ضمن شكل من أشكال التآزر والتضامن الإجتماعي، أماطت دراسة دولية حديثة اللثام عن جانب من التكافل بين أفراد العائلة داخل المجتمع المغربي.. فالمغاربة يفضلون الاقتراض من العائلة والأصدقاء بدل اللجوء إلى الأبناك والمؤسسات المالية، من أجل سد الحاجة والاستمرار في مسيرة الحياة الصعبة والمكلفة في عالم اليوم.. ورغم صدور تقارير دورية ترصد عدد المغاربة الذين يتعاملون مع الأبناك ويفتحون حسابات مالية بها، فإن دراسة مؤسسة غالوب للبحوث الإقصائية تعد الأولى من نوعها التي تقدم خريطة عن أوجه تعامل المغاربة مع الأبناك، وتبسط مقارنات مع دول عربية أخرى. التجديد» تنشر ملفا حول ما ورد في الدراسة الاستطلاعية التي صدرت الأسبوع الماضي حول «بطاقات الإئتمان والقروض الرسمية النادرة في البلدان النامية» من معطيات وخلاصات، وتنقل للقارئ المغربي لمحة عن خريطة القروض سواء الرسمية أو غير الرسمية في دول العالم. ● إعداد: محمد كريم بوخصاص إقبال ضعيف على الأبناك لا يتجاوز عدد المغاربة الذين يفتحون حسابات في مؤسسات مالية رسمية أكثر من 39 في المائة، يشكل النساء 27 في المائة منهم، حيث استعمل 10 في المائة فقط من المغاربة نقودا محمولة خلال السنة الماضية، جاء ذلك في نتائج استطلاع أجرته مؤسسة غالوب الأمريكية للأبحاث، حيث قدمت الاستطلاع نظرة «هامة» في سلوكيات التعامل مع الأموال في جميع بلدان العالم. وبلغ عدد المغاربة الذين قاموا بالادخار في الأبناك حوالي 12 في المائة من مجموع المواطنين المغاربة خلال السنة الماضية، في حين يستعمل حوالي 9 في المائة من البالغين في المغرب أساليب مختلفة ابتكرها المجتمع في الادخار وأشارت الدراسة التي صدرت بحر الأسبوع الماضي، أن عدد المغاربة الذين يلجؤون إلى الاقتراض من الأبناك لا يتجاوز 4 في المائة. ورغم ضعف عدد المقبلين على المؤسسات المالية الرسمية، إلا أن المغاربة يعتبرون من أكثر المواطنين العرب الذين يلجؤون إلى الاقتراض من الأبناك، فالجزائريون يقترضون من المؤسسات المالية الرسمية بنسبة 1 في المائة فقط، والمواطنون التونسيون يقبلون بنسبة 3 في المائة على الاقتراض من الأبناك، وفي مصر يقترض السكان من الأبناك بنسبة 4 في المائة. ويلاحظ –حسب الدراسة- أن الدول العربية والإسلامية التي رخصت للمعاملات البديلة والتمويلات الإسلامية تشهد ارتفاعا ملحوظا في عدد المقترضين من الأبناك؛ فالبحرين مثلا، يقترض 22 في المائة من سكانها من المؤسسات المالية الرسمية، وفي الكويت تتجاوز النسبة 21 في المائة، وفي قطر ينخفض الرقم بقليل جدا ويتجه إلى 13 في المائة، كلها نسب –وفقا للدراسة- تعادل أو تفوق حجم الإقبال على الاقتراض من البنوك في الدول المتقدمة، فالمواطن في الولاياتالمتحدةالأمريكية يقترض من المؤسسات الرسمية بنسبة 10 في المائة، وأوضحت الدراسة، أن جمهورية إيران الإسلامية هي الدولة الأولى التي يفضل مواطنوها الاقتراض الرسمي بنسبة 31 في المائة. وأظهرت البيانات الخاصة بدول العالم، أن نسبة المواطنين الذين يقترضون من المؤسسات المالية مرتفع في الدول المتقدمة ومنخفض في الدول النامية، إذ يقترض من الأبناك في هذه الدول نحو 8 في المائة