حذَّرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية في غزة من تطويق المسجد الأقصى المبارك بالحدائق التلمودية، مؤكدةً أن هذا يصبُّ في استمرار تهويد القدس. في غضون ذلك، اندلعت مواجهات عنيفة بين المقدسيين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الصهيوني في مدينة القدسالمحتلة، صباح الأحد 25 ابريل 2010، للتصدي لمسيرة متطرفين صهاينة بهدف الاستيلاء على منازل فلسطينيين في حي سلوان بالقرب من المسجد الاقصى. وحذَّر الدكتور طالب أبو شعر وزير الأوقاف والشؤون الدينية ورئيس لجنة القدس من تصاعد الانتهاكات الصهيونية بحقِّ مدينة القدسالمحتلة، مشيرًا إلى أن الكيان الصهيوني يسعى في هذه الأثناء إلى تطويق المسجد الأقصى المبارك بالحدائق التلمودية ضمن مشروع يهدف إلى تهويد المدينة المقدسة ودثر المسجد المبارك، وفق مخططاتهم وممارساتهم البشعة. وأكد أبو شعر في تصريحات صحفية، أول أمس، أن الاحتلال يُركِّز نشاطاته منذ سنوات طوال بتنفيذ أعماله غير المشروعة في المناطق المحيطة والمجاورة بالمسجد الأقصى، وتحديدًا منطقة وادي الجوز ووادي قدرون، وهي المنطقة الممتدة بين مفرق الصوانة ووادي سلوان. وأوضح أن المشروع التهويدي يأتي ضمن خطة مبرمجة ومتكاملة بهدف تطويق المسجد الأقصى من خلال إنشاء تسعة حدائق قومية تلمودية يطلقون عليها اسم توراتية، منبهًا إلى أن هذا المشروع التهويدي يُشكِّل خطرًا على مدينة القدس عمومًا والمسجد الأقصى خصوصًا. وأشار إلى أن الاحتلال يقوم في هذه الأثناء بأعمال إنشائية واسعة في منطقتين تقعان شرقي المسجد الأقصى: المنطقة الأولى تقع في منحدر وادي الجوز، بدءًا من مفرق الصوانة أسفل منطقة الحسبة، امتدادًا مع وادي الجوز لتصل إلى منطقة الكنيسة الجثمانية. وأضاف الوزير أبو شعر: أن تلك الأعمال تحدث تغييرات ديموغرافية وجغرافية في أواسط مدينة القدس من خلال بناء الوحدات الاستيطانية إلى جانب بناء جُدرٍ استنادية متدرجة مع حجارة خاصة، وملء الفراغات الأرضية الناتجة بالتراب، ومن ثَمَّ زرع الأرض بالورديات والبصليات، إضافةً إلى زرع شجر الزيتون الكبير والصغير في حين أن المنطقة مليئة بأشجار الزيتون منذ عشرات السنين. وكان خبراء العمارة والآثار الإسلامية قد جدَّدوا تحذيراتهم من خطورة استمرار الصمت العربي والإسلامي والدولي على الوضع الذي تمرُّ به المقدسات الإسلامية في مدينة القدس والمدن الفلسطينية كافةً، بعد اتجاه الصهاينة لتسجيل الآثار الإسلامية والمسيحية باسمهم، موضِّحين أن الاحتلال ضمَّ عن طريق الجدار العازل 10 آلاف أثر، بينما يبقى للفلسطينيين 400 أثر يسعى الصهاينة للحصول عليهم. وطالب الأثريون خلال ندوة (عمارة القدس) التي نظَّمتها لجنة العمارة بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر مساء الخميس الماضي جامعة الدول العربية وخاصةً منظمة الإيسسكو بالتحرك لتسجيل الآثار الفلسطينية، قبل أن نستيقظ فلا نجد لنا آثارًا أو تاريخًا. وحذَّر الدكتور محمد الكحلاوي أمين عام اتحاد الأثريين العرب وأستاذ العمارة الإسلامية بجامعة القاهرة من خطورة الحفريات التي استطاعت أن تغطي نصف المساحة السفلية للحرم القدسي؛ بحيث وصل عدد الكُنس اليهودية التي بُنيت تحت الحرم إلى 12 كنيسًا، بينهم كنيس كبير ومتوسط الحجم. وقارن الكحلاوي بين واقع المدينة منذ 60 عامًا والآن، مشيرًا إلى أن طموح اليهود كان يقتصر على 4 أمتار من حائط البراق، إلا أنه تم الاستيلاء على قرابة 700 متر الآن، وتغيرت جميع المعالم الإسلامية في الجهة الشرقية. واستنكر الكحلاوي الصمت العربي والدولي على محو تاريخ الشعب الفلسطيني وهويته، واتهم اليونسكو بالتواطؤ مع الصهاينة على حساب العرب، مؤكدًا أن الجدار العازل بين أجزاء الضفة الغربية يأتي في إطار الاستيلاء على التاريخ الفلسطيني؛ حيث أعطى هذا الجدار للصهاينة حرية ضم 10 آلاف أثر فلسطيني، في حين أنه لم يعد للفلسطينيين سوى 400 أثر، ليس من بينها القدس التي قال إنها بلا أصحاب، فقد تمَّ تسجيلها في اليونسكو