السلام عليكم، إخوتي، قدوتنا في السير إلى الله هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ كانت هِمَّتُه عالية سامية دونها طلب الفردوس الأعلى، إذ كان دائم التَّشْمير في طلب المعالي والجنان، وقد وصفته أُمُّنَا عائشة رضي الله عنها قائلة:» كان رسول الله كأنما رُفِعَ له عَلَمٌ فَشَمَّرَ له»، نعم هكذا كان حبيبنا، وعلى خطواته هذه يجب أن نسير،وبصيرتنا في الهمة العالية الضرورية لبلوغ المعالي، وذلك في قوله تعالى:}وَالَّذينَ يُؤتونَ ما ءاتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعون، أُولئِكَ يُسرِعونَ فِى الخَيرتِ وَهُم لَها سابِقون{... فهؤلاء يجتهدون في الطاعات، فعندما يقارنون ما وفقهم الله إليه من خير مقابل ما أغدق عليهم من نِعَمْ، يستصغرون أعمالهم، فَتَعْلُو هِمَّتُهُم العالية أصلاً، أكثر فأكثر وأعظم فأعظم، وأسمى فأسمى، فيسارعون ويسابقون في الخيرات وطلب المعالي والجنات، وهذا بالضبط ما كان يطلبه الصحابي الجليل مُعَاذ بن جَبَلٍ رضي الله عنه والذي كان همه وشغله الشاغل طلب الجنة، إذ قَالَ:(يَا رَسُولَ الله أَخبِرنِي بِعَمَلٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعدني منٍ النار قَالَ: (لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيْمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيْرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَتُشْرِكُ بِهِ شَيْئَا، وَتُقِيْمُ الصَّلاة، وَتُؤتِي الزَّكَاة، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ. ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيرِ: الصَّومُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَوفِ اللَّيْلِ ثُمَّ تَلا : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ: (يَعْلَمُون) ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ قُلْتُ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ، قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ و ذروَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخبِرُكَ بِملاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ:بَلَى يَارَسُولَ اللهِ. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قُلْتُ يَانَبِيَّ اللهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ. وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِم أَو قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِم إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِم)... رواه والتِّرمِذِي.. فاللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبداً ما أحييتنا، وأجعله اللهم الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا لا يرحمنا، اللهم ادخلنا الجنة برحمتك ولطفك وجمالك ورضاك وأجرنا من النار بعفوك وتجاوزك واحسانك، وصل اللهم وسلم وبارك وأنعم على حبيبنا وحبيبك محمد وآله، والحمد لله رب العالمين...