خرج سكان قرى وجبال المغرب عن صمتهم، وأبدعوا أشكال احتجاجية متنوعة من أجل لفت انتباه المسؤولين إلى وضعيتهم المزرية، خرج الشباب والنساء والمسنون وحتى الأطفال في مسيرات على الأقدام، قطعوا الجبال والغابات وعشرات الكيلومترات من أجل مطالب قد تبدو لمن لا يعرف قيمتها بسيطة. وسكان دواوير منسية لا يعرفها مغاربة المدن الكبرى، دواوير مثل «إغردان»، «تغرمت نشخنون»، «اغنبو نو الغراس»، « تاغيا نايت بولمان»، «تغدوين»، «أولاد زهرة» «تنومريت»، «تملالت» و«أيت تمجوض» وغيرها خرجوا يحتجون، رفعوا أصواتهم في وجه المسؤولين حتى يوفروا لهم ضروريات الحياة. مطالب سكان هذه الدواوير المنسية ليست صعبة ولا مستحيلة، بل هي بالنسبة لغيرهم حقوق مكتسبة بحكم المواطنة. يريدون فك العزلة عنهم وربطهم بالعالم من حولهم، رجال ونساء رسم الزمن أخاديد على وجوههم تحملوا عناء المشي على الأقدام لمسافات طويلة وقطعوا الوديان والجبال والغابات حتى يصلوا إلى المسؤولين من العمال والولاة يطالبونهم بالماء الصالح للشرب حتى لا يموتوا عطشا، تعبيد الطريق، توفير الأمن، بناء مدارس لتعليم أطفالهم، ومستوصفات لتخفيف آلامهم، يريدون توفير فرص الشغل في المشاريع المنشأة في محيط سكنهم والاستفادة من الثروات الطبيعية لجماعاتهم. ردود أفعال السلطات العمومية إزاء هذه الحركات الاحتجاجية الغير مسبوقة كانت مختلفة، ترواحت ما بين التفاوض وتقديم الوعود والتلويح بالتهديد والتدخل بعنف في حق المحتجين من النساء والرجال، بل وصلت إلى حد اعتقال بعضهم بتهم الإخلال بالأمن العام والعصيان ومواجهة السلطات والتجمهر بدون إذن. جميع أهالي القرى التي خرجت للاحتجاج سئموا من وعود المسؤولين ولم تعد لهم ثقة في منتخبين لم يغيروا على مدى سنوات من واقعهم المزري شيئا ولم يبذلوا أي جهد في سبيل تحسين مستوى عيشهم. ورغم الأمية التي تنتشر في صفوف سكان هذه القرى المعزولة والمنسية إلا أن أهالي هذه القرى ترسخ لديهم وعي بأن الحقوق اليوم تنتزع بالاحتجاج والمطالبة به بأشكال مختلفة. أهالي «تنومريت» و«تملالت»: نريد فك العزلة دخل سكان دواري تنومريت وتملالت بجماعة أيت ولال قيادة النقوب إقليم زاكورة في اعتصام مفتوح أمام مقر الجماعة، منذ الخامس من شتنبر الجاري، أهالي الدوارين يطالبون بفك العزلة عنهم بإصلاح وتعبيد المسلك الطرقي البالغ طوله 20 كلم. وكذا توفير مرافق صحية من مستوصف ودار للولادة وربط دوار تملالت بشبكة الكهرباء الماء وتخصيص منح سنوية لدعم جمعية شباب تنومريت وذلك لتغطية جزء من مصاريف سيارة الإسعاف وحافلة النقل المدرسي اللتين وفرتهما الجمعية بدون أية مساعدة من الجماعة. دوار «تدشرت»: نريد الماء سكان دوار «تدشرت» بجماعة أوزكيتة اعتصموا امام مقر عمال الحوز يطالبون المسؤولين بتوفير الماء الصالح للشرب، اهالي الدوار قطعوا مسافة تقارب 34 كيلمترا سيرا على الأقدام في اتجاه العمالة ليقوقا للمسؤولين : إننا نموت عطشا. وكان السكان يعتمدون على ماء أحد العيون لكنها بدأت تجف تدريجيا، فيما باءت محاولاتهم بمساعدة محسنين حفر آبار بالفشل، السكان هددوا بارفع من وتيرة احتجاجهم إذا لم تحقق مطالبهم أو الهجرة جماعيا إلى تحناوت. قبيلة آيت سيدي أحمد أوحمد بجبل عوام: نريد الشغل سكان قبيلة آيت سيدي احمد بجبل عوام يقطنون فوق أرض غنية بالثروات المعدنية غير أنهم بالمقابل يعيشون على إيقاع البؤس والفقر بعد أن تحولت أراضيهم الفلاحية الخصبة إلى أراض بور بسبب المياه الملوثة بالمعادن التي يلفظها منجم جبل عوام. شباب ورجال وحتى نساء القبيلة قرروا الاحتجاج للفت الانتباه الى وضعهم المزري، إلا أنهم ووجهوا بتدخل أمني عنيف لم يفرق بين النساء والمسنين، وإلى جانب ما تعرضت له أراضيهم الفلاحية التي كانت فرصهم الوحيدة للشغل، فوجيء السكان بعدم توظيف أبنائهم في المنجم حيث كشفت لائحة الترسيم السنوية أن الشركة لم توفر سوى خمسة مقاعد لأبناء