تعرف بلادنا حالة حراك شعبي ومدني ديموقراطي متصاعد، يكشف عن تفاعل متقدم مع حركة المد الديموقراطي في المنطقة العربية، ويجسد وعيا تاريخيا من قبل عموم الأطراف والهيئات السياسية والاجتماعية بضرورة تحمل المسؤولية لتدشين مرحلة ديموقراطية جديدة لبلادنا، تنطلق من التطلعات الشعبية والشبابية التواقة للكرامة والحرية والعدالة والمطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية عميقة، وتستند على المرتكزات التي أعلن عنها الخطاب الملكي لتاسع مارس ,2011 وتسهم في تقديم مقترحات تكون نتيجتها بلورة دستور ديمقراطي، وتوفير الضمانات والتدابير اللازمة من أجل إنجاز الورش الإصلاحي الكبير الذي ستدخله بلادنا خلال الأسابيع والشهور القادمة. إن هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر بها بلادنا تستوجب من الجميع منسوبا عاليا من اليقظة والمسؤولية وتفرض إطلاق مبادرات شعبية وشبابية لصيانة مسيرة الإصلاح الديموقراطي وتوفير شروط نجاحها، ومواجهة تحديات إجهاضها أو تحريفها أو إرباكها أو احتوائها، وتضمن التقاء مختلف القوى السياسية والنقابية والشبابية والنسائية والمدنية العاملة من أجل إصلاح ديموقراطي عميق. وتمثل هذه المبادرة، التي نطرحها كأرضية مفتوحة للنقاش والتداول العمومي، تعبيرا عن مسار نضالي يعزز الحراك الشعبي والمدني السلمي القائم ببلادنا اليوم وما تحقق فيه من إنجازات ويتطلع لكسب معركة الإصلاح الديموقراطي مع صيانة مقومات ومكتسبات الوحدة والاستقرار، ويسعى لخلق مناخ صحي وإيجاد فضاء وطني تتعاون فيه كافة الأطراف لبناء مغرب الديموقراطية والإصلاح. إن خيار الالتقاء على أرضية مشروعِ إصلاحٍ ديموقراطي يجمع كافة المعنيين بمستقبل الديموقراطية في المغرب ويؤسس لمسار إصلاحي مسؤول، يرتكز على ثلاثة عناصر: 1 ملحاحية إطلاق تعبئة وطنية حول قضايا الإصلاح الديموقراطي وتوسيع النقاش العمومي بما يحقق المواكبة الشعبية والشبابية لورش الإصلاح الدستوري، ويمكن من بلورة وتحديد المطالب الديموقراطية الكفيلة بالاستجابة للتطلعات الشعبية وترجمة التوجهات المعلنة في الخطاب الملكي والمقاصد الواردة فيه على أرض الواقع، وما يقتضيه ذلك من حوار وطني بين كافة الأطراف المعنية لتطوير مقترحات واضحة ومشتركة؛ 2 العمل من أجل توفير شروط النجاح السياسي لورش الإصلاح الدستوري وذلك بالنضال من أجل تصفية المناخ السياسي والوطني من كل الإجراءات والسياسات المضادة لرهان الانتقال الديموقراطي، وبناء الثقة في مسار الإصلاح المعلن، وطي صفحة التوجهات السلطوية، وهو ما يقتضي بلورة برنامج وطني شامل مواز حول الإجراءات التفصيلية لبناء الثقة، وخاصة ما يهم الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإنصاف ضحايا محاكمات ما بعد تفجيرات 16 ماي 2003 وإلغاء الإجراءات المضادة للحق في التجمع والتنظيم والتعبير، والتراجع عن سياسات التحكم في الاقتصاد والثقافة وغيرها من المجالات الحيوية في المجتمع؛ 3 أولوية التكتل من أجل صيانة مسيرة الإصلاح الديموقراطي من محاولات الإجهاض ومناورات الإضعاف أو مخططات الإرباك، مما يقتضي بناء يقظة شعبية وشبابية ضد هذه الممارسات من أجل كسب معركة الإصلاح، ومقاومة التوجهات المضادة الصادرة عن التكتلات المصلحية والإديولوجية المعادية للخيار الديموقراطي المغربي. إن المغرب مدعو اليوم إلى الانخراط في دينامية إصلاحية قائمة على مبادرات جامعة وواضحة تنخرط فيها مختلف القوى والفعاليات الوطنية وتجتمع على أساسها الهيئات السياسية والمدنية، وإن المراهنة على مبادرات جزئية من شأنه أن يفتح الباب لنجاح محاولات الإجهاض والتي كشفت تجارب الانتقال الديموقراطي عن قدرة عالية عند أصحابها على التكيف مع مطالب الإصلاح لإضعافها والالتفاف عليها والعمل على خلق الأجواء الكفيلة بإجهاضها. إننا نقدر أن نداء الإصلاح الديمقراطي الذي نطرحه اليوم يشكل مقاربة لدعم التطلعات الديموقراطية ومواجهة التحديات القائمة والمخاطر المحدقة، والذي نواصل به انخراطنا في معركة الإصلاحات الجارية وفق منهج المشاركة الإيجابية والتدافع السلمي والتعاون مع الغير، وسنعمل على الإسهام بفعالية في بلورة برنامجه التفصيلي مع الفعاليات التي نشترك معها في الأرضية التي ننطلق منها. والله من وراء القصد ويهدي إلى سواء السبيل.