أظهرت تقديرات منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 50 في المائة من الأدوية يتم وصفها أو توزيعها أو بيعها بطرق غير ملائمة، وأن نصف المرضى لا يتعاطون أدويتهم بشكل صحيح. وذكرت المنظمة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أن الإفراط في استعمال الأدوية أو استعمالها بكميات غير كافية أو سوء استعمالها من الأمور التي تتسبّب في إلحاق الضرر بالناس وإهدار الموارد. إذ إن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية على سبيل المثال، يتسبب في زيادة مقاومة الجراثيم للأدوية وارتفاع عدد الأدوية التي تفقد نجاعتها في علاج الأمراض المعدية. وأبرزت المنظمة أن العوامل التي تسهم في استخدام الأدوية بشكل غير ملائم تتمثل، على الخصوص، في نقص المهارات والمعارف وتوافر الأدوية بدون قيود، ونقص السياسات الوطنية المنسقة في المجال الصيدلي ونزوع شركات الأدوية إلى الترويج لمنتجاتها بشكل غير لائق وغير أخلاقي، وتوجه بائعي الأدوية في كثير من البلدان إلى وصف الأدوية بأنفسهم وبيعها بدون وصفات طبية. فكلّما زادت مبيعاتهم زادت الفوائد التي يجنونها، ممّا يؤدي إلى الإفراط في استعمال الأدوية، ولاسيما الأدوية الباهظة السعر. وذكرت منظمة الصحة العالمية أن أزيد من 50 في المائة من مجموع البلدان لا تنفذ السياسات الأساسية اللازمة لتعزيز استعمال الأدوية على نحو رشيد. مضيفة بأنه يتم، في البلدان النامية، علاج أقلّ من 40 في المائة من المرضى في القطاع العام، و30 في المائة في القطاع الخاص وفق دلائل إرشادية سريرية. بحيث يتلقى مثلا أقل من 60 في المائة من الأطفال المصابين بإسهال حاد المعالجة القائمة على أملاح الإمهاء الفموي، غير أن أكثر من 40 في المائة من الأطفال يتلقون مضادات حيوية غير ضرورية؛ فيما لا يتلقى أدوية الخط الأوّل المضادة للملاريا إلاّ 50 في المائة من المصابين بهذا المرض؛ ولا يتم إعطاء المضادات الحيوية المناسبة لعلاج الالتهاب الرئوي إلاّ لنحو 50 في المائة إلى 70 في المائة من المصابين بهذا المرض، بيد أنّ قرابة 60 في المائة من المصابين بالعداوى الفيروسية التي تصيب السبيل التنفسي العلوي يتلقون مضادات حيوية بشكل غير ملائم. وأظهر التقرير أن 160,000 حالة جديدة للعدوى بفيروس الإيدز تظهر كل عام نتيجة تعاطي 15 بليون حقنة سنويا (نحو 90 في المائة من هذه الحقن يعطى لغير دواعي ضرورية)، ونحو نصف هذه الحقن غير معقم، إذ أصبحت مشكلة ظهور مقاومة ضد المضادات الحيوية خارجة عن السيطرة، مما يؤدي إلى فشل العلاج بهذه المضادات، وتنادي منظمة الصحة العالمية بأهمية تنفيذ تدخلات عديدة مختلفة في نفس الوقت وضرورة إدراج استخدام الأدوية الشعبية والعشبية. وأوضح التقرير أنه يمكن استخدام الأدوية الشعبية والبديلة، المأمونة والناجعة، كوسيلة لتعزيز فرص الحصول على الرعاية الصحية في البلدان النامية، إذ يتعذّر على أكثر من ثلث السكان الحصول على الأدوية الأساسية. ومن سبل تحقيق ذلك دمج الطب الشعبي في النظام الصحي الرسمي، مما يضمن تحسين المأمونية ومتابعة المرضى بشكل ملائم. وتنصح منظمة الصحة العالمية البلدان بتنفيذ برامج وطنية ترمي إلى تعزيز استعمال الأدوية على نحو رشيد بوضع ما يلزم من سياسات وهياكل، وتوفير ما يجب من معلومات وتدريب. ويشير استعمال الأدوية على نحو رشيد إلى استخدامها بطرق صحيحة وسليمة ومناسبة. ويقتضي الاستعمال الرشيد أن يتلقى المرضى الدواء المناسب بالجرعة الملائمة طيلة فترة زمنية كافية وبأدنى سعر يمكن لهم ويمكن لمجتمعهم المحلي تحمّله.