مرحلة استراتيجية جديدة في العلاقات المغربية-الصينية    محامون يدعون لمراجعة مشروع قانون المسطرة المدنية وحذف الغرامات        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    النقيب الجامعي يكتب: على الرباط أن تسارع نحو الاعتراف بنظام روما لحماية المغرب من الإرهاب الصهيوني    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    سبوتنيك الروسية تكشف عن شروط المغرب لعودة العلاقات مع إيران    كأس ديفيس لكرة المضرب.. هولندا تبلغ النهائي للمرة الأولى في تاريخها        الوزير برّادة يراجع منهجية ومعايير اختيار مؤسسات الريادة ال2500 في الابتدائي والإعدادي لسنة 2025    فولكر تورك: المغرب نموذج يحتذى به في مجال مكافحة التطرف    اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    تخليد الذكرى ال 60 لتشييد المسجد الكبير بدكار السنغالية    رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم: "فخور للغاية" بدور المغرب في تطور كرة القدم بإفريقيا    قلق متزايد بشأن مصير بوعلام صنصال    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    خبراء يكشفون دلالات زيارة الرئيس الصيني للمغرب ويؤكدون اقتراب بكين من الاعتراف بمغربية الصحراء    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية    طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط        الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين        المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الله بها نائب الامين العام لحزب العدالة والتنميةل «التجديد»:التحول إلى الديمقراطية عنوان مشاركة الإسلاميين في هذه المرحلة
نشر في التجديد يوم 18 - 11 - 2011

ينتتقد عبد الله باها في هذا الحور بشدة خيار المقاطعة ويعتبره غير مجد ولم يقدم أي شيء في مقاومة نهج التحكم الذي انطلق منذ سنة 2003 وبلغ مداه بعد انتخابات 2007 بعد خروج حزب الأصالة والمعاصرة، ويعدد في هذا الحوار ثمرات خيار المشاركة ويعتبر أنه لو لم يكن لخيار المشاركة إلا دعم الاستقرار لكان ذلك مهما، ويؤكد عبد الله باها على المشاركة السياسية للإسلاميين في المغرب حققت أهدافها على مستوى تعزيز المرجعية الإسلامية كما حققت الكثير من أهدافها على مستوى المساهمة في الإصلاح، غير أنه يشير في نفس الوقت إلى أن عنوان المقاومة لا يزال العنوان الأبرز بالنسبة إلى مشاركة الإسلاميين إلى أن يمضي المغرب دفعة واحدة إلأى التحول الديمقراطي، ويحذر عبد الله من استمرار نهج التحكم، ويرى أن حركة 20 فبراير يمكن أن تتوسع وتظهر بأشكال أخرى إن لم يتجه المغرب إلى الديمقراطية
 لو استمرت ديناميكية الإصلاح بعد 2003 ولم تقع التراجعات التي وقعت بعد 16 ماي لما كانت عندنا 20 فبراير، لأننا كنا سنكون في وضعية متقدمة من حيث الإصلاح الديمقراطي
جاءت حركة 20 فبراير على قدر نهج التحكم وفي مستواه، حيث جاءت معبرة عن درجة الانغلاق والانسداد الذي كان عليه الواقع السياسي في المغرب، فلم تكن حركة 20 فبراير من الضخامة التي تهدد الاستقرار، ولم تكن من الهزال بحيث يظن أن ليس هناك مشكل
❍ مع انطلاق الربيع العربي واندلاع الثورات في كل من تونس ومصر وانطلاق الحراك الديمقراطي في المغرب مع حركة 20 فبراير، انطلقت تنظيرات عديدة تعلن موت خيار المشاركة بالنسبة إلى الإسلاميين أو على الأقل محدوديته وعودة الروح للخيار الثوري في التغيير. لكن مع خطاب التاسع من مارس والتصويت على الدستور وانطلاق المسار الانتخابي في المغرب عاد الحديث مجددا عن فعالية خيار المشاركة وعادت له جاذبيته بعد الدينامية السياسية التي دخل بها حزب العدالة والتنمية. بالنسبة إليكم كفاعل سياسي إسلامي، كيف تبررون خيار المشاركة وجدواها في المرحلة الحالية ؟