بنجمة، إشارةً إلى عدم ملكية أحد لها. وطالب بضرورة تبنِّي مصر واتحاد الأثريين العرب مشروع تسجيل جميع الآثار الفلسطينية في اليونسكو؛ لنتجنُّب العبث الصهيوني بمقدرات الأمة وتاريخها. وجاءت هذه التحذيرات في الوقت الذي اندلعت فيه مواجهات عنيفة بين المواطنين المقدسيين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الصهيوني الإجرامي في مدينة القدسالمحتلة، صباح أمس الأحد، في أعقاب قيام اليمين الصهيوني بقيادة اليهودي المتطرف باروخ مارزل في حي وادي حلوة بقرية سلوان، بمشاركة متطرفًين صهاينة؛ يحملون الأعلام الصهيونية، بمحاولة تسيير مسيرة استفزازية في القدسالمحتلة بالقرب من المسجد الأقصى. ونجح أهالي القدس في إرغام المتطرفين اليهود على التراجع إلى أطراف حي وادي حلوة، والتي انطلقت منها مسيرة المتطرفين. وأفاد مراسلون في مدينة القدسالمحتلة، أن المواطنين الفلسطينيين أعلنوا حالة الاستنفار في صفوفهم وفضل الكثير منهم عدم الذهاب إلى مراكز أعمالهم والبقاء في أحيائهم واستجابوا على الفور لنداءات انطلقت عبر مكبِّرات الصوت لأهالي القدس بالخروج من منازلهم إلى الشوارع للتصدِّي للمجموعات الصهيونية، حيث اشتبكوا مع قوات الاحتلال وألقوا الحجارة عليها، مما دفع قوات الجيش الإرهابي الصهيوني على إطلاق الرصاص المطاطي عليهم وقنابل الغاز المسيلة للدموع أسفرت عن إصابة العديد من الفلسطينيين واعتقال بعضهم. وقد شهد حي سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك وجودا مكثفا للقوات الخاصة وحرس الحدود والشرطة الصهيونية، حيث أغلق مدخل الحي منذ الصباح الباكر، استعدادا لانطلاق المسيرة الاستفزازية للمستوطنين الصهاينة المتدينين للمطالبة بهدم المنازل غير المرخصة في حي سلوان والقدس، كما اعتدى الاحتلال على الكثير من السكان، الأمر الذي أدى لاندلاع مواجهات عنيفة بين سكان الحي وشرطة الاحتلال. وأغلقت قوات الاحتلال خيمة التضامن في الحي ومنعت المتضامنين الأجانب من الوصول إليها، ووجد عدد كبير من المتضامنين والمسؤولين في الحي، كما واعتقلت حاتم عبد القادر مسؤول ملف القدس في حركة فتح بتهمة الإجرام، والذي كان قد حذر، أول أمس، من خطورة الترخيص لمسيرة المستوطنين في تحدي واضح لمشاعر المواطنين الفلسطينيين. وذكرت الإذاعة العامة الصهيونية أن مسيرة المستوطنين انتهت بعد انطلاقها لعدة أمتار. وقد غادر المستوطنون الحي بعد أن قام المئات من أفراد شرطة الاحتلال بتوفير الحماية لهم. وأضافت أنه لم يشارك في المسيرة سوى 30 متطرفا من مستوطني الضفة الغربية. من جهته، حمل مفتي الديار الفلسطينية د. عكرمة صبري حكومة الاحتلال الصهيوني مسؤولية ما جرى في المدينة المقدسة، مؤكداً أن حكومة الاحتلال كانت مصممة على تسيير مسيرة المغتصبين رغم التحذيرات التي وجهت لها. وقال صبري في تصريح خص به مركز البيان للإعلام، أمس، إن هذه المسيرة يهدف المستوطنون منها إثبات وجودهم ورفع معنويات اليهود وكسر شوكة العرب ومنع المقاومة، تمهيدا للسيطرة على المدينة وكافة الأحياء بها. وشدد مفتي الديار على أن أهالي سلوان ومن تمكن من الوصول إلى الحي واجهوا قوات الاحتلال بصدورهم العارية في وجه قوات مدججة بالسلاح، وأن هممهم عالية وهم مصممون على حماية المقدسات والدفاع عنها، بكل الطرق وشتى الوسائل. وأضاف: نحن نقاوم وندافع عن مقدساتنا وعرضنا وشرفنا من مبدأ وعقيدة ورفضاً للظلم والعدوان، وعن واجب العرب والمسلمون تجاه ما يجري في القدس وتابع صبري قوله: هذا الواجب يعرفه الحكام العرب وعليهم التدخل لحماية القدس والأقصى وحي سلوان. وأشار إلى أنه من المخزي أن يبقى العالم صامت ولا يتكلم تجاه كل ما تتعرض له القدس والمقدسات الإسلامية على يد أنجس قوم: الصهاينة، موضحاً لقد أوصلنا صوتنا في عدة مرات وعدة مناسبات للعرب والمسلمين وكل العالم، وعليهم التحرك تجاه نصرة المقدسات وأن الشعب الفلسطيني لا يستطيع وحده وقف الاستيطان وتهويد القدس، فالمقدسات أمانة في أعناق العرب والمسلمين جميعاً وليس الفلسطينيين.