نظم حزب العدالة والتنمية ندوة سياسية تحت عنوان "المرأة والمشاركة السياسية" يوم الأحد 12 أبريل 2002 بالرباط، وجاءت الندوة في سياق متغيرات عرفها المجتمع المغربي فيما يخص شؤون المرأة خاصة فيما يتعلق بالكوطا ومدى فعاليتها داخل الأحزاب السياسية، افتتحت الأستاذة عشوشة المزالي بالمرأة الفلسطينية، وبعدها تحدثت الأستاذة بسيمة الحقاوي عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عن المشاركة السياسية للمرأة: مقاربة إسلامية، والتي دعت إلى ضرورة مشاركة المرأة المغربية العربية والمسلمة في الحقل السياسي حتي لا تسير شؤون السياسة في العالم برجل واحدة، ولقد أشارت الأستاذة إلى دراسة انطلاقا من القرآن الكريم، محاولة البحث عن نموذج امرأة مارست السياسة بمعزل عن الرجل، فأعطت مثالا بالملكة بلقيس التي كان لها استقلال في اتخاذ القرار، كما أعطت نموذج أم سلمة التي أشارت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يتبعه أصحابه، ولقد بينت العراقيل التي تواجهها المرأة في العمل السياسي داخل الأحزاب السياسية وذلك من خلال قيامها بكل الأدوار داخل الأسرة، وغياب تكامل حقيقي بينها وبين الرجل. أما الأستاذة بثنية قروي فقد تحدثت عن المرأة المغربية ومراكز اتخاذ القرار، والتي ارتكزت فيها على ملاحظات عامة تتمثل في الأساس الفكري الذي يمكن من خلاله توفير الشروط المؤسساتية والقانونية والاجتماعية والثقافية الملائمة لفتح المجال لاستثمار الكفاءات النسائية في المجتمع والأساس الفلسفي المؤطر لعمل المرأة السياسي بكونه أمانة وواجب، كما أشارت الأستاذة إلى محاولة تشخيص تواجد المرأة في مراكز اتخاذ القرار بالمغرب وذلك من خلال إحصائيات فالمرأة تشكل نسبة 58% من إجمال الساكنة المغربية و15,6% من الأسر تعولها نساء 69% من الموظفين في مجال التربية هم نساء وغيرها من الإحصائيات المتعلقة بتواجد المرأة في بعض مراكز صنع القرار، وكانت خلاصة الإحصائيات أن السمة العامة لهذا التواجد هو الضعف الذي يرجع إلى عوامل ثقافية واجتماعية وسياسية. وبينت أن المدخل الصحيح لتجاوز هذه العوائق هو النضال المجتمعي الذي ينطلق من وعي المرأة بدورها في التغيير. أما الدكتور محمد رضا بن خلدون فقد تحدث عن اعتماد الكوطا في الانتخابات والإشكالات التي تطرحها، مستهلا حديثه بخطاب جلالة الملك محمد السادس الذي يقول فيه "المرأة المغربية لا تقل في شيء من حيث المؤهلات والطموحات عن مواطنيها الذكور لذلك يتعين في الوقت الراهن فتح المجال أمامها لاستثمار كفاءاتها، بيد أنني لا أقبل بنظام الكوطا، لأنه يحشر النساء بشكل أوتوماتيكي في خانة الأقلية، فالانتقاد يجب أن يتم على أساس الكفائة وليس لاعتبارات ديماغوجية تعتمد الجنس كمعيار". وبين في المقابل أن إقصاء المرأة من المشاركة السياسية وعدم إقبالها من جهتها على ذلك هو قبل أن يكون مشكلة قانونية أو تشريعية مشكلة في الثقافة السائدة وفي الثقافة السياسية داخل الأحزاب التي تقع عليها المسؤولية الأولى في عدم إدماج المرأة في الحياة السياسية، وأوضح الدكتور بن خلدون إشكالات الكوطا التي يبينها الفصل 37 من الدستور الذي يقول "ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس، كما أن هناك إشكالا آخر هو التعارض مع مبدأ حرية الاختيار، فالناخب يعرض عليه التصويت على لائحة وطنية لا يرغب فيها بالضرورة. كما أن الكوطا تطرح إشكال التعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين. وهذا ما سيدفع مشروع الكوطا إلى تهميش المرأة داخل الأحزاب السياسية لأنها ستتخلص من "صداع الرأس" ولن تتحمل مسؤولياتها في تعيين النساء على رأس القوائم، والحزب صوت لصالح الكوطا لأنها آلية مرحلية ستمكن المرأة من ولوج المؤسسات السياسية. كما أشار إلى الفرق بين الكوطا كإجراء تنظيمي وبين الكوطا في تسيير الشأن العام، فالأول يدخل في إطار تأطير الأعضاء داخل الأحزاب المنوط بها تأطير المواطنين، ويدخل في إطار عملية التأهيل والثاني يؤدي إلى فرض منتخبين على المواطنين ويتعارض مع مبدأ حرية الاختيار التي تكفلها كل الشرائع والقوانين، ويؤدي إلى تكريس تهميش المرأة، وحسب الورقة المذهبية لحزب العدالة والتنمية لسنة 1996 (مبادئ واختيارات) فالحزب يدعو إلى تصحيح وضعية المرأة، وذلك بإعادة الاعتبار لها بوصفها إنسانا مكرما وحرا ومسؤولا وتخليص نظرة المجتمع إليها من رواسب عصر الانحطاط. كما أن التقرير السياسي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية بتاريخ 14 - 13 أكتوبر 2001 يدعو للعمل على تعزيز حضور المرأة داخل الحزب وتعزيز دورها في العمل السياسي. ولقد عرفت الندوة مجموعة من المناقشات التي أثيرت من قبل الحاضرين كالتخوف من أن ينحى القطاع النسائي داخل حزب العدالة والتنمية منحى الحركات النسوانية، غير أن تدخل المحاضرين أكد أن نساء الحزب يحاربن النسوانية يجب أن لا يحمل خطابهن على غير محمله إنما يطالبن بحقوق المرأة وتفعيل مشاركتها في الحقل السياسي ومحاربة إدراج نقطة القطاع النسائي في آخر جدول أعمال الأحزاب السياسية. خديجة عليموسى