أصدر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي أخيرا تقريرا مطولا أعدته مجموعة من السياسيين والأكاديميين على رأسهم مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيسة المعهد الوطني الديموقراطي، وعضو الكنغرس السابق عن الحزب الجمهوري فين ويبر رئيس الوقف القومي للديموقراطية، والباحث المغربي في المعهد الأمريكي للسلام في شؤون العالم العربي والإسلامي عبد السلام المغراوي، ونوح فريدمان الذي أشرف على وضع الدستور العراقي الجديد. وحمل التقرير الذي يقع في نحو تسعين صفحة باللغة الإنجليزية عنوان : في دعم الديموقراطية العربية: لماذا وكيف؟، وأكد على أن فتح الحريات ودعم الديموقراطية في البلدان العربية بما فيها حق الإسلاميين في المشاركة في الحياة السياسية، من شأنه أن ينهض بالمنطقة ويقلص من مشاعر العداء للغرب والولايات المتحدة، وركز على حرية الإعلام وفتح قنوات التعبير الحر باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الإصلاح، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن سياسات الإدارة الأمريكية حول الديمقراطية والإصلاحات السياسية في العالم العربي تتأثر كثيرا بالانتقادات التي يوجهها الإعلام في الدول العربية إلى السياسة الخارجية الأمريكية. وقال التقرير إن الإدارة الأمريكية تخصص سنويا مبلغ 5 آلاف مليون دولار لدعم العالم العربي اقتصاديا وسياسيا، بما في ذلك تكاليف إعادة إعمار العراق، وأشار إلى أن إدارة الرئيس جورج بوش تربط بين النمو الاقتصادي وتقدم العملية الديمقراطية في بلدان المنطقة. وبخصوص مشاركة الإسلاميين في السلطة في العام العربي، نصح التقرير الإدارة الأمريكية بعدم الاعتراض على مشاركة الإسلاميين الذين ينبذون العنف في العملية السياسية، وطالب الإدارة الأمريكية بالتشجيع على إدخال تعديلات على دساتير الدول العربية من أجل ضمان حقوق الأقليات أمام طغيان الأغلبية. واعتبر التقرير أن المغرب يشكو من نقص في مجال التعليم الأولي، إلى جانب كل من اليمن ومصر، مشيرا إلى أن حظوظ تعليم المرأة قد شهدت تطورا في هذه البلدان. وكشف أن المغرب هو البلد العربي الوحيد من بلدان المنطقة الذي يستفيد من حساب صندوق تحدي الألفية باعتبار مؤشراته الحسنة التي يجري اعتمادها لتوزيع المساعدات المالية للصندوق. وكانت هيئة حساب تحدي الألفية، وهي الوكالة الأمريكية المسؤولة عن إدارة صندوق حساب تحدي الألفية، قبل أشهر، أن 15 دولة كانت مؤهلة للحصول على منح من صندوق تحدي الألفية في عام ,2004 ستبقى على اللائحة، بالإضافة إلى المملكة المغربية، كدول مؤهلة للحصول على مساعدات في عام ,2005 وهذه الدول هي: بنين وغانا وليسوتو ومدغشقر ومالي وموزامبيق والسنغال وأرمينيا وجورجيا ومنغوليا وسريلانكا وفانواتو وبوليفيا وهندوراس ونيكاراغوا. وبخصوص تمويلات مبادرة الشراكة الأمريكية، كشف التقرير أن المغرب سيستفيد لأول مرة في سنة 2005 ، إذ لم يستفد منه خلال أعوام 2002 و2003 و,2004 وحصل في العام الحالي على مبلغ 4 مليون دولار، مقارنة بالأردن الذي حصل على مبلغ 40 مليون دولار ومصر التي حصلت على 30 ولبنان الذي نال 7 ملايين دولار. واعتبر التقرير أن حزب العدالة والتنمية المغربي وجماعة الإخوان المسلمين المصرية، يشكلان إحدى الأحزاب السياسية المتقدمة في المنطقة بخصوص الانخراط في العملية الديموقراطية السلمية، إلا أن التقرير ربط تاريخ مشاركة حزب العدالة والتنمية بالمغرب في انتخابات 1997 بتاريخ تأسيسه، ووصفه بأنه حزب يرفض العنف ويقبل بالمشاركة السياسية. وقد اعتبر بعض المحليلين أن هذا التقرير يأتي في سياق دعم مشروع الحوار الأمريكي مع الحركات الإسلامية. إلا أن صدوره عن شخصيات محسوبة على الحزب الديموقراطي يحد من دوره في التأثير في السياسة الأمريكية، خاصة في ظل التصلب الأمريكي من الانسحاب من العراق واستمرار دعم سياسات الكيان الصهيوني. إدريس الكنبوري