فقط، بينما يقترض المواطنون من الأبناك الرسمية بنسبة 14 في المائة في الدول المتقدمة. الاقتراض غير الرسمي بخلاف الإقبال الضعيف على الاقتراض الرسمي والمعاملات الربوية، فإن المغاربة هم أكثر الشعوب العربية الذين يلجؤون إلى صيغة أخرى من الاقتراض، من أجل تجاوز الصعوبات المادية وضغوط الحياة اليومية وتكاليف المعيشة المرتفعة، ووفقا للدراسة، فإن نسبة 41 في المائة من المغاربة حصلوا على قروض من العائلة والأصدقاء خلال السنة الماضية، وهي نفس النسبة المسجلة في العراق أيضا، في حين بلغ عدد المواطنين الذين اقترضوا من مؤسسات غير رسمية في قطر نسبة 31 في المائة، وفي الجزائر ومصر سجلت نسبة 25 في المائة، وبلغ عدد المقترضين في تونس مهد ثورات «الربيع العربي» نسبة 21 في المائة. وأظهرت البيانات، أن كينيا تحتل المرتبة الأولى بين دول العالم التي يقبل مواطنوها على الاقتراض غير الرسمي، تليها سوازيلاندا بنسبة 51 في المائة، ثم إندونيسيا بنسبة 42 في المائة. وبلغ متوسط المواطنين الذين اقترضوا من العائلة والأصدقاء في دول العالم ال148 التي شملها المسح، حوالي 30 في المائة في الدول النامية، ونحو 23 في المائة في الدول المتقدمة. وفي سياق متصل، أوضحت دراسة غالوب، أن نسبة 12 في المائة من المغاربة البالغين الذين قاموا بالادخار السنة الماضية يستعملون حساب رسمي، وحوالي 9 في المائة من المغاربة يستخدمون أسلوب المجتمع المحلي في قضية الادخار. وأكدت دراسة غالوب، أن الاقتراض غير الرسمي من حسابات العائلة أو الأصدقاء هو الذي حقق أكبر نسبة مئوية من القروض في العالم النامي، ذلك أن 40 في المائة من البالغين في دول إفريقيا جنوب الصحراء قالوا إنهم حصلوا على قروض بهذه الطريقة، وحوالي 5 في المائة قالوا إنهم حصلوا عليها من خلال وسائل أخرى غير رسمية، في المقابل اقترض نحو 23 في المائة من البالغين في البلدان ذات الدخل المرتفع من أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء في ال12 شهرا الماضية. ومقارنة بين الجهات الجغرافية، فإن نسبة 14 في المائة من مواطني الدول ذات الدخل الاقتصادي المرتفع يقترضون من المؤسسات المالية الرسمية والبنوك، ويلجأ حوالي 24 في المائة من المواطنين إلى القروض غير الرسمية، أما في المناطق التي تضم دولا نامية وضعيفة اقتصاديا فإن نسبة الإقبال على الاقتراض من العائلة والأصدقاء تتراوح بين 30 و45 في المائة، في كل من شرق آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكارييب وجنوب آسيا وجنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا والمنطقة العربية. حواجز.. أبرز استطلاع غالوب الذي أنجز على عينة عشوائية من مواطني 148 دولة حول العالم، أن هناك حواجز ذاتية مهمة تحول دون استخدام الحسابات الرسمية، إذ عبر 66 في المائة من سكان العالم أن المال لا يكفي، وقال 5 في المائة إنهم يمتنعون عن الاقتراض من الأبناك لأسباب دينية، وأبدى 18 في المائة من المغاربة عن عدم وجود توثيق ضروري، ونسبة 13 في المائة يؤكدون غياب الثقة في التعامل مع المؤسسات البنكية، ونسبة 23 في المائة كشفوا أنهم يلجؤون إلى عائلاتهم لأنهم يملكون المال الكافي.