● بطبيعة الحال بالنسبة للمغرب، وخصوصا مع انطلاق المسلسل الديمقراطي في السبعينيات كان دائما خيار المشاركة هو الخيار الأصيل. وهو الذي ذهبت إليه مختلف المرجعيات السياسية سواء منها الليبرالية أو اليسارية أو الوطنية أو الإسلامية. وتطور المسلسل الديمقراطي وتحسن، صحيح أن ذلك تم ببطء، لكن حصل تقدم، فإذا قارنا المغرب اليوم بما كان عليه منذ عشرين سنة، سنجد أن هناك فرقا كبيرا فيما يخص الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات. بطبيعة الحال بعد عقد التسعينات وبداية هذا العقد كان هناك تطور نوعي في المسار الديمقراطي، وكذلك في المشاركة، إذ جاءت حكومة التناوب ودخل المغرب في ديناميكية الإصلاح. لكن مع الأسف، توقفت هذه الديناميكية في سنة 2003 ورجعنا إلى منطق التحكم الذي استلهم النموذجين التونسي والمصري اللذين جاء الربيع العربي وأسقطهما. ولو استمرت ديناميكية الإصلاح بعد 2003 ولم تقع التراجعات التي وقعت بعد 16 ماي لما كانت عندنا 20 فبراير، لأننا كنا سنكون في وضعية متقدمة من حيث الإصلاح الديمقراطي، لكن مع الأسف، الذي وقع أن التراجعات التي حصلت أدخلت المغرب في أفق منسد ضاق معه هامش الإصلاح وانسد معه أيضا خيار المشاركة. وهذا شيء طبيعي، لأن نموذج التحكم يؤدي تدريجيا إلى الانغلاق في المجال السياسي بدل انفراجه، وكنا نسير في اتجاه هذا المنغلق، ولذلك لما جاء حزب الأصالة والمعاصرة يجسد هذا التوجه بطريقة واضحة قمنا ضده وقاومناه ووقفنا ضد هذا التوجه لاعتقادنا أن هذا النهج يدخل المغرب إلى متاهة. والحمد الله أن هذا المنطق التحكمي لم يستمر طويلا إذ جاء الربيع العربي ليسقطه، والحمد لله أيضا أنه لم يتوغل كثيرا، فجاءت حركة 20 فبراير على قدر هذا التحكم وفي مستواه، حيث جاءت معبرة عن درجة الانغلاق والانسداد الذي كان عليه الواقع السياسي في المغرب، فلم تكن حركة 20 فبراير من الضخامة التي تهدد الاستقرار، ولم تكن من الهزال بحيث يظن أن ليس هناك مشكل. وجاء خطاب 9 مارس الذي أعطى انطلاقة جديدة وفتح الآمال من جديد في إطار أن يكون هناك تطور ديمقراطي وانفراج سياسي وتوجه نحو الإصلاح . لكن مع الأسف، الممارسات التي صاحبت سواء الاستفتاء على الدستور أو القوانين التي جاءت من بعد لم تفتح الأفق للتغيير. فالإصلاح كما هو معلوم له ثلاث مرتكزات: المرتكز الأول هو الإصلاح الدستوري وقد تم، والمرتكز الثاني هو إجراءات الثقة، وقد بدأت ثم توقفت، والمرتكز الثالث هو إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، لكن مع الأسف، الإجراءات التي اتخذت للإعداد للانتخابات لم تكن مطمئنة. فإذا قارنا مثلا بين الإجراءات التي اتخذت في تونس لضمان انتخابات نزيهة، والإجراءات التي اتخذت في المغرب فسنجد فرقا كبيرا وسنجد تونس متقدمة جدا، سواء من حيث اللوائح الانتخابية أو مشاركة المقيمين بالخارج في الانتخابات أو التقطيع الانتخابي، فكل هذه الأمور جعلت أن جدوى المشاركة بدأت تطرح عليها التساؤلات من جديد خاصة بعد عودة منطق التحكم مرة أخرى بحيث يستنتج المراقب أن أصحاب القرار قالوا بأن حركة 20 فبراير هو قوس فتح، وقد تمت معالجته بالإصلاح الدستوري، ثم نغلق القوس، ونعود إلى ما كنا عليه قبل 20 فبراير، وهذا ما يجعل المغرب اليوم في مفترق طرق، والذي سيحسم الأمر هو محطة 25 نونبر، إذ سنرى هل ستكون هذه الانتخابات نزيهة وتتمتع بالمصداقية والقبول العام أم لا. فإذا تمتعت بالمصداقية والنزاهة فهذا سيعزز المسار الإصلاحي الذي سار عليه المغرب وسيجنبه الاهتزازات، وإذا لم تتمتع بالمصداقية، فإن حركة 20 فبراير ستعود إلى الشارع بقوة وربما بأشكال أخرى.
