تعهد ثوار الثورة السورية، بحرق الأعلام الروسية والصينية وكذلك بضائع البلدين في سوريا احتجاجًا على استخدام الفيتو من قبل البلدين لمنع تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يدين النظام السوري ويدعوه إلى وقف حملته القمعية، فيما أثار الموقف الروسي والصيني استياء لدى الدول الغربية التي نددت به. وحمَّل الثوار من وصفوه بمعارضة المزارع في إشارة إلى هيئة قوى التنسيق الوطني بزعامة حسن عبد العظيم والذين رفضوا حتى الآن الدخول في المجلس الوطني السوري مسؤولية القرار الصيني والروسي؛ كون الهيئة لا تزال تدعو إلى الحوار مع النظام القمعي الاستبدادي السوري، حسب الثوار. ووفقًا لموقع «سوريون»، أضاف الثوار: إن هذه الدعوة من قبل معارضة المزارع هي التي تغطي الفيتو الصيني والروسي الداعي إلى الحوار، وبالتالي فإن هكذا معارضة تتحمل وزر سيل الدماء السورية في الشوارع الآن. وخرجت مظاهرات في مناطق سورية عديدة حرقت العلمين الروسي والصيني تنديدا بموقف الدولتين من ثورة السوريين. بدوره، اعتبر رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون، في مقابلة مع وكالة “فرانس برس”، أن الفيتو الروسي الصيني “سيشجع” أعمال العنف. وقال إن “دعم بشار الأسد في مشروعه العسكري والفاشي لن يشجع الشعب السوري على البقاء في الثورة السلمية”. وأضاف “إنهم يشجعون فعلياً العنف”، متطرقاً بشكل خاص إلى الموقف الروسي. وتابع “لتجنب هذا الانزلاق نحو العنف، يجب أن تتحرك المجموعة الدولية فعلياً بطريقة أخرى، وأن تدرك المخاطر والمجازفات في هذه الفترة من التاريخ”. وأكد “أعتقد أن المجموعة الدولية لم تتحمل بعد كل مسؤولياتها”. ودعا غليون إلى “مؤتمر دولي حول سوريا مع القوى الكبرى والدول العربية، وأيضاً الروس الذين لطالما اتخذوا مثل هذا الموقف”. استياء غربي في غضون ذلك، أعلنت الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الاتحاد الأوروبي عن استيائها من الفيتو الذي اتَّخذته الصين وروسيا ضد صدور قرار من مجلس الأمن لفرض عقوبات على سوريا. وأكّدت المندوبة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس أنّ واشنطن «مستاءة جدًّا» لإسقاط مشروع قرار يدين الحكومة السورية بسبب استخدام الصين وروسيا حقّ النقض. وقالت رايس، في كلمةٍ أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي بكامل أعضائه: إنّ الوقت قد حان للمجلس لتبنِّي «عقوبات محددة صارمة» ضد دمشق بسبب قمعها الاحتجاجات المطالبة بالإصلاحات السياسية والديمقراطية. وأوضحت رايس أنّ «الأزمة في سوريا ستبقى أمام مجلس الأمن، ولن نهدأ حتى يرتفع هذا المجلس إلى مستوى مسؤولياته»، مشيرةً إلى أنّ « الشعب السوري الشجاع يرَى من في هذا المجلس يدعم رغبته في الحرية وحقوق الإنسان، ومن لا يدعم»، في إشارةٍ مبطنةٍ إلى موسكو وبكين. وانتقدت رايس ضمنًا الصين وروسيا بالقول إنّ الدول المعارضة لمشروع القرار «تفضل بيع السلاح للنظام السوري» بدل دعم الحريات التي يطالب بها الشعب السوري. وقالت رايس: «اليوم، لجأ عضوان إلى الفيتو ضد مشروع تم تعديله في شكل كبير ولا يشير حتى إلى عقوبات». وأضافت «سأكون واضحة: تعتقد الولاياتالمتحدة أنه حان الوقت ليتحمل هذا المجلس مسؤولياته ويفرض إجراءات قاسية محددة الأهداف وحظرًا على الأسلحة ضد نظام» الرئيس السوري بشار الأسد. وكان مشروع القرار قد حصل على تسعة أصوات مؤيدة، لكن سفيري روسيا والصين أعلنَا معارضة بلديهما للمشروع الذي تقدمت به فرنساوألمانيا وبريطانيا والبرتغال، مساء الثلاثاء