ستجرى الانتخابات التشريعية ل 25 نونبر الحالي في سياق عربي ودولي يتميز بتحولات جذرية تمس بنية الدولة العربية، وكذا العقل الغربي الذي يتعامل مع تحولات الخريطة العربية. في هذا السياق عف الربيع العربي بعدد من الديكتاتوريات العربية (مصر، تونسن ليبيا) وماتزال عدد من الساحات العربية تعرف مخاض الصراع بين تطلعات الشعوب ورغبة منطق التسلط في خلق شروط الاستمرارية. في هذا الخضم جرت أول انتخابات عربية في زل الوضع الجديد في تونس يوم 23 أكتوبر الماضي أدت إلى إفراز تيار شعبي عريض تمثله حركة النهضة الإسلامية. فوز الاسلاميين في تونس فرض إعادة قراءة هدد من الفرضيات من قبل صناع القرار في الدول الأوربية ولدى الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما أن هذا معطى نزاهة الانتخابات في تونس وشفافيتها ونسبة المشاركة العالية (أزيد من 80 بالمائة) سيشكل ضغطا على انتخابات دول الجوار، لاسيما الانتخابات التشريعية المغربية. في هذا السياق، أي سياق مراجعة الغرب لتوجهاته اتجاه المنطقة العربية، أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن القول بعدم قبول المسلمين الملتزمين في العالم العربي بعد انطلاقة «الربيع العربي» هو أمر خاطئ ومهين، مشددة على أن «الإسلاميين ليسوا جميعا سواسية». وأوضحت في كلمة أمام «ان دي آي»، وهو مركز للدفاع عن الديمقراطية أن الولاياتالمتحدة مستعدة للتعاون مع الإسلاميين الذين فازوا في الانتخابات التونسية. وذكرت كلينتون بأن حزب النهضة وعد باحترام الحرية الدينية وحقوق النساء، مشيرة أيضا إلى أن العديد من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في العالم تنخرط طبيعيا في لعبة الديمقراطية».وعددت المعايير التي يجب أن يحترمها كل حزب يحترم الديمقراطية، وهي رفض العنف والانضمام إلى دولة القانون، واحترام الحريات، واحترام حقوق النساء والأقليات، والقبول بمبدأ الهزيمة الانتخابية، ورفض إثارة التوترات الدينية. وأكدت وزيرة الخارجية أيضا أن الولاياتالمتحدة تواصل دعمها للربيع العربي، بالرغم من «الغموض» المتعلق بالعمليات الانتقالية الجارية، و»نقر اليوم بان الخيار الحقيقي هو بين الإصلاح والاضطرابات». وأضافت «خلال سنوات، قال الطغاة لشعوبهم إن عليهم أن يقبلوا بهم لتحاشي المتطرفين. وغالبا، كنا نقبل نحن أنفسنا هذا المنطق». بالمقابل هنأ وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، بعد تردد كبير من قبل فرنسا، زعيم حزب حركة النهضة راشد الغنوشي على فوز حزبه في الانتخابات الأخيرة . وتأتي هذه التهنئة بعد تصريح أدلى به وزير الخارجية الفرنسي لإذاعة «أوروبا1» ذكر فيه أن بلاده مستعدة للعمل والتعاون مع حزب حركة النهضة التونسي الإسلامي، وأنه هو شخصيا يريد «أن يثق» بمسؤولي هذا الحزب. وأضاف جوبيه في تصريحه الإذاعي أن مسؤولي النهضة يؤكدون أنهم يريدون بلدا مرجعيته الإسلام، وتحترم فيه الديمقراطية. وتساءل رئيس الدبلوماسية الفرنسية «لماذا لا أصدقهم؟ أنا أثق في الناس.. سنعمل معهم»، مضيفا أن «الانطلاق من مقولة أن الإسلام والديمقراطية لا يلتقيان أمر غير عادي». وضمن إطار التفاعل مع مايجري في الساحة العربية، قال نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون المغرب العربي، روبرت ماكسويل، إن بلاده تنتظر ما إذا كانت الإصلاحات التي وعد بها المغرب والجزائر ستطبق فعليا، مضيفا في ندوة يوم الخميس 3 نونبر 2011، أن السلطات الجزائرية والمغربية «تتخذ الخيار الصائب بكونها تتقدم الربيع العربي». وأبرز أن المغرب لا تزال الإصلاحات الموعودة تنتظر تجسيدها على الواقع بعد أن طرح الملك محمد السادس في 17 يونيو مشروع دستور جديد من شأنه تعزيز دور رئيس الحكومة والبرلمان. لعل هذه التحولات في دول الجوار العربي، وكذا تحولات في استرتايجية الدول الغربية للمنطقة العربية، ستجعل المغرب أمام امتحان «إنجاز انتخابات تشريعية بمعايير ديمقراطية حقيقية». انتخابات تقطع، حسب عمر بندورو أستاذ علم السياسة بجامعة محمد الخامس بالرباط، مع عهد تزوير الانتخابات والهندسة القبلية والموازية والبعدية للخريطة الانتخابية. وتقطع أيضا مع الحيالد السلبي للإدارة وترك الملعل «للفساد الانتخابي وللمال الحرام». وشدد بندور على القول، انتخابات 25 نونبر أمام امتحانين كبيرين مطروحين على شكل سؤالين: أولا هل ستجري تلك الانتخابات بنفس المنسوب الديمقراطي التي جرت به انتخابات المجلس التأسيسي بتونس وهل ستسمح الدولة للتيار الذي ستفرزه صناديق الاقتراع بحرية الحركة لتشكيل تحالفات مابعد 25 نوبر2011؟ ثانيا هل ستسمح القوى الدولية الكبرى في التعامل مع أنظمة ماتزال تتعامل مع شعوبها بمنطق الوصاية ولاتحتكم للتدول الحقيقي على السلطة؟