يذكر الوزاني أن محمد الخامس استشار معه سنة 1960 في أن يتولى الملك نفسه رئاسة الحكومة ويجمع في يده كل السلط التنفيذية، وقد كان موقف الوزاني متحفظا من هذه المسألة انطلاقا من ثقافته الدستورية بحيث أجابه بأن "أصول الفقه الدستوري الحديث تقضي بأن الملكية الرئاسية لم توجد في أي جزء من العالم" كما عبر له على أن "اتباع الأسلوب الرئاسي في النظام الملكي بالمغرب.. إذا لم يكتب له النجاح.. فإن الشعب لن يقول إن الحكومة هي التي أخفقت وكفى، بل سيقول إن الملك هو الذي لم يقدر له النجاح والتوفيق، ومن شأن هذا أن يصيب الملكية بسوء.." لأن النظام الرئاسي كما هو عليه الشأن في الولاياتالمتحدةالأمريكية يقضي بأن "يتقلد الرئيس باسم الحزب الفائز في الانتخاب فهو مسؤول دستوريا عن كل ما يعتبره القانون ذا صبغة جنائية في تصرفات الرئاسة، يضاف إلى هذا أنه لا توجد حكومة، فالرئيس يعين معاونين له بموافقة شكلية لمجلس الشيوخ، ولهذا لا يحملون لقب الوزراء بل كتاب الدولة، وجميعهم مسؤولون أمامه وحده كرئيس لهم..". وبغض النظر عن الظروف السياسية والحيثيات الموضوعية المحيطة بهذا النص، فإن الموقف الذي عبر عنه الوزاني يفيدنا في استنباط بعض الأفكار الهامة: - إن تولي الملك رئاسة الحكومة يجعله مسؤولا مباشرة أمام الشعب، فإذا فشلت الحكومة يكون الملك فاشلا أمام الشعب، وهو ما من شأنه أن يسيء إلى رمزية المؤسسة الملكية وهيبتها. إن الذي يمارس السلطة ينبغي أن يكون موضع مساءلة أمام الشعب بواسطة ممثليه، لذلك فإن استقرار النظام الملكي -في نظر الوزاني- رهين بترفعه عن ممارسة السلطة بشكل مباشر. ويفيدنا تحليل الخطاب السياسي عند الوزاني في اكتشاف مدى حرصه على إناطة السلطة بالحكومة حتى تكون مسؤولة مسؤولية كاملة، "فتشكيل الحكومة في نظره يكون نتيجة الاقتراع العام، والشعب هو الذي يختار حكامه الذين يكونون مسؤولين أمامه". ولكي يؤسس لمفهوم المسؤولية السياسية، يستند محمد حسن الوزاني على معطيات الفقه الإسلامي ليعتبر بأن "الحكومة الإسلامية تقوم كلها على مبدأ المسؤولية. قال رسول الله: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (..)، ومسؤولية الحكومة عن أعمالها وتصرفاتها الجليل منها والحقير أمر لا ينكره إلا المسيطرون البغاة ومن على شاكلتهم من الظلمة الفجرة، وإذا كان هناك من لا يسأل عن أفعاله فهو الله عز وجل دون غيره من الخلق كافة، فهو جل شأنه الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"، ثم يلجأ الوزاني إلى تجربة الخلفاء الراشدين لينتقي من أقوالهم ما يعزز به أطروحته، وما يدل على تحملهم المسؤولية أمام الأمة، وليخلص إلى أن مبدأ المسؤولية في الإسلام "مبدأ يشمل جميع ما يناط بعهدة الإنسان من أعمال ويصدر عنه من آثار (..) وهو ألزم للحكام في سياستهم وتدبير مصالح الأمم، لأن الحكام إنما هم خزان الرعية ووكلاء الأمة وسفراء الأئمة (كما قال الإمام علي في نهج البلاغة