❍ هذه القضايا والمؤشرات التي طرحت يعتبرها البعض مستندات للدعوة إلى المقاطعة. فهناك اليوم من يعتبر ألا جديد في الإصلاحات الدستورية ولا تزال الصلاحيات مركزة في يد المؤسسة الملكية، ويضيف إلى ذلك أن السلطة السياسية لم تقدم أية إجراءات للثقة، وأنها على العكس من ذلك، أبرزت في الرزنامة القانونية الانتخابية استمرار النفس التحكمي، وعكست بذلك غياب أي إرادة سياسية للتغيير، كيف تعلقون على وجهة النظر التي تسائل الجدوى من المشاركة في ظل هذه المؤشرات السلبية؟
● بدلا من طرح سؤال الجدوى من المشاركة في ظل وجود هذه المؤشرات، لا بد أولا أن أطرح سؤال جدوى المقاطعة. بالنسبة إلينا، جدوى المشاركة تتبرر بمقاومة نهج التحكم. أما المقاطعة فلا تفعل شيئا، ولو كانت تنفع لاستطاعت أن توقف هذا النهج الذي انطلق بقوة مع انتخابات 2007 التي عرفت نسبة قليلة من المشاركة. فالمريض الذي تعطيه نفس الوصفة ولا تتحسن صحته معنى ذلك أن هذه الوصفة ليست صالحة للعلاج. بينما نجد أن الاتجاهات المشاركة هي الأكثر مقاومة لهذا التحكم سواء داخل المؤسسات أو خارجها. السؤال الذي ينبغي أن يوجه لدعاة المقاطعة هو ماذا بعد المقاطعة؟ ماذا سنفعل؟ وماذا يقترح دعاة المقاطعة؟ هل يقترحون أن نقوم بثورة ضد النظام الملكي؟ ينبغي أن تكون الرؤية واضحة، فنحن لا نستطيع أن نسير في الطريق مغمضي العينين ولا يمكن أن نمضي نحو المجهول. فإذا كنا لا نعرف إلى أين نسير، فعلى الأقل، ينبغي أن تكون رؤيتنا واضحة بخصوص المآلات. ولهذا أقول المقاطعة لا تمثل رؤية لوحدها. ينبغي للمقاطعة أن تكون مندرجة ضمن مشروع واضح يعرفه الشعب المغربي.
❍ بعض التحليلات تقول بأن هناك ترددا داخل دائرة صناع القرار السياسي في المغرب، بين توجه يمضي نحو الإصلاحات وتوجه آخر يفرمل هذه الإصلاحات. فهل بمشروع المقاومة التي تؤمنون به ستدعمون هذا التوجه داخل دوائر صناعة القرار، أم أن تحليلكم لدوائر صناعة القرار مختلف عن هذا التوصيف؟
● بالنسبة إلينا، أفضل صيغة للتقدم، هو أن نقوم بالإصلاح في ظل الاستقرار، فهذا الذي يحقق أكبر مردودية للبلاد وبأقل تكلفة وبدون مخاطر. وبطبيعة الحال، لا يوجد دعاة الإصلاح وحدهم في الساحة، فهناك إلى جانبهم المستفيدون من الامتيازات التي يوفرها لهم الوضع القائم، فاللوبيات والجهات التي تستفيد من الوضع القائم ستكون ضد الإصلاح، وهذا شيء طبيعي، فالله سبحانه تعالى جعل سنة التدافع بين الناس، ولو كان الأمر ميسور الحسم لجهة دعاة الإصلاح لما كان هناك من معنى لبذل الجهد والابتلاء الذي هو موضوع حياة الإنسان في هذه الدنيا. فأن تكون هناك جهات تقاوم الإصلاح وتمانع ضده، فهذا شيء طبيعي قال الله تعالى:"ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"، لكن الواجب من دعاة الإصلاح أن يكونوا واعين بهذه الحقيقة وأن يدافعوا يستمروا في مقاومتهم وأن يدافعوا في سبيل الإصلاح.
