هاجر بوتوغرفن، من مواليد دجنبر 1993، فتاة أمازيغية الأصل، تنحدر من مدينة خنيفرة، وتقطن الآن بحي سيدي بوزكري الشعبي بمدينة مكناس، آمنت هاجر بأن همتها لو تعلقت بالثريا لأدركتها، فبدأت حفظ القرآن منذ كان عمرها 12 سنة، حين كانت تدرس بالسنة السابعة إعدادي، فأتمت حفظه خلال ثلاث سنوات، وكان عمرها آنذاك 15 سنة. تعرفت هاجر على دار القرآن مسجد التوبة بحي سيدي بوزكري، الذي يشرف عليها الشيخ البوشاشي محمد، وتستقطب نحو 150 فردا يوميا، ذكورا وإناثا من أطفال وشباب حي سيدي بوزكري والأحياء المجاورة له، فكان لبرنامج الحفظ الذي تعتمده دار القرآن أثر إيجابي على المسيرة الدراسية للشابة هاجر، التي لقبها شيخها البوشاشي بالحاجة هاجر، ليست هي وحدها، بل كل من أتمت حفظ القرآن يناديها الشيخ بالحاجة، وهكذا كانت هاجر تواظب على الحفظ بدار القرآن بعد الفجر وبعد صلاة المغرب، وقبيل الظهر، وخلال أوقات الفراغ الدراسية، إلى أن أتمت حفظها بالموازاة مع دراستها في الإعدادية، وتقول هاجر إن حفظ القرآن جعلها تنظم وقتها أكثر، وكانت تستغل أوقات تواجدها في دار القرآن في مراجعة دروسها رفقة زميلاتها، وحين أتمت هاجر الحفظ، بالتزامن من انتقالها إلى الدراسة بالثانوية، اكتفت بحصص المراجعة بعد صلاة الفجر، بينما تنشغل الآن، بتعلم مهارات مختلفة، بينها التداوي بالأعشاب الطبية، وذلك خلال الفترة الصيفية في انتظار بداية الموسم الدراسي، وسنة دراسية مهمة في حياة هاجر، إنها سنة نيل شهادة الباكالوريا بإذن الله. الشيخ البوشاشي محمد، المشرف على دار القرآن المذكورة، أعرب في حديث ل"التجديد" عن اعتزازه بالحافظة لكتاب الله، "هاجر بوتوغرفن"، واعتبر أن تفوقها وحفظها لكتاب الله خلال ثلاث سنوات بالموازاة مع متابعتها الدراسية، يعود لعدة أمور، أهمها الانضباط وتنظيم الوقت والعزيمة والإرادة، واعتبر البوشاشي الذي يشرف على دار القرآن منذ أزيد من تسع سنوات، أن هناك إقبالا مهما على حفظ القرآن من طرف فتيات الحي، مؤكدا أن هاجر وبسبب قوة أخلاقها، استطاعت أن تكسب احترام الجميع، بينما أصبحت قدوة لغيرها من الشابات، بعدما اقتدت بدورها بفتيات أخريات حفظن القرآن الكريم خلال الخمس السنوات الأخيرة، وأفاد البوشاشي بأن السنة الماضية شهدت تخريج 14 حافظا وحافظة لكتاب الله، بينهم سبع فتيات، وقدر عدد حفظة وحافظات القرآن الكريم بدار القرآن التي يشرف عليها، بنحو ستين حافظا وحافظة منذ افتتاحها. سألنا هاجر عن الآية التي تستوقفها كثيرا حين تقرأ القرآن الكريم، فذكرت لنا الآية الثالثة والخمسون من سورة الزمر، ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ))، تقول هاجر، إنها "نداء عَذب، يملأ القلوب أمنا واطمئنانا ورجاءً في الرحيم الكريم اللطيف جل جلاله، وهي دعوة لجميع العصاة إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها مهما كبرت وتعاظمت". تأمل هاجر أن تصبح مربية للناشئة، وأن تعلمها ما علمت من آيات كتاب الله، وتتمنى أن تصبح أستاذة للتربية الإسلامية، لتبلغ الرسالة وتؤدي دورها في التربية والتأطير. وأبت هاجر في الأخير إلا أن توجه رسالة للشابات في مقتبل عمرها، حيث قالت، "أتمنى أن تتوجه الفتيات إلى دور القرآن، لحفظ كتاب الله، حتى يكون لنا نورا في الدنيا والآخرة"، وتذكر هاجر الفتيات وعموم الشباب المغربي القادر على حفظ كتاب الله، أنه سيقال لصاحب القرآن الكريم، "إقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها"، بينما تورد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ".