السلام عليكم، إخوتي، من أكثر سمات الحياة التي نعيشها، القلق والتوتر، وأكثر القلق إخوتي، سببه إما الندم على الماضي أو الخوف من المستقبل. هذان بُعدان نحن نفقد السيطرة عليهما. فلنستفد من تجارب الماضي ونخطط لتوقعات المستقبل.وبصيرتنا لنطمئن ونسكن ونسعد بقول ربنا سبحانه وتعالى}ما أَصابَ مِن مُصيبَةٍ فِى الأَرضِ وَلا فى أَنفُسِكُم إِلّا فى كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها، إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسيرٌ، لِكَيلا تَأسَوا عَلى ما فاتَكُم وَلا تَفرَحوا بِما آتاكُم وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخور{ ومن البصائر كذلك قوله تعالى: }قُل لَن يُصيبَنا إِلّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَولانا وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنون{ وكذلك قوله عز وجل:}ما أَصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفسِكَ وَأَرسَلناكَ لِلنّاسِ رَسولًا وَكَفى بِاللَّهِ شَهيدًا{.. فانظروا رحمكم الله أن مصدر القلق هو الانشغال بما هو شأن الله تعالى وترك ما يجب أن نشتغل به من بذل للجهد واتخاذ الأسباب، أما النتائج والعوارض والقضاء والأقدار المحتومة ففي يد الله تعالى، وإنما الواحد منا عليه أن يتقلب بين الشكر والصبر عند نزول القضاء، والتسليم لله بالرضا والقبول فيما نزل، حينها تنزل السكينة والطمأنينة، ويتحول الضيق إلى سعة وبحبوحة. فالتسليم لله تعالى بعد بذل المطلوب، والرضا بما قدر هو البلسم الشافي لهذا الجحيم الذي غرق فيه الناس من توتر، لذلك قال حبيبنا صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أَبِي هريرة رضي الله عنه: ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ )رواه مسلم.. وجامع الأمر حديث عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: (كُنْتُ خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم يَومَاً فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ إِنّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحفَظك، احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ، إِذَاَ سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَاَ اسْتَعَنتَ فَاسْتَعِن بِاللهِ، وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك، وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضُرُّوك إلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّتِ الصُّحُفُ) رواه التِّرمِذِي ، وفي رواية له قال عليه وآله الصلاة والسلام:(اِحفظِ اللهَ تَجٍدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفْكَ في الشِّدةِ، وَاعْلَم أن مَا أَخطأكَ لَمْ يَكُن لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئَكَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً) رواه التِّرمِذيُّ.. فاللهم صل وسلم على معلمنا وقدوتنا وإمامنا وشفيعنا سيدنا محمد وآله الرحمة المهداة للعالمين والنعمة المسداة للمحبين المتبعين، اللهم إنا نسألك أنفسا مطمئنة توقن بلقاءك وتقنع بعطاءك وترضا بقضاءك، والحمد لله رب العالمين...