❍ لو تتبعنا ورصدنا مسار تجربة اندماج الحركة الإسلامية المغربية في العملية السياسية لوجدنا أنها بدأت بالاندماج المقدر سنة 1997 ثم بمرحلة الاندماج السلس سنة 2002 مع العهد الجديد، ثم مرحلة الاندماج في ظل الإضعاف والتحجيم سنة 2007 من خلال مسار التحكم والهيمنة، في نظركم بعد الربيع العربي والحراك الديمقراطي في المغرب ما هو العنوان الذي يمكن أن نعطيه لهذه المرحلة بالنسبة اندماج الحركة الإسلامية؟
● أعتقد أن الأنسب أن يكون عنوان هذه المرحلة هو التحول نحو الديمقراطية. وكنت أتصور أن المغرب له من والوعي والإرادة ما يكفي لأن يقع التحول إلى الديمقراطية مرة واحدة وننتهي من هذا المشكل. فالمريض الذي يطلب منه إجراء عملية جراحية لاستئصال المرض، ينبغي أن تتم له عملية واحدة في مرة واحدة ناجحة ويشفى من المرض بدل أن نعيده كل كرة إلى غرفة العمليات وتقام له كل مرة عملية ولا يعافى من مرضه. لكن يبدو أن هذا الوعي وهذه الإرادة غير متوفرة لدى النخب السياسية الحاكمة في البلاد بمختلف مكوناتها. وهذا ما جعلنا لا نتوجه إلى الديمقراطية مرة واحدة وبإرادة مشتركة وجماعية. وهذا ما يفسر التباطؤ والتردد في المسار الديمقراطي والسعي إليه عبر مراحل بعد مسار من التدافع والمقاومة حسب موازين القوة التي تتغير بين قوى الإصلاح والقوى المضادة له مع ما يحمله ذلك من مخاطر الانزلاق. كان من الأفضل بالنسبة إلى المغرب أن يمضي إلى التحول الديمقراطي دفعة واحدة من غير تردد، وينتهي من هذا الموضوع، وننتقل إلى وضع أكثر استقرارا، أما عندما يتم التحول نحو الديمقراطية عبر مراحل وبدرجات، فإن ذلك يكون دائما عبر مخاض من التدافع، قد يكون ذلك بحركة 20 فبراير أو ما يشابهها مع ما يرافق ذلك من مخاطر الانزلاق.
❍ في 2007 رفعتم شعارا كبيرا هو مواجهة الفساد، وفي اقتراع 25 نونبر ربطتم الفساد بالاستبداد، هل هذا يؤشر بالنسبة إليكم على تطور في الوعي والرؤية السياسية عندكم أن ذلك هو مجرد تأثر بمخلفات الربيع العربي؟
● هذه الرؤية كانت حاضرة، وليس هناك تطور في الرؤية السياسية في هذا الموضوع، فالفساد والاستبداد هما وجهان لعملة واحدة وهما متلازمان دائما. الاستبداد ينتج الفساد والفساد يغذي الاستبداد، فهما متلازمان. وبالتالي، فالمدخل إلى محاربة الفساد هو مقاومة الاستبداد، فإذا كان هناك مزيد من الشفافية، فإن ذلك سيؤدي إلى تقليص نسب الفساد. فالتلازم بين الاستبداد والفساد ليس خاصا ببيئة واحدة كالمغرب، بل التلازم بينهما حاضر في كل المجتمعات.
