كثيرة هي التحديات التي من المنتظر أن تواجه المغرب خلال هذه السنة، ابتداء بالمديونية الخارجية للمغرب التي وصلت إلى أزيد من 162 مليار درهم، مرورا بانتشار الرشوة على نطاق واسع، بالإضافة إلى الإصلاح الضريبي والقطاع غير المنظم، فهل تملك الحكومة أجندة من أجل وضع قطار التنمية السوسيواقتصادية على السكة الصحيحة، أم أن الاستعداد للإنتخابات المزمع تنظيمها خلال 2012 سيؤجل إصلاح اللائحة الطويلة للملفات الشائكة. المديونية دخل المغرب عنق الزجاجة بسبب المديونية الخارجية التي وصلت إلى مستويات قياسية، إذ وصل الدين العام الخارجي للمغرب إلى 162,6 مليار درهم في نهاية الربع الثالث من السنة الماضية، بعدما سجل 152,2 مليار درهم خلال نهاية 2009 ، وفق وزارة المالية والاقتصاد. وسجل المغرب أكبر دين خارجي منذ ,2003 ومنذ هذا التاريخ حافظ على وتيرة ارتفاعه. وتستفيد خزينة الدولة من 59,6 في المائة من هذه المديونية، مقابل 36 في المائة لمؤسسات العمومية و4,3 في المائة للقطاع البنكي و0,7 في المائة للجماعات المحلية. ويطرح ارتفاع مديونية المغرب العديد من الأسئلة بسبب رهن مستقبل الأجيال القادمة بها، وهو ما يقتضي فتح نقاش حول مزايا ومساوئ هذا التوجه. الحكامة ما زال انتشار الرشوة يشكل عائقا في المغرب خصوصا أمام تنامي الظاهرة في الأوساط الاقتصادية ، وذلك حسب العديد من المؤشرات. ومن جهة أخرى يرى العديد من المراقبين ضرورة تحريك المسطرة القضائية فيما يتعلق بتقارير المجلس الأعلى للحسابات التي تكشف العديد من الخروقات المرتبطة بما هو قانوني وإداري ومالي، لأن استمرار الإفلات من العقاب لا يمكن أن يعطي نتائج على مستوى تحسين صورة المغرب من الناحية السوسيواقتصادية. الإصلاح الضريبي والقطاع غير المنظم ما زال القطاع غير المنظم يشكل حجرة عثرة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، بسبب غياب أجندة إصلاح لهذا القطاع. وبين استطلاع أجراه المركز المغربي للظرفية الاقتصادية في منتصف سنة 2010 ، أن 72 بالمئة من عينة المستجوبين، التي ضمت أساسا فاعلين اقتصاديين ومستثمرين، تعتبر الضغط الضريبي في المغرب قويا مقارنة مع الدول المنافسة والصاعدة. وتشكل المداخيل الضريبية 27 بالمئة من الناتج الداخلي الخام و30 بالمائة من الناتج الداخلي الخام خارج القطاع الفلاحي. وأكد مصطفى أكوتي أستاذ الاقتصاد أن نسب الضريبة حافظت على استقرارها، حسب ميزانية ,2011 وهذا ناتج عن نوع من الإكراه على مستوى المداخيل الضريبية من جهة. وأضاف أكوتي أنه خلال سنة ,2011 يتوقع استمرار مفعول الأزمة العالمية فأوربا المتعامل الرئيسي مع المغرب تأثرت بشكل جلي، حيث أن انعكاسها كان على اليونان و إيرلندا ويمكن أن تهدد البرتغال وإسبانيا، مما قد يؤدي إلى تهديد صادرات المغرب حيث إن الطلب الخارجي يأتي أساسا من أوروبا. ومن المحتمل أن يزداد مفعول الأزمة العالمية في 2011 أي المزيد من انخفاض الطلب الخارجي وكذا تحويلات المهاجرين المغاربة بالخارج. من جهة أخرى يعتبر القطاع غير المنظم من بين أهم التحديات التي تواجه المغرب خلال هذه السنة، على اعتبار الحجم