من مظاهر ضعف الرقابة على المال العام تحريك 18 ملفا فقط من أصل 430 تقريرا للمجلس الأعلى للحسابات اعتبر كمال المصباحي أستاذ الاقتصاد وعضو ترانسبارنسي المغرب أن دسترة الهيأة الوطنية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة، وإعادة النظر في الأدوار الرقابية المالية للبرلمان تشكل إحدى العناوين الرئيسية للحد من ظاهرة الفساد والرشوة التي ''تنخر'' الاقتصاد المغربي وستساهم في وضع حد لخطورة الفساد في تدبير الشأن العام بالمغرب. وشدد المصباحي في حديث مع ''التجديد'' على أن تخويل الهيأة صلاحيات التصدي التلقائي لحالات الارتشاء وكل أنواع الفساد وتبني قانون لحماية الشهود والمبلغين والخبراء مسألة أساسية، لكن يجب أن تستتبع بتخويلها صلاحيات تقريرية، مع النص على كل الضمانات التي تكفل ''محاربة فعالة لكل مظاهر الفساد من الرشوة والتلاعب في الصفقات العمومية والمحسوبية والتفويتات''. لكن المصباحي اعتبر أن تأثير هذا الإجراء سيظل غير مكتمل ''مادام أن هناك غيابا للحق في الولوج إلى المعلومة''. ودعا المصباحي من جانب آخر، إلى ضرورة تعديل الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية، الذي يمنع حاليا الموظف النزيه ويكبل إمكانية تبليغه ''لأي فعل يكتنفه أحد مظاهر الفساد'' في إطار ما يسمى بالسر المهني. كما شدد المصباحي على أن هناك ''شبه إجماع'' على أن المرسوم المنظم للهيأة الوطنية للوقاية من الرشوة أصبح متجاوزا، كما دعا إلى أن تمنح للهيئة اختصاصات أقوى للتصدي لكل مظاهر الفساد في الإدارة والمؤسسات العمومية وشبه العمومية. لكن، يضيف المصباحي، أن تعمد الهيأة إلى تقديم تقرير سنوي عن أشغالها أمام البرلمان. ولتخليق الحياة الاقتصادية، وخلق آليات محاربة الفساد والحد من مظاهر نهب المال العام والمحسوبية تضمنت مذكرات الأحزاب السياسية المرفوعة إلى لجنة تعديل الدستور عددا من المقترحات، منها الدعوة إلى تمتيع المؤسسة التشريعية بصلاحيات أوسع للمراقبة والمحاسبة. وفي هذا السياق دعت مذكرة حزب الاتحاد الاشتراكي إلى التنصيص على ضرورة تيسير إنشاء لجن التقصي والتحقيق على مستوى المعلومة وتكريس مبدإ عمومية جلسات الاستماع، مع التنصيص على إحداث لجنة لتقييم السياسات العمومية، وتقديم تقارير سنوية مفصلة أمام مجلس النواب من قبل كل المؤسسات الوطنية والعمومية التي تدير أموالا عمومية، وتنظيم نقاش عمومي حول خلاصات لجان تقصي الحقائق. ومن جهته دعا اليسار الاشتراكي الموحد إلى اتخاذ كل الإجراءات السياسية والدستورية ''لضمان حرمة المال العام ومكافحة كل أشكال الفساد وإرجاع كل الأموال المنهوبة''. أما التقدم والاشتراكية وأحزاب الاتحاد الدستوري والاستقلال فإنهم دعوا ''إلى الحكامة الجيدة''. أما حزب العدالة والتنمية فقد دعا إلى عدد من المقترحات، منها دسترة مجلس المنافسة ودسترة المؤسسة الوطنية لمحاربة الفساد. كما قدمت مذكرة الحزب عددا من الاقتراحات كضرورة منع منح أي رخصة أو استثناء أو امتياز غير ماينص عليه القانون، والتنصيص على خضوع مسؤولي المؤسسات والشركات العمومية للاستدعاء والاستجواب من قبل البرلمان، وتعزيز التوجه نحو الشفافية ومكافحة الفساد بإعطاء قوة دستورية للقواعد الناظمة للتصريح بالممتلكات، والتنصيص على اختصاص البرلمان في مراقبة المؤسسات العمومية وتفويت الملك العمومي وعقود البرامج التي تحدد التزامات الدولة إزاء المؤسسات العمومية. ومن مظاهر ضعف الرقابة على المال العام ''في ظل الوضع الدستوري والسياسي الحالي'' أن عدد التقارير التي أنجزها المجلس الأعلى للحسابات منذ 2005 إلى 430 ,2008 تقرير منها 50 تقرير في سنة ,2005 و100 تقرير في سنة ,2006 و150 تقرير في سنة 2007 و 130 تقرير سنة .2008 وقد كشفت هذه التقارير عن واقع التدبير الذي تعيشه بعض القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، لكن عدد الملفات المحالة على النيابة العامة لم تتعدى 18 ملف. وهو ما دعا عددا من المهتمين إلى تمتيع المجلس بصلاحيات كاملة للذهاب بعيدا في ردع ناهبي المال العام من خلال تحريك الدعوى الجنائية دون الاقتصار على تبليغ الوزير الأول ووزير المالية والوزير الوصي على القطاع المعني بالمخالفات والاختلالات، مع تكريس شفافية العمل الرقابي للمجلس الأعلى للحسابات، وخلق آليات التعاون بين المجلس والبرلمان من جهة وبينه وبين وزير العدل من جهة أخرى. ويشار إلى أن حجم الأموال العامة المنهوبة حسب الهيأة الوطنية لحماية المال العام وصلت إلى ''حد أصبحت فيها ظاهرة الفساد ونهب المال العام تشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاد الوطني''.