أكد أستاذ القانون العام الفرنسي الشهير فريديريك روفيلوا، الأسبوع الماضي في ستراسبورغ (شرق فرنسا)، أن المغرب يطمح، من خلال سياسته للجهوية الموسعة، لأن يصبح نموذجا يحتذى بالنسبة للبلدان التي يمكن مقارنتها معه، وإثبات أنها ليست حكرا على البلدان المتقدمة. وأوضح روفيلوا، خلال مائدة مستديرة نظمتها المدرسة الوطنية للإدارة بستراسبورغ تحت شعار الجهوية والتطور السياسي في المغرب، أن ما يقترحه المغرب في هذا المجال، هو مسار يحدد الاتجاه الذي يتعين أن تسلكه بلدان أخرى، بمجرد أن تظهر هذه الأخيرة أوجه تشابه كافية، خاصة في ما يتعلق بالتنمية. وتروم هذه الإرادة التي تحدو المغرب، حسب الخبير الفرنسي الذي يدرس على الخصوص بجامعة باريس ديكارت، إلى البرهنة على أن جهوية موسعة ليست ترفا بعيد المنال يبقى حكرا على البلدان الغنية، وذلك شريطة أن يتم تأطيرها بشكل ملائم والتهييء لها بعناية ومواكبتها بتمركز حقيقي. مشروع قانون للحد من الغزو التجاري الأجنبي !شكك خبراء اقتصاديون مغاربة في نجاعة القانون الذي أعدته الحكومة، وعرضته على أنظار البرلمان، بخصوص الإجراءات التي تعتزم تطبيقها قريباً من أجل التصدي للسلع المستوردة التي أغرقت السوق المغربية وألحقت الضرر بالإنتاج المحلي. وحسب ما جاء بالعربية نيت فإن مرد انتقادات هؤلاء الخبراء يعود إلى كون المغرب منخرطاً في تفكيك الحواجز الجمركية وفي منظمة التجارة العالمية، كما أنه من الدول الموقعة على اتفاقيات التبادل الحر، الأمر الذي يحد من فعالية أي قانون حمائي للسلع الوطنية. واعتبروا أنه ليس بسنّ القوانين وحدها يُحمى اقتصاد البلاد، وإنما بتوافر إرادة سياسية حقيقية لتحقيق ذلك الهدف، وبإعداد خطة اقتصادية متينة تعتمد على دعم السوق الداخلي وتشجيع البحث العلمي والتقني، والتفكير في خلق اقتصاد إقليمي يستطيع المنافسة الدولية المدمرة. وقال الدكتور عمر الكتاني، الخبير الاقتصادي، إن هذه القوانين التي تريد الحكومة سنّها للحد من إغراق السلع المستوردة للسوق المغربية يجب أن تُتخذ، لكنها لا تكفي في سبيل بلوغ ذلك الهدف، لأن الدول لا تحمي اقتصادياتها بالقوانين فقط. وأكد الكتاني أنه يجب النظر إلى الأفق البعيد والجواب عن السؤال الملح: هل المغرب يطمح فعلاً إلى تحقيق صناعة وطنية بتشجيع الابتكار وتطوير الإبداع العلمي، أم أنه يرغب فقط في تدبير أزماته الاقتصادية أولاً بأول دون وضع استراتيجية بعيدة المدى لحماية منتجاته الوطنية. وأشار الخبير المغربي إلى أن كلفة المنتجات الصينية مثلاً أقل بكثير من المنتجات المحلية؛ لأن أجر العامل الصيني يساوي ثلاث مرات أرخص من الحد الأدنى للأجور المعمول به في قانون الشغل بالمغرب. بالإضافة إلى أن هذا العامل الصيني يشتغل ساعات أكثر مقارنة مع العامل المغربي، ولذلك كان أمراً متوقعاً أن يتم إغراق السوق المغربية بسلع صينية رخيصة الثمن وقليلة الجودة. واستطرد المتحدث بأن التجار المغاربة تأثروا بغزو السلع الصينية للأسواق المغربية ولو على حساب الجودة، بحكم أن المستهلك المغربي تتحكم فيه قدرته الشرائية المتدهورة فيكون إقباله على تلك السلع المستوردة لرخص أسعارها فقط. وخلص الكتاني إلى أن البديل يتمثل في اتباع المغرب لأسلوبين اثنين، الأول الانخراط في تأسيس اقتصاد إقليمي مثل اقتصاد المغرب العربي، والثاني يتجلى في الاستثمار في التكنولوجيا والبحث العلمي وفي إعادة النظر في السياسة التجارية الخارجية للبلاد. ومن جهته، أبرز عبدالسلام أديب، أستاذ الاقتصاد، أن الإشكالية المطروحة هي أن المغرب يعد من الموقعين على الاتفاقيات التجارية في إطار منظمة التجارة الدولية والتبادل الحر مع أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، والتي تنص بنودها على فتح الحدود الجمركية أمام البضائع والسلع. ولذلك، يضيف الباحث الاقتصادي، سيكون المغرب مقيداً بهذه الاتفاقيات الدولية ولا تستطيع الحكومة أن تباشر تلك الإجراءات بشكل عملي وفعال، فضلاً عن كون البلاد تعتمد على صناعة تحويلية جنينية وعلى تصدير المواد الفلاحية، وهي تعيش فترة أزمة بسبب الطلب القليل على المنتجات المغربية. وقال أديب إن هناك أشكالاً كثيرة لحماية المنتجات المغربية المحلية من منافسة غير متكافئة للسلع المستوردة، منها العمل على تحديد ما يسمى بالسعر المرجعي، إذ لا يمكن لأي سلعة أن تُباع بأقل من السعر المرجعي.