الكبير لهذا القطاع. حيث وصلت نسبة الأسر التي تعتمد في مدخولها على وحدة إنتاج غير منظمة وصلت إلى %14,3 سنة 2007 ، وفق المندوبية السامية للتخطيط. وبعملية حسابية فإن عدد الأسر بالمغرب التي تعتمد على القطاع غير المنظم تفوق 800 ألف، وذلك بالاعتماد على إحصاء المندوبية للسكان لسنة 2004 الذي يقول إن عدد الأسر بالمغرب يصل إلى 5 ملايين و665 ألف أسرة. من ثم فإن هناك ضرورة لإيجاد حل لهذا القطاع دون المساس بحقوق الأسر المستفيدة منه. المقاولات الصغرى والمتوسطة تشكل المقاولات الصغرى والمتوسطة 92 في المائة من الاقتصاد الوطني، إلا أن حجم هذه المقاولات لا يواكبه تحفيزات أو تدابير يمكن أن تعيد لهذه المقاولات تنافسيتها، وقدرتها على تجاوز الصعوبات التي تعرقل تطورها. وتعرف المقاولات المغربية ضعفا في التنافسية، بسبب الصعوبات المالية التي تعترضها، والثقل الضريبي. القطب المالي الدولي بالدارالبيضاء يعتبر إنجاح القطب المالي الدولي بالدارالبيضاء، من بين أبرز التحديات الاقتصادية والمالية التي ستطبع السنة الحالية، إذ يستعد المغرب لإطلاق العمل بالقطب المالي الدولي؛ في الدارالبيضاء، المعروف أيضاً ب مدينة الدارالبيضاء المالية؛ خلال هذه السنة. ويطرح هذا المشروع العديد من التحديات على مستوى التنافسية حيث يطمح المغرب إلى منافسة كل من تونس ومصر وجنوب إفريقيا في هذا المجال، وعلى المستوى الداخلي حيث إن دخول مستثمرين أجانب إلى المغرب سيجعل السوق المالية الداخلية مفتوحة في وجه المستثمرين، وهو ما يحمل العديد من التحديات. ويأتي هذا المشروع الضخم بعدما صادق البرلمان على القوانين المتعلقة به، وسيدبر هذا المشروع شركة أسست برأس مال 120 مليون درهم، بالتعاون مع العديد من الأبناك المغربية وصندوق الإيداع والتدبير. التنمية الاقتصادية والاجتماعية أكد محمد حازم من المندوبية السامية للتخطيط أن المغرب الذي اختار الاندماج في العولمة، لازال يعاني من عدة اختلالات وعجز في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تزيد من حدتها رهانات الانتقال المتعدد الأبعاد الذي يعيشه المجتمع المغربي(انتقال ديمغرافي، اقتصادي، مجتمعي وسياسي) وأضاف حازم حسب ما جاء في دفاتر التخطيط، أنه رغم الوعي بهذه التحديات، وبالرغم من المجهودات المبذولة فإن المغرب وضع قاطرة التنمية على سكة الانبثاق الاقتصادي والاجتماعي، حيث يبقى السؤال مطروحا حول ما العمل لوضع البلد داخل دائرة التنمية المستدامة؟ ما يحيلنا على سؤال آخر متعلق بالمنهج المناسب لقيادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. واعتبر أنه بعد التخلي عن المخطط الشمولي كأداة لقيادة وتوجيه التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تم اعتماد مقاربة جديدة ترتكز على بلورة مخططات قطاعية ومشاريع مهيكلة، غير أن قراءة موضوعية لهذه المقاربة الجديدة وكذا لتجربة التخطيط الشمولي، تبرز أن تدبير وحكامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب يعاني من ضعف الاندماج والانسجام، وعدم فعالية المقاربة التشاركية التي تتوخى إشراك الفاعلين في مسلسل التنمية.