امتحانان رئيسيان في الانتخابات المغربية التشريعية السابقة لاوانها يوم 25 من هذا الشهر؛ الاول امتحان النزاهة والشفافية والثاني امتحان المشاركة وارتفاع نسبة المصوتين . والامتحانان معا لايهمان فقط الإدارة المغربية أو وزارة الداخلية بشكل اوضح باعتبارها الجهة الوصية على الانتخابات وإن كانت تتحمل المسؤولية الاكبر، بل يهم كذلك الاحزاب السياسية والناخبين، ذلك أن الناخب والناخبة مطالبان بالتعامل مع عملية التصويت على أنها أكبر من وضع علامة لصالح هذا الحزب أو ذاك و النظر للعملية باعتبارها شهادة إما بالحق والأمانة أو بالزور والباطل يحاسب عليها في الدنيا وفي الآخرة كذلك، تعامل يشعر الناخب أثناء التصويت وكأنه في عبادة ويؤدي واجبا وطنيا يريد به وجه الله ومصلحة بلاده، حيث تصغر في عينه جميع العروض والوعود و "الزرود" (الولائم) ويحتقر الرشوة والراشين والمرتشين، وتكبر في عينه الأخلاق والمصداقية والأمانة والنزاهة والتضحية في سبيل مصلحة الوطن، فيدلي بصوته لصالح من تتوفر فيه تلك الصفات، فضلا عن واقعية البرنامج واستجابته لتطلعات المغاربة وانتظارتهم. إن إهمال عدد الأحزاب السياسية لمسؤوليتها في تأطير المواطنين سياسيا وفكريا وأخلاقيا، وتركيزها في الحملات الانتخابية على مصالحها الضيقة، ساهم في انتشار امراض المحسوبية والوصولية، والانتهازية بحيث يكون همها وهدفها من المواطن أن تركب صوته للوصول للمقاعد تحت قبة البرلمان، فيما تظل مقرات تلك الاحزاب مهجورة لاتفتح إلا في "المواسم الانتخابية"، إن ذلك لايعفي المواطنين من مسؤوليتهم في المشاركة في هذه الا نتخابات نظرا لسياقها الوطني والعربي وحمايتها من كل مايمكن ان يمس مصداقيتها ونزاهتها. الأحزاب السياسية من جهتها تتحمل مسؤولية تاريخية في هذه الانتخابات لأنها غير عادية، ومطالبة بأن تخوضها باستحضار مصلحة المغرب العليا وليس مصالحها الضيقة وعدد المقاعد، ومن مصلحة المغرب ومما يخدمها ويقويها أن تجري هذه الانتخابات بنزاهة وشفافية، و أن تستقبل نتائجها بقبول ورضا من الشعب وكافة الإطراف السياسية، وهو مايعني الالتزام بالأخلاق السياسية ومحاربة الرشوة، والتنافس السياسي الشريف، وإقناع الناخبين بالأفكار والبرامج وكفاءة المرشحين وقدرتهم على تحمل المسؤولية في البرلمان المقبل لما ينتظره من مهام كبيرة على رأسها صياغة قوانين تنظيمية لتنزيل دستور1يوليوز2011 تنزيلا سليما ديمقراطيا. وبالتأكيد سينعكس السلوك الأحزاب في الحملات الانتخابية وخطابها على الناخبين من حيث دفعهم إلى المشاركة و الذهاب لصناديق الاقتراع، فكلما كان سلوكا نظيفا وتنافسا شريفا وخطابا معقولا يحترم ذكاءهم، كلما كانت النسبة مرتفعة. أما مسؤولية الإدارة فهي أكبر لأنها المشرفة على تفاصيل العملية الانتخابية، وتملك من الأدوات الكثير لضمان نزاهتها وشفافيتها والتزام الحياد الإيجابي، لأن ذلك يخدم صورة المغرب ومصلحته داخليا وخارجيا، و مرور الانتخابات في جو معقول وفي أجواء ديمقراطية سيجعل المغرب نموذجا يحتدى في المنطقة العربية، وستكون جوابا مفندا لكل حجج دعاة المقاطعة و المشككين في إمكانية الإصلاح ومحاربة الفساد والمفسدين من خلال انتخاب مؤسسة تشريعية قوية لها مصداقية شعبية، و رئيس حكومة منسجمة بصلاحيات حددها الدستور المعدل تشتغل تحت قاعدة "ارتباط المسؤولية بالمحاسبة". لقد انطلقت الحملة الانتخابية السبت الماضي وأمام الأحزاب السياسية بمناضليها وخطابها والإدارة بطريقة إشرافها على سير العملية الانتخابية فرصة في أيام الحملة لإقناع حوالي 13.5 مسجل في اللوائح الانتخابية بسلوكها وطريقة تعاملها للذهاب لصناديق الاقتراع والإدلاء بصوتهم. وإلى ذلك الحين لا املك كفرد من الجالية المغربية التي حرمت من حقها في المشاركة المباشرة في هذه المحطة التاريخية إلا التعبير عن الأمل الكبير في أن تكون انتخابات 25 من الشهر الجاري لحظة تحول ديمقراطي حقيقي لمغرب متجدد مغرب العدالة والحرية و الكرامة والتنمية.