من منا لايحلم بخلق مقاولته الخاصة ويصبح سيد نفسه وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة في مكان عمله ؟ الفقراء ايضا يحلمون بذلك ، ومشوار الآلف ميل لتحقيق حلم هؤلاء الفقراء يبتدئ بالمؤسسات المهتمة بتقديم القروض الصغرى والتي انتشرت في السنوات الأخيرة وبشكل كبير ،هذه القروض ومع صغرها الا أنها استطاعت مساعدة مجموعة من الفقراء وإدماجهم في سوق الشغل وتحقيق دخل مادي محترم ، حيث تمثل هذه القروض إحدى الوسائل الاقتصادية لمساعدة الفقراء غير القادرين على الحصول على دعم مادي من الجهات المختصة كالبنوك بسبب عدم وجود ضمان ، وذلك للقيام بمشروعات تدر عليهم دخلا يساعدهم على تحسين أوضاعهم المالية، إذ تشكل النساء 80 في المائة من المستفيدين من هذه القروض بهدف إنشاء مشاريع تجارية متناهية الصغر تضمن لهن دخلا يساعدهن في الخروج من دائرة الفقر والبؤس والحرمان ، ويرجع سبب استفادة المرأة بصورة خاصة من هذه القروض إلى افتراض بعض المنظمات الغربية بان المرأة قادرة على الاقتراض والوفاء بالدين أكثر من الرجل ،حيث أن نسبة الفائدة تتراوح بين 1.5 في المائة و15 في المائة، لكن بعض المنظمات الإسلامية تسترد فقط القروض دون رسوم الخدمة ، وإنما تاخد مجرد مصاريف إدارية في حدود لاتتجاوز 2 في المائة ، أما في المغرب ، تبدءا قيمة القروض من 4 ألاف إلى 50 ألف درهم ، إلا أن نسبة الفائدة فهي غير محددة السقف ، مما يفتح أبواب المنافسة أمام مؤسسات القروض الصغرى التي تتسابق في نفس الوقت من اجل توسيع قاعدة زبنائها ورفع قيمة أرباحها وتستهدف معظم برامج القروض تحسين مستوى الدخل للفقراء، وتخفيف معاناتهم الاجتماعية والصحية والتعليمية ، إذ يعتبر النقص في رأس المال سببا رئيسيا لعدم القدرة على الإنتاج والحصول على عمل حر يدر د الدخل ، ومن ثم الدخول في دائرة مفرغة من الفقر والحرمان والبؤس. هناك مؤسسات مغربية تنشط في ميدان القروض الصغرى ، كجمعية الأمانة ومؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى ، وتساهم في تمويلها مؤسسات مغربية كصندوق الحسن الثاني للتضامن ومؤسسة محمد الخامس لتمويل مشاريع القروض الصغرى بالمغرب ، وأيضا جهات دولية كالبنك الأوربي للاستثمار، وتستهدف هذه المؤسسات المناطق النائية حيث لاتوجد البنيات التحتية ولا الموارد المالية ، وغياب الخدمات الاجتماعية ، لتحسين أوضاع ساكنتها ، ومحاربة الفقر ومساعدة المستفيدين من هذه القروض على خلق مشاريع مدرة للدخل ، بالموازاة مع تكوينيهم في المجالات المزمع الاستثمار فيها ، ولا يمنح القرض الا بعد أن يقدم الشخص طلبا للمشروع الذي يريد تنفيذه مقابل المبلغ المطلوب اقتراضه ، ويقوم ممثل المنظمة من خلال المجموعة ببحث جدوى المشروع وإمكانية أن يحقق ربحا لصاحبه. قصص للمستفيدات حققنا نجاحا من القروض الصغرى ، الحاجة خديجة التي تخطت عقدها الرابع ،وتعيل أربعة أفراد من أسرتها بعد وفاة زوجها ،تقول " مكنني القرض الذي اخدته في المرة الأولى من شراء ماكينة خياطة بعدما كنت أتعلم الخياطة والطرز في إحدى الجمعيات العاملة في مجال الخياطة ومحاربة الأمية فكان القرض بمثابة طوق نجاة استطعت به إعالة نفسي وأسرتي بل وتشغيل بناتي كما تساعدني زوجة ابني ليكون كل فرد في العائلة منتجا "وبعدما بدأت منتجات الحاجة خديجة في الانتشار اتجهت مرة أخرى للمؤسسة المقرضة كي تقوم بتجديد قرضها لتوسيع نشاطها ، ونظرا لمثابرتها والتزامها حصلت على قرضها الثاني والثالث حتى وصلت قيمة القرض الذي استفادت منه مؤخرا إلى 50 ألف درهم ،فقامت باستئجار محل وجلب ماكينات خياطة أخرى لتصبح بعد مرور سنوات قليلة صاحبة محل خياطة يشغل أزيد من 6 عاملات وتقول : مع التوسع الأخير لنشاطي قمت بتوظيف ثلاثة نساء إلى جانب ابنتاي وزوجة ابني لكي أتمكن من الوفاء بطلبات الزبائن والفضل كله يرجع لله سبحانه وتعالى والى مؤسسة القرض التي وثقت بي وأقرضتني بدون ضمان . أما زهرة 31 عاما تعيل 5 من أفرادها من أسرتها ،وهي حاصلة على شهادة الثانوي وغير متزوجة ،تقول : بعد انقطاعي من الدراسة لمدة طويلة بسبب مشاكل مالية عانت منها أسرتي بوفاة والدي،بدأت بالتفكير في مشروع قليل التكلفة ومدر للدخل لكي استطيع إعالة من اعو لهم فخطر لي أن أقوم بالتجارة لم يكن سهلا ،في البداية كانت هي الجزء الأكثر صعوبة وبفضل الحصول على قرض من مؤسسة القروض الصغرى استطعت توسيع تجارتي واقتناء مجموعة من البضائع والأواني المنزلية وبيعها للزبائن الذين يكثرون يوما بعد يوم ،وألان أصبحت أساهم في مصاريف البيت خاصة واني الأخت الكبرى لأشقائي العاطلين عن العمل .والحمد لله قمت بسداد القرض قبل الموعد المتفق عليه ،وحصلت على قرض آخر لتوسيع تجارتي . حبيبة أم لطفلين وزوجة لرجل أصيب بإعاقة جسدية جعلته يترك عمله ،فأصبحت تمتهن تجارة بيع مستحضرات التجميل النسائية والحلي والإكسسوارات بعد ان استفادة من القرض ،ترى أن مشكلتها مع مؤسسة القروض تتجلى بالأساس في كون تعاملها مع زبائنها يجعل من الصعب عليها تسديد أقساط الدين . لان غالبية زبنائها يقومون بتسديد الثمن بالتقسيط شهريا أما المؤسسة فتطلب منها سداد قيمة القرض أسبوعيا وتضيف " ومع تطور تجارتي أصبح زبنائي وخاصة من الميسورين يطلبون مني جلب بعض البضائع والسلع الغالية الثمن إلا أن قيمة القرض الحالية لأتسمح لي بالإيفاء بطلبات زبنائي.لذا اطلب من المؤسسة أن تواكب مشروعي وتقوم بتمويله بشكل أفضل ،كما أتمنى أن تجعل فترة السداد شهرية وليست أسبوعية ".