تجسيدا لدولة الحق و القانون و سيرا على النهج الديمقراطي و تقوية الاشعاع الحضاري، مسلك الحكمة و بعد النظر لجعل الاسرة المغربية قائمة على المسؤولية المشتركة و المودة و المساواة و المعاشرة و التنشئة السليمة للاطفال و ذلك باعتبارها النواة الاساسية في المجتمع و اللبنة الجوهرية في دمقرطته. و تأكيدا لذلك، بادرة المشرع المغربي الى اصدار مدونة الاسرة بموجب القانون رقم 03/ 70 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 22.04 في 03/02/04 مع المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 05/02/2004 التي تمت صياغتها بأسلوب قانون فقهي و حديث و اضعة حلول متوازنة و مكرسة لثقافة حقوق الانسان و متعمدة في احكامها على الاصلاحات الجوهرية التالية : اقرار مساواة المرأة بالرجل بصيغة فعلية \" سن الزواج ممثلا في 18 سنة \" مع تخويل القاضي امكانية تحقيقه في الحالات المبررة و كذلك مساواة البنت و الابن المحضونين في بلوغ سن 15 سنة لاختيار الحاضن. اسناد الولاية للمرأة الرشيدة أن تمارس حسب اختيارها و مصلحتها، و تفويضها بإرادتها لابيها أو لاحد أقاربها . تقنين احكام الخطبة بطريقة محكمة من المادة 3 الى 9 . التنصيص صراحة على شروط الوكالة في انعقاد الزواج و التي أصبحت مقيدة بإذن من قاضي الاسرة المكلف بالزواج. اعتبار مسطرة التعدد استثناء مع اخضاعها لمراقبة القضاء وفق الشروط النمنصوص عليها في المادة 41 من المدونة. تبسيط ابرام عقود زواج المغاربة المقيمين في الخارج و ذلك بالكتفاء بتسجيل العقد لحضور شاهدين مسلمين بشكل مقبول لدى موطن الاقامة و توثيق الزواج بالمصالح القنصلية أو القضائية. الحق في ممارسة الطلاق من طرف الزوج بحسب الشروط المنصوص عليها في القانون . توسيغ حق المرأة في طلب التطليق \" الاخلال بأي شرط من شروط عقد الزواج أو الاضرار بالزوجة بمختلف أنواع الضرر. جعل النيابة العامة طرفا أصليا في قضاء مندوة الاسرة. التنصيص صراحة في مادة فريدة ضمن الفرع الثاني من القسم الخامس على حقوق الطفل المادة 54. احداث مسطرة جديدة للتطليق بسبب الشقاق بطلب احد من الزوجين. حماية حق الطفل في النسب في النسب في حالة عدم توثيق الزوجية لاسباب قاهرة باعتماد المحكمة بكل وسائل الاثبات الممكن بما في ذلك الخبرة الطيبة المثبتة لنسب الابن لوالده\" ADN \" المادة 153. مع الاحتفاظ بقاعدة استقلال الذمة المالية للزوجين، ثم اقرار مبدأ جواز الاتقاف بينهما في وثسقة مستقلة عن الزواج على وضع اطار لتدبير اموالهما المكتسبة خلال فترة الزواج، و في حالة عدم الاتفاق يتم اللجوء الى القواعد العامة للاثبات بتقدير القاضي. اقرار حماية قوية لفائدة الطفل المحضون و ذلك بتركه لدى والدته لمدة سبع سنوات الاولى من ولادته. توسيع سلطات المحكمة في اتخاذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة للزوجة و الاطفال في حالة تعذر المساكنة الشرعية بين الزوجين المادة 121. انشاء قضاء متخصص لتطبيق احكام مدونة الاسرة قسم قضاء الاسرة. تنصيص المشرع على بعض الاجال للبث في الطلبات القضائية الامر الذي من شأنه التسريع بوثيرة الاجراءات المسطرية \" تقنية الاجل \" . الموازنة بين مدونة الاسرة و مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل. توسيع مجال تطبيق مدونة الاسرة من حيث الاشخاص إذ أصبحت تطبق على اللاجئين بمن فيهم عديمي الجنسية طبقا لاتفاقية جنيف المؤرخة في 28/07/1951 المادة الثانية . و إذا كانت مدونة الاسرة حافلة بالايجابيات فإنها لا تخلو من بعض النقائص و السلبيات بعضها فيما يلي : استمرار التضارب الحاصل بين نصوص المدونة و بعض نصوص القوانين الاخرى، 271 من المدونة. اغفال معالجة موضوعات ذات أهمية بالغة في عقد الزواج كما هو الشأن لعيوب الادارة مثلا المقترنة بهذا العقد. خلو نصوص مدونة الاسرة من أي جزء جنائي غند مخالفة أحكام التعدد. استعمال مصطلحات مشتركة في اللفظ و مختلفة في المعنى الولاية مثلا تحتلف دلالتها في باب الزواج عنه في باب النيابة الشرعية، و كذلك الحضانة فأن مفهومها يختلف اثناء عنه بعد انحلاله. عدم التطرق الى نكاح التفويض و اللعان و التمليك و التمييز من حيث الشروط و الآثار. عدم تناول مسألة النفقة على الزوجة المسجونة. عدم بيان وضعية المعتوه. عدم الاشارة الى الحكم الشرعي المنطم للطلاق قبل البناء على غرار باقي أنواع الطلاق تعقيد المسطرة القضائية للطلاق \" طول المسطرة \". صعوبة تحديد المدعى و المدعى عليه فيما يخص دعوى اثبات الزوجية. استعمال المشرع لالفاط غير مضبوطة في بعض المواد كما هو بالنسبة لاستحقاق نفقة الابناء و التي نص على كونها ستحق من تاريخ التوقف: فهل تاريخ التوقف يعين بتاريخ الامتناع أو تاريخ تقديم الطلب. عدم اشارة المشرع الى مصير الاذن بالزواج في حالة عدول احد الاطراف عن توثيق عقد الزواج امام عدلين منتسبين للاشهاد بدائرة نفوذ المحكمة المختصة. عدم استفادة المحكوم عليه بالتطليق من الطعن في الحكم على اعتبار أن المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو الخلع او بالفسخ غير قابلة لأي طعن في جزئها المتعلق بانهاء العلاقة الزوجية \" مقتضيات المادة 128 \" من المندونة. في مسطرة الطلاق اشتراط المشرع التوصل الشخصي للاطراف \" الزوج و الزوجة \" و هو ما من شأنه تعطيل المسطرة في جالات معينة كما هو الشأن بالنسبة للحالة التي يقطن فيها احد الزوجين خارج التراب الوطني. حصول التناقض بين بعض مواد مدونة الاسرة كما هو الشأن بالنسبة للمادة 155 التي تقضي بأمكانية إثبات النسب بجميع الوسائل المقررة شرعا. و المادة 16 التي تنص على انه لسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات. و في جميع الاحوال تبقى مدونة الاسرة متنفس للمساهمة في حل بعض الاشكالات التي يتخبط القضاء الاسرة في المغرب رشيد خليدي عضو المركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي