خلص الناقد السينمائي مصطفى الطالب في مداخلته حول موضوع ''السينما المغربية في مطلع الألفية الثالثة'' إلى عدد من الاستنتاجات تهم السينما المغربية من بينها أن المتأمل للفيلموغرافية المغربية منذ بدايتها (1958) إلى اليوم (التي تتجاوز المائتين) يلاحظ بشكل عام غياب تعاطي السينمائيين المغاربة بشكل مباشر للقضية الفلسطينية. فلا عنوان يذكر قد يشير إلى فلسطين أو إلى الاحتلال الصهيوني لها، ولا قصة فيلم مأخوذة عن رواية فلسطينية أو عربية أو مغربية حول معاناة الفلسطينيين، بل إن المشاهد المغربي يستعصي عليه أن يتذكر شريطا مغربيا يحتوي على مشاهد للواقع الفلسطيني أو للمقاومة الفلسطينية. وأكد الطالب في حديثه عن العشرية الأخيرة للسينما المغربية، أن المغرب عرف مع مطلع الألفية الثالثة تحولات سياسية واجتماعية وثقافية وقيمية هامة، مذكرا أن السينما واكبت بل وساهمت بشكل كبير في هذه التحولات التي تأثرت في مجملها بالعولمة الاقتصادية والثقافية، ومشيرا إلى أن السينما المغربية خلال العشرية الأخيرة أصبحت محط اهتمام الرأي العام المغربي إن على المستوى السياسي (البرلمان) أو الاجتماعي والثقافي (ما أحدثته من نقاش وضجات إعلامية). وقال الطالب إنه من الأمور الإيجابية المسجلة خلال هذه العشرية الأخيرة هي الزيادة أو التطور الحاصل في الإنتاج السينمائي المغربي، فبعدما كنا ننتج شريطين في السنة أصبحنا ننتج 18 شريطا طويلا وأزيد من (50 /60 شريطا قصيرا، بذلك أصبحنا نحتل المرتبة الثالثة إفريقيا بعد جنوب إفريقيا ومصر. والآن هناك هاجس لدى المركز السينمائي المغربي اسمه ضرورة الزيادة في الإنتاج ولو على حساب الجودة. واعتبر الطالب أن إحداث صندوق لدعم الإنتاج السينمائي الوطني سنة 1980 من تحقيق طفرة هامة في ميدان انتاج الأفلام المغربية، وذلك ما بين 1980 و.1987 فحسب المركز السينمائي المغربي فقد تم خلال هذه الفترة إنجاز 35 شريطا طويلا و30 فيلما قصيرا. وسيرتفع هذا العدد مع مراجعة النصوص المنظمة لصندوق الدعم سنة 1987 باتفاق مع الغرف المهنية. وهكذا ستعرف الخزانة المغربية ما بين 1987 و1999 إنتاج 58 شريطا طويلا و38 شريطا قصيرا. ولاحظ أنه بعد سنة 1999 وإلى اليوم سترتفع وتيرة الإنتاج بفضل ارتفاع وتيرة الدعم الذي بعد إصدار نص تنظيمي جديد أصبح يأخذ اسم منح تسبيق على المداخيل المحصلة بعد الإنتاج. بفضل هذه الإجراءات التي خصت أيضا المساهمة المالية في كتابة وإعادة كتابة السيناريو وتخصيص منحة للأفلام ذات الجودة الفنية، مع إشارة متواضعة للشريط الوثائقي، ستحقق السينما المغربية مكتسبات عدة على مستوى الكم والكيف، وصلت المبالغ المخصصة للدعم السينمائي التي تزداد كل سنة إلى ما يقارب 50 مليون درهما. هذا الارتفاع أدى أيضا إلى ارتفاع حجم الدعم المالي المخصص للأفلام المغربية التي كانت تحصل في بداية التسعينات على 15 مليون سنتيم فقط، أما اليوم فأصبح الفيلم يحصل على ما فوق 400 مليون. وفي هذا السياق فقد أقرت وزارة الاتصال وهي الوزارة الوصية على المركز السينمائي المغربي (عوض وزارة الثقافة كما هو الشأن في مجموعة من البلدان العربية) بزيادة أخرى للدعم السينمائي تقدر ب 40 بالمائة في الميزانية المخصصة لسنة .2010 وهو ما يعني أن المسؤولون على الشأن السينمائي مستمرون في الدعم رغم المعيقات التي تعترض السينما ببلادنا. وأضاف أن السينما المغربية اتسمت في العشر السنوات الأخيرة بالجرأة في تناولها لعدة مواضيع كانت بالأمس من الممنوعات. سيما وان جيلا جديدا من السينمائيين المغاربة الذين عاشوا او يعيشون في المهجر لهم اهتمامات (وامتيازات) تختلف عن اهتمامات الجيل السابق، جيل التأسيس الذي تميزت انطلاقته كما قال الناقد عامر الشرقي:'' ببداية التاسيس للفعل الايجابي داخل المجال السينمائي والعمل على طرح الاسئلة التي يمكن ان تفعل المشروع السينمائي والثقافي الوطني''. كما انها افرزت اتجاهين رئيسين في السينما المغربية، اتجاه يسعى إلى تغليب الجانب التقني والفني والجمالي على المضمون أو الموضوع. أي تغليب اللغة السينمائية الصرفة مع تكسير الأساليب السينمائية الكلاسيكية. وهذا الاتجاه يمثله المخرجون الشباب أمثال محمد مفتكر وهشام العسري والأخوين نوري، واتجاه فضل الاهتمام بالمضمون وإعطاء الأولوية للموضوع مع مسايرة التطور التقني الحاصل في مجال السينما. وهذه الرؤية مازال المخرجون الأوائل يحافظون عليها.