ما زال عبد القادر شاطري، مفتش جهوي سابق بالقرض الفلاحي والنائب الثاني لكاتب عام المكتب النقابي لشغيلة القرض الفلاحي، يطالب بإجراء تفتيش مالي وتحقيق قضائي بشأن فضيحة إدارة القرض الفلاحي في تسيير ملف القروض الممنوحة لشركة "بيوبان"، الشركة التي كانت متخصصة في إنتاج الخبز والحلويات قبل إفلاسها. ويؤكد عبد القادر شاطري في رسالة وجهها إلى وزير العدل الحالي، أن هذا الملف ما زال مبعدا ومعلقا دون أن تتحرك أية مسطرة تفتيش أو تحقيق قضائي. وترجع قضية شركة "بيوبان" إلى التاريخ الذي اكتشف فيه عبد القادر شاطري، عندما كان رئيسا لوحدة المراقبة الجهوية بالقرض الفلاحي لجهة الرباط زعير، عدة تجاوزات واختلالات خطيرة في تسليم إدارة القرض الفلاحي لقروض متعددة وتسهيلات مالية، تعد بمئات الملايين، لهذه الشركة، وأيضا في تحقيقات هذه القروض وتورط المسؤولين في ذلك. ويقول عبد القادر شاطري، في رسالته إلى وزير العدل، إنه رفع تقارير إلى المدير العام للقرض الفلاحي، مسجلا فيها المخاطر المطروحة على مستوى استرجاع تلك القروض، وذلك منذ سنة 2000 ، غير أنه عوض أن يتدخل المدير في الوقت المناسب لتفادي الكارثة، فضل إبعاده عن مسؤوليته كمفتش، وخلق له عدة عراقيل، لينتهي الأمر إلى طرده من عمله وتوقيف أجرته. وقد أغلقت شركة "بيوبان" أبوابها فيما بعد نتيجة إفلاسها وتعرضت لثلاث حجوزات قضائية، وهو ما يؤكد، حسب قول شاطري، ما سبق أن نبه إليه في تقاريره التقنية التي رفعها إلى مدير القرض الفلاحي، ليظل مصير أموال عمومية، وضمنها قروض من اعتماد البنك الأوروبي للاستمتار، معلقا على مستوى الاسترجاع. ويشير عبد القادر شاطري أنه رفع دعوى قضائية لدى القضاء الإداري ضد الإدارة العامة للقرض الفلاحي، والذي اعتبر أنه مختص نوعيا في مثل هذه القضايا، إلا أن الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى قررت إلغاء قرار المحكمة الإدارية بالرباط، معتبرة أن القضاء الإداري غير مختص وبالتالي إحالة النزاع على القضاء العادي، مما اعتبره المدعي قرارا اتخذ بدافع سياسي. وللإشارة فإن عبد القادر شاطري كان ممن استدعي للمساهمة في التحقيق في ملف الفساد الذي عرف القرض الفلاحي سنة 1995، وهو الملف الذي أحيل فيما بعد على محكمة العدل الخاصة، غير أن هذه المساهمة ، يقول هذا المتضرر، كانت وبالا عليه، وأصبح موضوعا لتصفية حسابات شخصية من طرف المسؤولين بإدارة القرض الفلاحي، لأنه في نظرهم كان وراء الكشف عن العديد من المسؤولين المتورطين في الاختلاس والتلاعب بالمال العام. ومن جهة أخرى بعث عبد القادر شاطري بشكايات كثيرة إلى جهات رسمية مختلفة، وأثارت الجرائد الوطنية قضيته في أكثر من مناسبة، إلا أنه لم تتحرك أية جهة مسؤولة لحل هذا الملف ولو من باب إجراء تفتيش مالي مركزي أو فتح تحقيق قضائي للوقوف على حقيقة الأمر. وللتذكير فإن هذه القضية تدخل في إطار ملفات الفساد المالي والإداري الذي ضم مجموعة من المؤسسات العمومية، والتي هي معروضة الآن على القضاء المغربي ولم تحسم بعد، مع أنها ملفات كبيرة، تورط فيها مسؤولون بارزون، وكان موضوعها نهب المال العام، لذلك فالحكومة الحالية أمامها فرصة سانحة لإثبات حزمها في معالجة هذه الملفات التي ينتظر الرأي العام قول القضاء فيها.