المنطقة، الأمر الذي دفع السكان إلى الدخول في اعتصام مفتوح للمطالبة بالتشغيل وتطبيق الاتفاق الذي تم توقيعه مع الشركة الجديدة، والتي التزمت بموجبه بأن تكون نسبة العمال داخل المنجم من أبناء المنطقة 75 في المائة، إلا أن هذا الأمر لم يتم احترامه فدخل سكان المنطقة في اعتصام وقطعوا الطريق المؤدي إلى المنجم. إلى جانب الشغل يريد السكان توفير الماء الصالح للشرب وتحسين البنية التحتية للمنطقة، لكن قوات الامن تدخلت بعنف لفض الاعتصام مما نجم عنه اصابة النساء والشباب والشيوخ بجروح. جماعات ناوور تانوغة نايت امحند: نريد إلغاء الديون خرج أزيد من 150 فلاحا من جماعات ناوور تانوغة نايت امحند قيادة ايت ويرة وبنشرو ودير القصيبة اقليمبني ملال في مسيرة مشيا على الأقدام باتجاه الولاية للاحتجاج ضد ديون القرض الفلاحي التي أثقلت كاهلهم، الفلاحون قالوا ان ديون القرض الفلاحي تتزايد سنة عن اخرى دون مراعاة اوضاع الفلاحين خاصة مع ما لحقهم من خسائر جسيمة بسبب الجفافا في اول الموسم الفلاحي والفياضانات في نهايته. المسيرة حاصرتها القوات العمومية وحولتها ايقافها الا انها لم تفلح في ذلك بل استمرت الى ان وصل المحتجون القادمين من مختلف المناطق الجبلية الة قصبة تادلة حيث تشكلت لجنة للقاء المسؤولين في الولاية والتفاوض معهم، وهدد المحتجون بنقل احتجاجهم الى الرباط في حال عدم التوصل الى اتفاق. أهالي أيت تمجوض: نريد الطريق انطلق أهالي مشيخة أيت تامجوض الجبلية (قيادة تاكلفت) إقليم أزيلال، في مسيرة مشيا على الأقدام عبر شعاب وأودية جبال الأطلس، ليصلوا إلى مدينة بني ملال حيث قضوا ليلتهم في العراء، والأهالي قالوا إن السكان سئموا من الوعود الكاذبة للمسؤولين، ويريدون إنجاز طريق تربط بين «إيشيشي» و«إغرم ندمران» على طول 6 كيلومترات، هذه الطريق يعلقون عليها آمالا كبيرة فهي التي ستفك العزلة عنهم خاصة خلال موسم الأمطار والثلوج حيث تتفاقم معاناة السكان، وإلى جانب مطلب فك العزلة يطالب السكان بمؤسسة صحية تتوفر فيها دار للولادة والوسائل الطبية الضرورية وموارد بشرية كافية لتغطية الدواويرالثلاث المكونة لمشخية ايت تمجوض. دوار أولاد زهرة: نريد الأمن خرج شباب دوار اولاد زهرة في نسيرة ليلية في اتجاه مقر ولاية تادلا ازيلال، للاحتجاج ضد تاجر مخدرات يبث سمومه في أوساط شباب الدوار، وكانت مسيرة سابقة نظمتها الأمهات لنفس السبب تعهد خلالها بعض المسؤولين بترحيل المشتكى به أو توقيفه إلا أن هذه التعهدات بقيت مجرد كلام في الهواء. وطالب المحتجون بتوفير الأمن لهم وحماية شباب الدوار من انتشار المخدرات، مهددين بهجر منازلهم وتنظيم مسيرة في اتجاه العاصمة الرباط إن لم تتدخل السلطات المعنية للحد من تسلط هذا المروج وعائلته. والسكان قالوا إن مروج المخدرات كون عصابات مدججة بالسيوف تهدد أمن وطمأنينة سكان أولاد زهرة باولاد عياد، كما أن نشاطه بهذا المجال لعدة سنوات أكسبه خبرة مكنته من الإفلات من قبضة العدالة. أهالي «تينكارف»: نريد التطبيب قصة اهالي تينكارف مع الاحتجاج تعود الى سنة 2009 حين قضوا 15 يوما تقريبا أمام الولاية احتجاجا على العزلة التي يعيشونها وللمطالبة بحقوقهم في التنمية، آنذاك توصل الأهالي الى اتفاق مع المسؤولين في الولاية وعدوهم فيه بتحقيق مطالبهم وهي (الطريق،التمويل بالمواد الغذائية، المستوصف، المدرسة، تسهيل الحصول على الوثائق الإدارية حماية النساء الحوامل من الموت أثناء الولادة ..). لكن مرت سنتان ولم يف المسؤولون بوعودهم التي بقيت مجرد كلام ذهب ادراج الرياح، اهالي تينكارف عاودوا الاحتجاج من جديد وذهبوا الى مقر الولاية لتذكير المسؤولون بتعهداتهم وبما يعيشه السكان من بؤس بسبب عدم توفر المنطقة على شروط العيش الكريم خاصة النساء اللواتي تعانين الامرين أثناء الولادة ومنهن من يفارقن الحياة خلالها بسبب انعدام مستوصف في المنطقة ولكونها معزولة بسبب عدم تجهيز الطرقات.