❍ بعض الذين ينتقدون خيار المشاركة يرون أن الحركة الإسلامية المشاركة في العملية السياسية لم تحقق مكاسب حقيقية، بالنسبة إليكم كحركة مشاركة، بدأتك المشاركة بمنطق الدعوة وضمان الحرية لها، ثم بمنطق المساهمة في الإصلاح، إلى أن وصلتم إلى مسار آخر جعلتم له عنوان مقاومة الفساد والاستبداد، وربما تشارفون مسارا آخر هو المشاركة في التدبير. في نظركم ما هي المكاسب التي حققتموها طيلة مسار مشاركتكم السياسية؟
● بالنسبة إلي، لو لم يكن لخيار المشاركة إلا مكسب واحد هو دعم الاستقرار في البلاد والمحافظة عليه،لكان ذلك شيئا مهما وكبيرا، لأننا رأينا عددا من البلدان لم تشارك فيها الحركة الإسلامية إما بإرادتها أو بحصارها وإقصائها وقمعها. فلا شك أن هذا لم يساعد في الاستقرار وأدى إلى اندلاع الثورات. ونحن في المغرب، قامت المشاركة السياسية للإسلاميين بدور كبير في دعم الاستقرار. ولولا أن هناك بعض النزوعات التحكمية التي بدأت تظهر خصوصا في أواخر هذا العقد لكان المغرب قطع أشواطا مهمة في التطور الديمقراطي والتنمية. لكن منطق التحكم يجعل كثيرا من الطاقات تهدر بدل أن يستفاد منها. أما المقاطعة، فلم تؤد إلى أي شيء إيجابي في أي بلد. فلا شك أن الفعل الإيجابي والمنتج هو المشاركة وهو الأصل. أما المقاطعة فهو موقف استثنائي لإنتاج وضع في مرحلة محددة ووقت محدد.
❍ بالإضافة إلى مكتسب الاستقرار، ما هي أهم المكتسبات التي تحققت مع تجربتكم في المشاركة السياسية؟
● بالقياس إلى ما وضعناه من أهداف للمشاركة السياسية، فقد وضعنا هدف تعزيز المرجعية الإسلامية والمساهمة في الإصلاح، وقد حققنا على مستوى الأول الكثير وهذا ظاهر لا يحتاج إلى التفصيل فيه ومقتضيات الدستور الجديد تعكسه، وكان عملنا وازنا على المستوى الثاني سواء من خلال مراقبة العمل الحكومي أو من خلال مشاركتنا في تدبير الشأن العام وخصوصا في تجربة العمل الجماعي. ولولا هذه المكتسبات التي حققناها لما تزايدت أهمية حزب العدالة والتنمية منذ سنة 1997 إلى اليوم.
❍ بعض الآراء ترى أن مشاركة العدالة والتنمية في الحكومة يمكن أن يضر بمصداقية الحزب وبقاعدته الجماهيرية في كانت المشاركة في نفس الظروف السياسية القائمة ولم يحصل قطع مع النهج التحكمي ولم يعط للدستور مضمونه لديمقراطي؟
● هذا مرتبط بسلوك الحزب.فليس دخول الحزب في الحكومة أو وجوده خارجها هو الذي يؤثر. إنما الذي يؤثر هو سلوك الحزب في الحكومة. إذا شاركنا في الحكومة ماذا سنفعل؟ هذا هو المحدد؟ وكما قلت سابقا: فإن مشاركتنا في الحكومة طاقة، إما أن تعطي نورا إيجابيا مشعا وإما أن تستهلك بشكل سيء وتعطي دخانا وضبابا كإحراق الحطب تماما. فهذا هو الذي سيحدد مآل مشاركتنا. فإذا شاركنا ودفعنا بالبلاد نحو المزيد من الإصلاح والديمقراطية فتكون مشاركتنا إيجابية ومطلوبة، وإذا دخلنا حكومة واستسلمنا للواقع واكتفينا باحتلال الكراسي الحكومية فسيكون هذا بمثابة ضياع هذه الطاقة.
❍ بالنسبة إلى المؤشرات السلبية التي ذكرتم بخصوص التقطيع الانتخابي واللوائح والقانون المنظم لمجلس النواب، هل تتصورن في ظل هذه المؤشرات أن هناك إمكانية للإصلاح؟
● الإمكانية دائما متوفرة. السؤال هو إلى أي مدى ستصلح؟ وما هي الصعوبات التي ستواجهها؟ فمع هذه المؤشرات السلبية، ستكون هناك صعوبات في المضي إلى إصلاحات معتبرة نظرا لعدم وجود إرادة حقيقية للإصلاح وتشبث القوى المضادة للإصلاح بامتيازاتها ومصالحها المشروعة وغير المشروعة.
