس الوقت تلك الرّغبة في الصّعود إلى عصر النّبوّة للنّهل من معينها الصّافي الذي لم تلحقه لوثة الكلام ولا تعصّب التّحزّب المذهبيّ، إنّ هذا الحبّ المستنير بنور العلم والمعرفة، المستضيء بفقه السّيرة وعلوم اللّغة والتّفسير، المستهدي بالتّأمّل في معاني الوحي التي يشملها القرآن الكريم بوصفه الكتاب المسطور وفي حقائق الخلق التي يشملها الكون بوصفه الكتاب المنظور إنّ ذاك الحبّ هو الإمام المهديّ الذي إذا أظهره الله دفع الأمّة إلى الخروج عن خرس الشّياطين، والانقلاب على بله المغفّلين، والثّورة على مكر الماكرين، والإطاحة بعروش الظّالمين، وإقامة دولة الحقّ والعدل التي تتّسع دونما ميز لأبنائها أجمعين، إنّ السّرداب هو الأمّيّة والفقر، وهو التّخلّف والجهل والجهالة، وسوء الخلق والعمالة، وهو الدّسائس التي يصنع الماكرون أشرا وبطرا وهي بطبيعتها دسائس من ألف ألف لون، لن يخرج الإمام المهديّ إذا لم نرد له الخروج، إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل ولكي يخرج لا بد من أن تستعيد الأمّة الميراث المشار إليه في قوله تعالى: "ثمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ، ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ" ذلك أنّه متى ما تمّ وضع برنامج للتّنميّة الشّاملة والمندمجة قيد التّنفيذ الجدّيّ على نحو يقضي على الأمّيّة والجهل وجميع مظاهر التّخلّف السّائدة، فإنّه عندئذ سيخرج الإمام عجّل الله فرجه الشّريف لتستعيد الأمّة هيبتها ووحدتها ووسطيّتها وأهليتها لقيادة الأمم والشّهادة على العالمين