الفهرس : - مقدمة - التغيير يجب أن يمس المضمون لا الشكل - تساؤلات لا بد منها - عفوا هل نحن في المغرب ؟ - خاتمة. مقدمة : كثر في هذه الأيام الحديث داخل حكومة "الإنقاذ الوطني" الثانية عن إجراءات لا بد منها، من أجل كشف و فضح مجموعة من المفسدين و ناهبي المال العام . فهذا وزير النقل يتحدث عن لائحة تكشف عن أسماء المستفيدين من " الكريمات" و هذا وزير التعليم يتحدث أيضا عن لائحة بأسماء أشخاص متورطين في تبذير أموال الوزارة في السفريات و " الزرود" و كأن الكشف عن المفسدين و ناهبي المال العام هو الحل لما يعيشه المغاربة من فقر و حرمان و ما يمارس عليهم من ظلم و قمع و استبداد ، و كأن التغيير المرتقب و المنشود هو تغيير أشخاص بأشخاص آخرين . التغيير يجب أن يمس المضمون لا الشكل يا أيها الناس إن التغيير الحقيقي يجب أن يمس جوهر الظلم و الفساد الذي هو القوانين و المؤسسات الفاسدة و التي بنيت و وضعت و تمت صياغتها من أجل تحقيق هدف واحد، هو إفساد كل من يعمل بداخلها – حتى و إن كان في البداية نزيها – و ليس التركيز على شكل الفساد و نتائجه ، فالأشخاص المفسدون هم نتائج لنظام قائم فاسد مفسد و ليس سببا له ، نظام أفسدهم حتى يضمن ولائهم و طاعتهم و يسهل انقيادهم له . و إلا فالشرفاء و النزهاء في هذا الوطن كثر ، لكن مؤسسات المخزن و قوانينه لا تضمن لهم مكانة، بل تعمل على إقصائهم و تهميشهم حتى يبقى المخزن دائما هو النزيه والفاضل الوحيد و الأوحد . تساؤلات لا بد منها دعونا نتساءل: هل يمكن لحكومة لم تستطع حتى أن تكشف للمغاربة عن الراتب الشهري لمدرب المنتخب الوطني الذي أصبح سرا من أسرار الدولة ، أن تكشف عن أسرار الفساد و المفسدين ؟ أيمكن لحكومة ليست لها سلطة القرار حتى على كرة القدم كرياضة ، أن تكون لها سلطة القرار في الكشف عن أسرار الفساد و أسماء المفسدين و ناهبي المال العام؟ وعمري إنه لضحك على الذقون و استخفاف بعقول المغاربة ، إنه محاولة من المخزن للتأكيد على أن البلاد تتغير و أن زمن الكشف عن المستور و فضح الأسرار قد حان، و أن زمن النهب و الفساد قد ولى ، لعل الناس تأمل خيرا في المستقبل و لعل المخزن يضمن لنفسه مزيدا من الوقت . عفوا هل نحن في المغرب ؟ إن دار لقمان لازالت على حالها و إذا كان هناك فضح يمكن أن نتكلم عنه، فهو ما يقوم به الواقع المليء بالمعضلات و الويلات و الذي على أسواره تتحطم جميع الشعارات التي يرفعها المخزن. الفضح الحقيقي هو ما قامت به وسائل الإعلام الوطنية و هي تقوم بتغطية ما سمته " بتوزيع المساعدات " التي تقدمها الدولة لساكنة المناطق الجبلية النائية في نواحي كل من مدينة خنيفرة و أزيلال ، حيث تعيش الساكنة – خاصة في فصل الشتاء – عزلة و هشاشة اجتماعية كبيرة، فقر و أمية و مرض و غياب المواصلات و المسالك الطرقية ، حيث يعيش الناس شهورا طوال ينتظرون ذوبان الثلوج حتى يستطيع الواحد منهم ملء قنينة غاز أو اقتناء دواء لأحد أطفاله. عفوا أيها الأفاضل هل نحن في المغرب؟ حيث "الترامواي" و الأسواق التجارية المكيفة؟ والأدهى والأمر هو أن تسمى حقوق المغاربة على بلدهم، وواجب الدولة تجاه مواطنيها "مساعدات" و كأن هؤلاء السكان هم لاجئون ، و كأن ما يتم تقديمه لهم – على هزالته – ليس من حقهم بل هو إحسان من الدولة تجاههم ، أهناك فضح أكثر من هذا ؟ و الذي -و الحمد لله- سخرت الدولة جميع إمكانياتها حتى تكشفه ، أهناك إقصاء أكثر من هذا؟ حيث يعيش الناس الفقر و الحرمان و العزلة؟ يا من يريدون أن يكشفوا عن لوائح بأسماء مفسدين أتستطيعون فك العزلة عن المحرومين و إنصاف المظلومين؟ فهم لا يريدون أكثر من طريق معبدة و ماء و كهرباء ، أكثر من وطن يضمن لهم كرامتهم و عزتهم . خاتمة لله در أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه و أرضاه، رمز الحق و العدل و المساواة ، حيث قال : (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر) نعم يا من كانت تهابه الملائكة، تخشى الله في عثرة بغلة، فكيف في فقر و حرمان و عزلة إنسان مسلم مؤمن حرمته عند الله أعظم من حرمة الكعبة المشرفة. نسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا على أثر هؤلاء الرجال حتى نكون كما كانوا صادقين ذاكرين ، رهبانا بالليل فرسانا بالنهار، إنه سميع عليم و الحمد لله رب العالمين . بقلم : زهير بن الطالبة