من المنتظر أن يعقد المجلس الجماعي للدار البيضاء في الأيام القليلة القادمة دورة استثنائية للمصادقة على مساهمة المجلس المالية في مهرجان الدارالبيضاء المزمع تنظيمه في الفترة الممتدة من 16 يوليوز 2005 إلى 23 منه، والتي تقدر ب450 مليون سنتيم، في حين يقدر المبلغ المالي الإجمالي الذي رصد له بأكثر من مليار و200 مليون سنتيم ( غير خاضعة للضريبة). وكانت لجنة التنشيط الثقافي لمجلس جماعة الدارالبيضاء عقدت أخيرا لقاء لمدارسة مهرجان الدارالبيضاء ورفضت بالإجماع، حسب ما كشفته مصادر مقربة لالتجديد، تنظيم هذا المهرجان بالشكل والطريقة التي تتداول الآن. وفي السياق نفسه، علمت التجديد من مصادر متطابقة أن اللجنتين الثقافيتين لكل من مجلس العمالة والجهة احتجتا على عدم استشارتهما وإشراكهما في تنظيم المهرجان، وأبدتا رفضهما له، خاصة في ما يخص الجانب المالي، حيث سيساهم مجلس العمالة ب400 مليون سنتيم ومجلس الجهة ب450 مليون سنتيم. وستستفيد الجمعية المنظمة للمهرجان، والتي تدعى ملتقى الدارالبيضاء، حسب مستشار جماعي، فضل عدم ذكره اسمه، من فرصة تنظيمه في السنوات الخمس المقبلة دون منافسة من أية جهة أخرى. وترأس هذه الجمعية، التي ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، والتعليق للمستشار، سيدة أعمال وفي عضوية مكتبها شخصيات نافذة في عالم الفكر والمال والسياسة. وسيتضمن مهرجان الدارالبيضاء، الذي قيل ادعاء، حسب مطبوع إشهاري له، إنه يعكس الصورة الحقيقية للدار البيضاء مشاركة أزيد من 500 فنان و40 حفلا فنيا وعرض 60 فيلما وستدور معظم هذه الأنشطة بالهواء الطلق وبأزقة وشوارع المدينة وساحاتها وشواطئها. وينتظر حضور أزيد من 30 مجموعة موسيقية من صنوف الشعبي والفوزيون والراب والريكي وورلد والبوب والروك، كما ستنظم عروضا سميت بالرقص الحضري خاصة بالأطفال. وستحتضن هذه الأنشطة الساحات الكبرى لمدينة الدارالبيضاء وبعض الملاعب الرياضية كملعب العنق وملعب سيدي البرنوصي. وعلمت التجديد من مصادرها أن هيئات سياسية وجمعوية ونقابية بدأت في التحرك لإصدار بيانات انفرادية وأخرى تنسيقية للتعبير عن مواقفها إزاء تنظيم المهرجان. ويمكن إجمال الانتقادات المسجلة على المهرجان في مصادرة صلاحيات المجالس في شخص لجانها الثقافية، ويتعلق الأمر بمجلس الجهة ومجلس عمالة البيضاء ومجلس المدينة، وتفويتها إلى جمعية نكرة حديثة التأسيس، إذ لم تر النور إلا سنة ,2004 بدعوى أنها تضم من يصطلح عليهم الناجحين في حياتهم، وكذا عدم تمثيل المهرجان لأوجه الفن البيضاوي ورموزه، فحسب البرمجة الأولى لمحنويات البرنامج، لوحظ الغياب الكامل للفنانين المغاربة عامة والبيضاويين خاصة، وأمام الاحتجاج الكبير، الذي قامت به نقابة اتحاد الفنانين، تم تدارك الأمر بإدخال بعض التعديلات الخفيقة لذر الرماد في العيون كاستدعاء فرقة جيل جيلالة مثلا. هذا بالإضافة إلى أن المهرجان يأتي ليحصد رقما ماليا كبيرا قدر بمليار وأزيد من 200 مليون سنتيم، في ظروف تعرف فيها البلاد الجفاف، وتعاني فيها ساكنة البيضاء ظروفا مأساوية، فبدل تخصيص هذه الموارد المالية المهمة في دعم مبادرة التنمية البشرية التي أعلن عنها جلالة الملك، يتم تبذير هذه الأموال في مهرجانات لا تعبر عن أصالة الفن المغربي ولا تستجيب لهموم المواطنين وحاجاتهم الأساسية. وبالنظر إلى المضمون والمحتوى الفني، يأتي المهرجان في سياق تكريس ثقافة التغريب والميوعة وتهميش الفن المغربي الأصيل، وإقصاء رموز الفن في المدينة، في غياب أية رؤية مؤطرة لأهداف هذه التظاهرة الفنية وعلاقتها بالتنمية البشرية والمقومات الثقافية والحضارية للأمة . وأكد عبد الكبير الكمري، الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بمقاطعة سيدي البرنوصي أن حزبه مع المهرجانات ذات البعد الثقافي والحفلات الغنائية الأصيلة، التي تهذب الذوق وتنمي القيم، وأضاف، في تصريح لالتجديد، أن هيئته السياسية ترفض المهرجانات التي تنشر الميوعة والفوضى، خاصة في صفوف الشباب، كما حدث في سهرة نانسي عجرم في مراكش، وتبذر المال العام، حيث إن المهرجان سيستنزف مبلغا ضخما من ميزانية الدارالبيضاء في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تعيشها بلادنا بدءا بالجفاف ومرورا بالبطالة وأزمة السكن وتدهور البنيات التحتية لكثير من المرافق الاجتماعية، وعبر كثير من البيضاويين عن قلقهم وعدم رضاهم على تنظيم مثل هذا المهرجان الذي سوف لن يفيدهم في شيء. عبد الغني المرحاني