ترجع أسباب الفشل في الحوار مع الأبناء إلى أسلوبين خاطئين؛ هما: الخطأ الأول: أسلوب لا أريد أن أسمع شيئاً منك يا ولدي، أو إرسالنا عبارات وإشارات (تسكيت)، معناها في النهاية أنا لا أريد أن أسمع شيئاً منك يا ولدي. مثل العبارات التالية: (من بعد)، (أنا الآن مشغول)، (اذهب عند أبيك)، (اذهب عند أمك)، (كفى .. كفى)، بالإضافة إلى الحركات التي تحمل المضمون نفسه، مثل: التشاغل بأي شيء آخر عن الابن أو عدم النظر إليه، وأحياناً تلاحظ أن الولد يمد يده حتى يدير وجه أمه إلى جهته، كأنه يقول: (أمي اسمعيني الله يخليك)، أو يهم واقفا أما وجه أمه حتى تسمع منه، فهو الآن يذكرنا بحقه علينا، لكنه مستقبلاً لن يفعل، وسيفهم أن أمه من الممكن أن تستمع بكل اهتمام لأي صديقة في الهاتف أو زائرة، مهما كانت غريبة، بل حتى تستمع للجماد (التلفاز)، ولكنها لا تستمع إليه، كأن كل شيء مهم إلا هو. لذلك - عزيزي المربي - عندما يأتيك ولدك يعبر عن نفسه ومشاعره وأفكاره، اهتم كل الاهتمام بالذي يقوله، هذا الاستماع والاهتمام فيه إشعار منك له بتفهمه، واحترامه، وقبوله، وهي من احتياجاته الأساسية: فحديثه إليك في تلك اللحظة أهم من كل ما يشغل بالك عنه، أياً كان، فإذا كنت مشغولاً أيها الأب أو أيتها الأم.. فأعطِ ابنك أو ابنتك موعداً صادقاً ومحدداً.. مثلاً تقول: أنا الآن مشغول، وبعد ربع ساعة أستطيع أن أستمع لك جيداً.. فنحن نريد أن نستبدل كلماتنا وإشاراتنا التي معناها (أنا لا أريد أن أسمع منك شيئاً)، بكلمات وإشارات معناها (أنا أحبك وأحب أن أسمع لك)، وبالأخص إذا كان منزعجاً أو محبطاً ونفسيته متأثرة، من خلال مجموعة من الحركات، كالاحتضان.والخطأ الثاني: أسلوب (المحقق) أو (ضابط الشرطة). جاء خالد لوالده، وقال: (بابا اليوم ضربني ولد في المدرسة).. ركّز أبو خالد النظر في ولده، وقال: (أنت متأكد أنك لست أنت من اعتدى عليه أولا؟!) قال خالد: (لا والله.. أنا لم أمسسه بسوء)..فالولد بحاجة إلى صديق يفهمه لا شرطي يحميه، ولذلك يبحث الأبناء في سن المراهقة عن الصداقات خارج البيت، ويصبح الأب معزولاً عن ابنه في أخطر مراحل حياته، وفي تلك الساعة لن يعوض الأب فرصة الصداقة التي أضاعها بيده في أيام طفولة ابنه، فلا تضيعوها أنتم. أسلوب المحقق يجبر الطفل أن يكون متهماً، يأخذ موقف الدفاع عن النفس، وهذه الطريقة قد تؤدي إلى أضرار لا تتوقعونها..