الماضي، والذي يدين الحكومة السورية بسبب قمعها حركة الاحتجاجات، فيما امتنع كل من لبنان والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل عن التصويت. أما المندوب الفرنسي جيرار ارو فقال: «لقد تَمّ بذل كل الجهود للتوصل إلى إجماع» حول مشروع القرار من دون جدوى. وأضاف: تَمّ تقديم «العديد من التنازلات» لروسيا والصين والدول التي امتنعت عن التصويت، منددًا باللجوء إلى حق النقض. واعتبر ارو أنّ اللجوء إلى الفيتو يظهر «ازدراء بالمصالح المشروعة التي يتم النضال من أجلها في سوريا» منذ بدء الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد في منتصف مارس الماضي. وفي برلين، عبرت الحكومة الألمانية عن أسفها لإخفاق مجلس الأمن في الاتفاق على إصدار قرار يدين قمع الحكومة السورية للاحتجاجات التي خلّفت حوالي 2700 قتيل إلى الآن، واصفة ذلك بأنه يقوض مصداقية المجلس. وجاء في بيان أصدره وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيله «أنَّ فشل الجهود التي بذلت لإصدار قرار حول سوريا أمر مؤسف حقًّا. لم يَرُق مجلس الأمن لمسؤوليته في حفظ الأمن والسلم في العالم.» ومضى البيان للقول: «ستواصل ألمانيا بذل جهودها، دوليًا وخاصة في أروقة الاتحاد الأوروبي، للتوصل إلى موقف واضح وللضغط على النظام السوري». تشديد العقوبات من جانب آخر، وفي سياق الضغوط التي يمارسها المنتظم الدولي ضد نظام بشار الأسد، شددت كندا، الثلاثاء الماضي، عقوباتها على النظام السوري واستهدفت خصوصًا القطاع النفطي، من دون أن توقف رغم ذلك أنشطة مجموعة سانكور الكندية في هذا البلد. وقال وزير الخارجية الكندي جون بيرد في بيان: إن العقوبات الجديدة تحظر على الشركات الكندية «استيراد، بيع ونقل النفط أو المواد النفطية إلى سوريا»، وأيضًا «تمويل استثمارات جديدة في القطاع النفطي». وأعلنت كندا في ماي الماضي رزمة أولى من العقوبات ضد نظام الأسد. وعمدت «اوتاوا» بعدها إلى تشديد عقوباتها من دون توسيعها لتشمل القطاع النفطي, وفقًا لوكالة «فرانس برس». ومعلوم أن المجموعة النفطية الكندية سانكور تستثمر بالتعاون مع شركة سورية رسمية موقعًا غازيًّا كبيرًا في وسط سوريا. وكانت منظمات حقوقية اتهمت المجموعة الكندية بتمويل القمع في سوريا بشكل غير مباشر، معتبرة أن السلطات السورية تستفيد من النتائج الاقتصادية لهذه الشراكة. وردًّا على سؤال في «اوتاوا» حول تأثير هذه العقوبات الجديدة على المجموعة النفطية الكندية، قال بيرد: إن المجموعة لا تصدر الغاز من سوريا، موضحًا أن الإنتاج «هو فقط للاستخدام المدني، للسكان السوريين». كذلك، تحظر العقوبات الكندية الجديدة ممارسة أنشطة تجارية مع «أفراد في النظام» السوري. وأوضح بيرد أن «هذه التدابير لا تهدف إلى مفاقمة وضع الشعب السوري» بل تستهدف فقط نظام الرئيس بشار الأسد. إلى ذلك، أكّد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنّ بلاده ستفرض «مجموعة عقوبات» خاصة بها ضد النظام السوري رغم فشل إصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يدين نظام بشار الأسد بعد استخدام روسيا والصين حقّ النقض. وذكر أردوغان أنّه «من المؤسف» عدم التمكُّن من إصدار قرار في مجلس الأمن، مشيرًا إلى أنّ هذا الأمر لن يحول دون قيام حكومته بفرض عقوبات على النظام السوري لقمعه حركة الاحتجاج الشعبية. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن أردوغان قوله خلال زيارة إلى جنوب إفريقيا: إنّ «الفشل في إصدار القرار لن يثنينا، سنقوم حتمًا بفرض مجموعة من العقوبات على الفور».