لن نستهل مقالنا هذا باجترار التاريخ فلطالما سمعنا وقرأنا عن تأسيس مدينة دمنات التي كانت تحتل مكانة مرموقة في القرن كذا وكذا إن هذا الكلام عفى عنه الزمان وأكل عليه الدهر وشرب ، فما ابعد اليوم عن البارحة فاليوم أصبحت مدينة دمنات بلا مدينة، بل مجرد رقعة جغرافية تعاني من الكثير من المشاكل خاصة الاجتماعية. فالتاريخ لا يفتح دواوينه إلا للأحداث و الأخبار والحالات التي لها القدرة على خبطه وهتك أبعاده، و تبقى الآثار العمرانية شاهدة على ما مر من حقب وأحداث. فأسوار دمنات تحتضر وأبوابها تعاقر الازبال، بعدما كانت تمنع الأذى عمن كان يحتمي بأسوارها وقصورها ... تعاني الحرمان رغم بعض الترميم البسيط فقصر الكلاوي مثلا لم يبق منه إلا الذكرى ... أطلال ساخطة على سطوة التاريخ. أما قصر المولى هشام فرغم انه مازال ينتظر الفرصة الأخيرة لانقاد ما يمكن انقاده فان الدواب المريضة والبشر التائهين يتلذذون بتعذيبه . ونفي التاريخ فالتاريخ بدأ يهجر دمنات كما هجرت اللقالق أسوارها . اذا كانت للمدينة رؤية هندسية من ناحية وعمرانا يحقق هذه الرؤية من ناحية ثانية ، فهل الرؤية الهندسية لمدينة دمنات اليوم تستجيب حقا لما يميله أو يفترضه مكانها الطبيعي ... فحالة المدينة تجيب بالنفي فالنموذج المهيمن هو نموذج العبث واستنساخ الدور والمنازل وتحكيم الأهواء والنزوات لا الإستراتجية العمرانية .... شوارع تجسد فسيفساء التضاريس الجغرافية حيث الهضاب والسهول والجبال والحفر كذلك . ولتجاوز ذلك سعى البعض مشكورا إلى مد جسور التواصل بين الجمعيات لكن رغم تشخيص الداء واقتراح الدواء فدار لقمان مازالت على حالها حيث ننتظر أن تترجم الأقوال إلى أفعال حتى نخلع عباءة الحزن والبؤس عن المدينة . وأخيرا نشير إلى أننا لان هدف من وراء كتابة هذا المقال إلى رسم صورة قاتمة للمدينة وإنما نطمح إلى أن تكون دمنات مدينة حقا وليس مجرد اسم تاريخي تلوكه الألسن كما نطمح إلى أن تكون كما أراد شعار"المغرب أجمل بلد في العالم" مروان عابيد/مراسل وكاتب صحفي [email protected]