مرة أخرى انكشف أمر كثير من الحكام العرب حكام لا يختلفون كثيرا عن أولئك الذين وصفهم شاعر الأندلس بأنهم أشباه رجال واستخف بأسمائهم وصفاتهم خاصة من لقبوا أنفسهم ألقابا كبيرة، فقال عنهم کمما يزهدني في أرض أندلس أسماء معتمد فيها ومعتضد كالهر يروي انتفاخا صولة الأسد انكشف أمر كثير من أولي الأمر في العالم العربي والإسلامي، وظهر عوارهم وخورهم، وهم يرون بأم أعينهم سيول الدماء الزكية، وركام الجثت الطاهرة، وجبال المنازل المهدمة في الأراضي الفلسطينية، رأوا جرائم الصهيونية تباركها السياسة الأمريكية وتشارك فيها، ثم انكمشوا على أنفسهم قائلين مالنا ولفلسطين، فليدافع كل واحد عن أرضه وبلاده، وما على الفلسطينيين إلا أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات، لاستئناف مباحثات السلام. وفي محاولات مفضوحة وبعد جولة راعي البقر الأمريكي كولن باول، أرسلوا واردهم فأدلى بدلوه، وقال للفلسطينيين، لا حل لكم سوى التفاوض، ارجعوا إلى طاولاتكم ولقاءاتكم، نددوا بالعمليات الإرهابية التي يرتكبها الإرهابيون ، فذلك هو عين الصواب والعقل. ثم أصدرت الأوامر العليا إلى وسائل الإعلام كي تضاعف من غسيل الدماغ، وتمارين التدجين والترويض، وألاعيب الاستغفال والاستحمار ضد الشعوب المكلومة والمقهورة وهكذا، تضاعفت السهرات الماجنة والأفلام الهابطة، والبرامج الممسوخة. وعند النظر في كل ما يحاك بالليل والنهار، نجد أن القوم قد تواطأوا جميعا على التصدي لعودة الجماهير العربية إلى جذورها، وفهمها لطبيعة العدو الصهيوني، والرعاية الأمريكية له لقد أدرك الناس أن السلام كلمة كاذبة فارغة بل هي مرادفة للحرب عند بني صهيون، لأن النتيجة واحدة في كلا الأمرين، القضاء النهائي على الشعب الفلسطيني وإنشاء الدولة الصهيونية الكبرى . غير أن ذلك لن ينال من الشعوب العربية والإسلامية، التي أظهرت شجاعة، ووعيا وتضحية، لا يمتلك كثيرا من الحكام معشارا منها الشعوب العربية والإسلامية تتابع ما يجري على الأراضي الفلسطينية بكل جوارحها، وعلى مدار الساعة، وتتحرق شوقا للمشاركة في دحر العدو الصهيوني ولن ينال منها خيانة الخائنين، ولا كيد الكائدين والمعركة لا تزال مفتوحة حتى يحكم الله، وهو خير الحاكمين.