شدد مشروع التقرير المرحلي حول «تشغيل الشباب» الصادر عن الدورة السادسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي حصلت التجديد على نسخته الكاملة، على أن بطالة الشباب في المغرب»وصلت درجة مقلقة تستدعي التدخل المستعجل من قبل كل الفاعلين». ذلك أن طبيعة الاستعجال التي تكتسيها الوضعية الحالية، تفرض وضع برنامج وطني واسع لصالح تشغيل الشباب، يتعين أن تنتظم حوله تعبئة شاملة لمجموع الفاعلين والقوى الحية في البلاد.وتوقف التقرير التفصيلي عند معظلة بطالة الشباب من حيث المظاهر ونسبتها وأسبابها وكذا سبل مواجهة الظاهرة «التي اعتبرها التقرير أبرز تحدي يواجه السياسات العمومية في مغرب اليوم». وخلص التقرير على أن المدى الذي بلغته ظاهرة بطالة الشباب في بلادنا، والضرورة الملحة في الإسراع بمعالجتها، «قد بلغتا حدا يلزم بأن تعمل في آن واحد على مواصلة وتدعيم وتسريع الإصلاحات المرتبطة بالإطار الاقتصادي ونظام التكوين والحكامة، وتعبئة مجموع الفاعلين حول برنامج وطني لتشغيل الشباب. في قرائته لتفاصيل التقرير، أكد ادريس بنعلي على أن معضلة التشغيل «ماهو إفراز لسوء تدبير للسياسة الاقتصادية ببلادنا منذ سياسة التقويم الهيكلي التي نهجها المغرب منذ 1983»، وأشار بنعلي: إذا كان التعليم في المغرب قد تدحرج مستواه إلى حد نقارن فيه بالدول الأكثر تخلفا في العالم، وإذا كان النمو الاقتصادي في بلادنا خلال العقود الأخيرة لايتجاوز متوسط 4 بالمائة وإذاكان هناك إهمال للعنصر البشري، فكيف نأتي اليوم ونتحدث عن معضلة إسمها بطالة الشباب. ونبه بنعلي على أن مواجهة معضلة عطالة الشباب تتطلب إعادة الاعتبار للتعليم العمومي وخلق المساواة بين المغاربة للارتقاء الاجتماعي عبر التعليم، وكذلك إعادة النظر في كل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسات العمومية المتخذة. معتبرا أن المغرب أمامه فرصة من خلال تنزيل مقتضيات دستور 2011 لتعديل كثير من السياسات «العرجاء» التي أوصلتنا إلى هذا الوضع الكارثي من مؤشرات التنمية الاجتماعية. وخلص المجلس الاقتصادي والاجتماعي الى ملاحظة مفادها أنْ ليس هناك من حلٍّ لبطالة الشباب دون خلقٍ للثروات وتثمين للقدرات البشرية التي تتوفر عليها بلادنا، ومن ثمة ضرورة القيام بإصلاحات بنيوية، تقوم على ثلاثة أركان: تغيير ملموس لنموذجنا للنمو، ثم إعادة صياغة عميقة لنظام التربية والتكوين، وأخيرا حكامة ترابية وخاضعة للمحاسبة، ذلك أن نسبة البطالة داخل هذه الفئة فتزيد بسبع نقاط عن المعدل الوطني، إذ يبلغ الاثنان بالتتابع 16.7 و9.1 بالمائة.ويسجل الوسط الحضري أعلى نسبة للبطالة بين الشباب، إذ تبلغ هذه النسبة ما يقارب أربعة أضعاف نظيرتها في العالم القروي (27.0 بالمائة مقابل 7.3 بالمائة)، وهكذا فإن 77 بالمائة من العاطلين يعيشون في الوسط الحضري. وتظل نسبة العاطلين بين حاملي الشهادات العليا مرتفعة، حيث بلغت حوالي 40.9 بالمائة في 2010. وباعتبار أنواع الشهادات فإن أعلى نسب البطالة تسجل بين خريجي الجامعات (من 72.2 بالمائة في 2000 إلى 49.3 بالمائة في 2010)، ولكن كذلك بين خريجي التكوين المهني، مع نسبة بطالة بين حملة الشواهد التقنية بلغت 48.2 بالمائة في 2000 و40.7 بالمائة في 2010. وكتقييم للسياسات العمومية، اعتبر التقرير أن التدابير الحالية في مجال انعاش التشغيل «قاصرة». ذلك أنه منذ سنة 2006 قامت الحكومة بوضع ثلاثة برامج كبرى لإنعاش إدماج الشباب في الحياة العملية، تعنى بدعم التشغيل المؤدى عنه (إدماج) ، والملاءمة بين التشغيل والتكوين (تأهيل)، وآلية لدعم إنشاء المقاولات الصغرى (مقاولتي). لكن هذه البرامج تذظلت تعاني من مظاهر العجز. أبرز عناوينها: نتائج كمية لا ترقى إلى مستوى الحجم الذي بلغته بطالة الشباب، ثم اختلالات تعوق نشر البرامج المعتمدة وتعميمها. وأرجع التقرير أهم أسباب بطالة الشباب إلى معطيين: أولهاما، دينامية اقتصادية ضعيفة من حيث قدرتها على خلق فرص للشغل لفائدة الشباب، ثاني المعطيين: نظام تعليمي وتكويني غير ملائم واقل استباقية، يفضي إلى نقص في التأهيل وعجز في الكفاءات.