❍ عبرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن موقف إيجابي من إ الإسلاميين، كما عبرت فرنسا على لسان وزير خارجيتها ألان جيبي عن موقف مماثل أبدى فيه استعدادا للتعامل مع الإسلاميين في حال صعودهم للسلطة في المغرب. هل تعتقدون أن صناع القرار السياسي بالدول الغربية قاموا بعد الربيع العربي، بمراجعة للموقف لجهة الاعتراف بدور الإسلاميين في العملية السياسية وفي السلطة في المرحلة القادمة؟
● أعتقد أن الغربيين عمليون، وفي الأخير سيبحثون عن الصيغة التي تحفظ مصالحهم. أعتقد أن المسألة فيها أمران: الأول هو أن الغربيين أصبحوا يدركون أن تكلفة مساندة أنظمة مستبدة موالية لهم هي أكبر بكثير من تكلفة قيام أنظمة ديمقراطية غير معادية لهم في هذه المرحلة، خصوصا في هذا العقد الأول من هذه الألفية، حاول الغرب أن يفرض سلطته وهيبته من خلال الأنظمة الاستبدادية، لكن ذلك كان مكلفا بالنسبة إليهم. الأمر الثاني، هو أن الأنظمة الاستبدادية قامت بتحييد القوى والنخب السياسية وتدجينها، فأصبحت في مواجهة الشعوب مباشرة، وهذا ما حدث بالفعل في الثورة التونسية والمصرية والليبية واليمنية والسورية . فهذه الثورات لم تقف وراءها هيئات وتنظيمات سياسية، وإنما يقوم وراءها الشعب، ولذلك لم يعد مقدورا السيطرة عليها بالطرق المعهودة، ولهذا يبدو أن الغربيين استوعبوا أنهم سيتعاملون مع ما سيفرزه الحراك الديمقراطي في الوطن العربي بشرط ألا يكون معاديا لهم.
❍ لكن لا ينبغي أن ننسى أن التحول الديمقراطي في البلدان العربية لا يخدم في كثير من الأحيان المصالح الغربية التي تتغذى من منطق الريع السائد والامتيازات التي تمنح لها خارج القيم والآليات الديمقراطية، خذ على سبيل المثال شركات التدبير المفوض الفرنسية في العديد من المدن المغربية، فهل ستضحي فرنسا مثلا بهذه المصالح؟ أم أنها ستضطر إلى التكيف مع التحول الديمقراطي؟
● في الحقيقة فرنسا كان لها وضع الامتياز في المغرب منذ عهد، وقد حاولت أن تحافظ على هذا الوضع بشتى الوسائل، لكن عليها اليوم أن تستوعب أن الأمور تغيرت وأن عليها أن تكتفي بمصالحها المشروعة وأن تأخذ بعين الاعتبار مصالح المغرب ايضا وإلا فالاحتفاظ بالوضع السابق غير ممكن. فالاحتفاظ بوضع الامتياز في المغرب كما كان سابقا غير ممكن. فكما هو غير ممكن اليوم في تونس، فهو غير ممكن في المغرب. ولا بد لفرنسا أن تتعامل بواقعية مع الأوضاع الجديدة وأن تعي أن الشعوب استيقظت وصارت تدرك بنسب متفاوتة مصالحها. والنخب التي لا تخدم مصالحها لن تسكت عنها. وأنها من أجل الحفاظ على مصالحها المشروعة في المغرب وعلاقتها المتميزة بالمغرب يجب أن أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار وتكون شريكا للمغرب يتعامل معه على نفس القدر الذي يتعامل به مع الشركاء الآخرين . لكن الاستماتة في الحفاظ على الوضع السابق لن يكون في مصلحة الطرفين.
❍ جرى الحديث بكثافة عن سيناريو تصدر العدالة والتنمية لنتائج الانتخابات وإمكان رئاسته للحكومة، هل أنتم مستعدون لهذه المرحلة؟ وهل الحزب في كامل الجاهزية للتحول من المعارضة إلى رأس التدبير الحكومي؟
● أتصور أنه إذا كلف حزب العدالة والتنمية بهذه المسؤولية سيتحملها. ولا يعقل أن حزبا سياسيا يخوض المعركة الانتخابية وإذا تصدر نتائج الانتخابات وكلف بهذه المسؤولية يعتذر عنها بحجة أنه غير قادر على تحمل تبعاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.