تسكع .. الورد الذي تفتقت أكمامه في غفلة من لعنة الوقت ذبل ،، وصخب المدينة شجرة اصطناعية تخفي غابة من الخيانة.. أفرّ من رزانتي لأعانق جنوني ، ولا أجد جنوني..أسيّج صحوي بجرعات العته ، فأغدو كأني أمارس العبث.. ألملم شظاياي في مرآة صدئة مقعرة ، فيبدو العالم مشوّها ، أشيح بوجهي عن المرآة ، وعلى قارعةالطريق ، أجدني غريبا يتسكع بلا حدود .. أصادف في تسكعي ما إن حملته الجبال لانفطرت كمدا : - طفلا شاخ قبل الأوان ، يتأبط صندوق مسح الأحذية باليمنى ، وباليسرى يتنشق منديلا مضمّخا ب ( السيلسيون ) . - أرملة تمدّ يدها بانكسار ، وفي عينيها شاهد من عزّ ، ومن كبرياء .. ( تموت الحرّة ولا تاكل من ثديها ). - شيخا يحملق في الفراغ ، وأسارير وجهه تحكي قصة إحباط تاريخية.. - امرأة مزركشة من بنات الذوات ، تمشي الهوينى في السوق المركزي ، يتبعها كهل يحمل القفة ، تقوّس ظهره ، وتطأطأ رأسه.. أصادف أشياء وأشياء يندى لها الفؤاد قبل الجبين..وكائنات في صور آدمية ، تصارع قهر الأيام بصمت أبلغ من الأنين .. وآه يا بلدي ، فيك من يموت من الجوع ، وفيك من يموت من التخمة ، وأنت بلد الاعتدال.. أعود من تسكعي مجهضا ، أطرق طويلا ، أدخن كثيرا ، أتوغل بعيدا في متاهة الليل ، وحين أعود ، لا يكون من نصيبي إلا الأرق.. عبد اللطيف الهدار