ما الحكم لو اتفق أحد الورثة مع الآخرين على أخذه جزء معين من التركة في مقابل ترك ما له من الميراث؟ هل هذا جائز شرعا؟ أليس فيه مخالفة لحدود الله تعالى في الميراث التي توعد من يتعداها ويخالفها؟ وإذا جاز هذا فكيف يوزع باقي التركة؟ الأصل في الميراث، أن يأخذ كل وارث نصيبه كما حدده الشرع، فإن تنازل أحد الورثة عن جزء من نصيبه، أو تنازل عنه كله للورثة بطيب نفس منه، فلا بأس بذلك، خصوصا إذا كان هو مستغنيا عنه، و كان باقي الورثة محتاجين له، فتلك صدقة وصلة نرجو أن يتقبل الله منه ويجعلها في ميزان حسناته. أما إذا كان ذلك بدون رغبة منه، بل اضطر لذلك لكي تتم قسمة التركة، خصوصا إذا كان أحد الورثة مسيطرا على ما تركه الهالك يتصرف فيه نظرا لقربه منه، كما يحدث لبعض الإخوة مع الأخوات، فيلزمهم بالتنازل عن بعض حقهم ليأخذ ما تبقى، فذلك ظلم كبير وأكل لأموال الناس بالباطل، وهو فعل يجمع بين أمرين خطيرين جدا، فهو من جهة قطع لميراث فرضه الله و رسوله، و هو اعتداء في حق الورثة وتعد لحدود الله تعالى، الذي يقول، بعد أن بين نصيب كل وارث: '' وصية من الله والله عليم حكيم، تلك حدود الله ... ''. وهو من جهة أخرى، فيه شبهة الرشوة، لأن المتنازل عن بعض حقه بدون رغبة منه ليأخذ ما تبقى، مرغم على ذلك. فكأن الآخذ مرتش، و الرسول صلى يقول: '' لعن الله المرتشي و الراشي و الرائش ''. وقد يكون الأمر أخطر إذا تعلق الأمر باليتامى، والله تعالى يقول: '' إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، إنما يكلون في بطونهم نارا، وسيصلون سعيرا ''. وقبل هذا وبعده، فهو اعتداء على حق الغير وأكل ماله ظلما وعدوانا، والنبي صلى الله عليه و سلم يقول: '' لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ''. زبدة القول: إن التنازل إن كان بطيب نفس فمو جائز ولا شيء فيه، و إن كان بإكراه و بدون رغبة من صاحب المال فهو ظلم وأكل لأموال الناس بالباطل، وتعد لحدود الله.