تعرف قيادة طهر السوق، شرق إقليم تاونات، المتكونة من ثلاث جماعات قروية وأخرى حضرية، صحوة مجتمعية تبعث على التفاؤل، متمثلة في وصول بعض المثقفين إلى إدارة الشأن المحلي بعدما كان الأمر من قبل منحصرا بين متآمرين ومخلصين جاهلين. في إطار إطلالة على المنطقة، تقدم التجديد حوارا مع رئيس الجماعة الحضرية لبلدية طهر السوق السيد أحمد جدي، الذي نسلط معه الضوء على مؤهلات جماعته والمشاريع المنجزة فيها والعراقيل التي تعترض المجلس في أعماله. - الأخ أحمد جدي هل من بطاقة تعريف؟ -- العبد الضعيف من مواليد 1954 بمرنيسة (طهر السوق) أب لثلاثة أبناء، المستوى الثقافي جامعي، مدرس للغة الفرنسية بإعدادية أنوال بطهر السوق، كتب لي أن أرأس المجلس البلدي منذ 1992. - هل لكم أن تقربوا مؤهلات جماعتكم للقراء؟ -- أحدثت بلدية طهر السوق بعد التقسيم الإداري الأخير، مساحتها تقدر ب 12 كلم 2. عدد سكانها حوالي 40000 نسمة، لها طابع قروي رغم تصنيفها من الحواضر، أنشطة سكانها تعتمد على الفلاحة وعلى بعض الحرف كالتجارة والنجارة والحدادة العصرية والتعليم.. ونظرا لحداثة هذه البلدية وموقعها الجغرافي ومنآها عن المدن الكبرى، فهي تعرف نقصا هاما في البنيات التحتية. وتبقى بعض المرافق العمومية تخدم ساكنة المنطقة. أما في مجال الصحة، فيوجد مركز صحي به طبيبان وخمسة ممرضين، يستقطب أكثر من خمسين ألف (50000) نسمة من سكان القيادة والمناطق المجاورة من إقليميتازة والحسيمة. إلا أن الخدمات تبقى دون المستوى لانعدام الأقسام المتخصصة والوسائل. وفي ما يخص التعليم، توجد مدرسة ابتدائية منذ عهد الحماية الفرنسية وإعدادية منذ 1968 وثانوية منذ 1985 ويأوي القسم الداخلي ودار الطالب أكثر من خمسمائة (500) نزيل من داخل القيادة وخارجها. وثمة مرافق أخرى أجملها في المكتب البريدي ومركز للدرك الملكي ومصلحة للبيطرة ومحكمة للقاضي المقيم. ومن المؤسف أن الجماعة لا تتوفر على دار الشباب ولا مكتبة ولا نواد رياضية (باستثناء ملعب كرة القدم الذي هو في طريق الإنجاز) - ماذا تحقق في عهدكم لهذه الجماعة؟ -- إن الرئيس بمفرده لا يمكن أن يحقق شيئا ما لم تتظافر جهود جميع الفاعلين من السلطة والمجتمع المدني، والانجازات المادية مرهونة بالإمكانات التي غالبا ما تفتقر إليها الجماعة القروية أو شبه الحضرية لقلة مواردها، غير أن المتتبع الذي عايش الفترات السالفة لابد وأن يلمس تحقيق أشياء مهمة. فبفضل الله تم إنجاز الربط الكهربائي لأكثر من خمسمائة (500) زبون، والربط الهاتفي لأكثر من 250 زبون، والربط بالشبكة المائية لأكثر من سبعمائة (700) مسكن، وتم بناء ثانوية عبد الكريم الخطابي، وترميم وتوسيع دار الطالب وبناء مكتب بريدي حديث، واتسع العمران بجميع الأحياء نظرا لأن سلطة الجماعة بعيدة كل البعد عن المساومات والتلكؤ لإفساح المجال للسكان للمساهمة في التعمير.. ورغم كل ما أنجز، فلا زلنا نفكر في ترصيف الشوارع وخلق ناد للشباب وإيصال الماء والكهرباء لما تبقى من الأحياء وتشجيع المبادرات. والله تعالى يحب العبد الملحاح. كما نؤكد أن ما تم إنجازه كان بمجهود كافة الأعضاء. - كيف تحالفتم مع خصوم الأمس؟ -- لاشك أنك تعني بعض الأفراد من الكتلة، ذاك راجع إلى تقييمهم لعملنا في الفترة السابقة، فإنهم لم يجدوا فيه خللا مهما يذكر، ولم أكن يوما أعادي أحدا. فلما كانت الفترة الثانية هذه، سرني أن أجد طاقات جديدة إلى جانبي. - بغض النظر عن المعارضة بالمجلس البلدي، ألا تشعرون بوجود معارضة لكم في الشارع؟ -- الاختلاف بين البشر من سنن الحياة، هناك من يبارك عملنا، وهناك من يرى أننا لم نصب كل الأهداف، غير أني والمجلس إلى جانبي نعمل ما في وسعنا لأداء ما نستطيع القيام به، ويبقى الكمال لله تعالى. - هل سلوك النخبة بالمنطقة يبعث على الارتياح وخاصة ما يتعلق منه بالهيئات المنتخبة؟ -- سلوك البعض يبعث الحسرة في النفوس، وخاصة إذا كان صادرا عن ممثل للسكان، كيف لا وهو يعتبر طعنة لهم في الخلف، غير أن الساحة لا تخلو من ذوي البصيرة. وغالبهم لا ينتمون إلى فئة أصحاب البطون المنتفخة. نسأل الله لنا وللجميع العافية. - من المبادئ الأساسية، المرتكز الثابت الثالث عشر الذي ينص عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين، تلتزم فيه الدولة بتعميم التمدرس، ومن حيث أن سلطة الجماعات هي جزء من سلطة الدولة، ماذا قدمت جماعتكم لخدمة الناشئة؟ -- إن مستقبل كل أمة رهين بتربية ناشئتها، والعمل التربوي هو رسالة يتحملها الفرد والأسرة والمؤسسة، ولا ندخر جهدا لمديد المساعدة لمختلف المؤسسات التعليمية، فأكثر من %50 من تحركات شاحنة الجماعة هي في صالح مؤسسات وزارة التربية الوطنية، وخاصة لما يتعلق الأمر بنقل مواد الإطعام المدرسي ونقل التجهيزات، كما تقوم الشاحنة بالمساهمة في النظافة وترميم الحجرات. وتخصص البلدية كذلك جوائز تحفيزية للتلاميذ المتفوقين في كافة المؤسسات التعليمية التابعة لها، أما الجمعيات فتمنحها أكثر من 30000 (ثلاثين ألف) درهم. وكل هذه الخدمات من أجل تشجيع وتعميم التمدرس. - ما هي العراقيل التي تعترض سبيلكم عند قيامكم بأي عمل جماعي؟ -- حقا، توجد عراقيل أولها ضعف الإمكانات المادية، فميزانية البلدية يصرف منها أكثر من %65 في الأجور، وما يقارب %35 فقط هي التي تبقى للتسيير والتجهيز، كما أن الجماعة تعيش تحت رحمة إمداد الحصة من الضريبة على القيمة المضافة، والفائض الهزيل يبرمج في كهربة الأحياء ومصالح أخرى مما يجعل النمو بطيئا. مداخيل البلدية الذاتية تقدر بحوالي 100 (مائة) مليون سنتيم، وأجور الموظفين فقط تستهلك 200 (مائتين) مليون سنتيم!! فهي تعتمد على الدعم المركزي. المسطرة الإدارية وتعقيداتها تمثل عرقلة كذلك. غير أن المناداة بتبسيطها من طرف الحكومة والمؤسسات الموازية لها، هو تبشير بميلاد قوانين سهلة تستجيب لطموحات المواطنين وتشجيعهم على الإسهام في تنمية العالم القروي. - بعض الأحزاب تريد أن تحتكر النضال، يظهر هذا في المنافسة غير الشريفة التي تعري كثيرا من أدعياء النضال، إذ يلجؤون إلى كافة الوسائل بما فيها السلبية لردع الخصم، وخاصة لما يتعلق الأمر بالشرفاء الذين يشهد لهم المواطنون بالصلاح. ما رأيكم في هذه الظاهرة؟ -- لا ينزعج إلا البائع الذي تكون سلعته مغشوشة، أما الذي يحمل رسالة واضحة فلا تخوف عنده من ظهور تيارات جديدة وإن كان لا يضمن لنفسه الفوز في الصناديق، والهم عنده هو تبليغ رسالة الإصلاح. ومن التناقض أن ينادي المواطن أو الحزب بالتغيير على مستوى الحكومة ولا يقبله لما ينزل على أرض الواقع، أنا شخصيا أمد يدي لكل مخلص، ومستعد للتعاون مع أي كان. ومن جهة أخرى المنافسة السياسية البريئة لا تعد عداوة سياسية، يجب فهم هذا. - كلمة أخيرة -- حسب تجربتي المتواضعة، فلا أجد ما أقوله أحسن من أن أوجه نداء للشباب وأوصيه أن يعض على دينه بالنواجذ، فلا أخلاق إلا ما كان نابعا من حضارتنا، وهذ البهرجة التي طرأت على مجتمعاتنا من غير أبناء جلدتنا لا تخدم أبدا حاضرنا ولا مستقبلنا، كما أدعوه لتثقيف نفسه عبر العمل النقابي والجمعوي إن أراد أن يكون في مستوى التغيير، فالاخلاص بدون علم غير مجد، والعلم بدون إخلاص خطير. على الشباب محاربة كل من أراد المس بديننا وقيمنا. حاوره: أحمد البويسفي