يخوض هذا الكتاب في قضية هامة وخطيرة، ويقوم صاحبه الدكتور عبد الرحمن حللي بمغامرة كبيرة. لكنها مغامرة لا بد منها لإماطة اللثام عن كثير من القضايا والأحكام في تراثنا الفقهي والسياسي لم تفهم حق الفهم، ولم تمحص حق التمحيص، وتحتاج إلى إعادة النظر وتجديد الاجتهاد والفهم فيها. وليس القضايا التي تناولها هذا الكتاب وحقق فيها هذا الكاتب إلا أحكام الردة وحرية الاعتقاد والجهاد والجزية، وهي قضايا حساسة ومتشابكة فيما بينها. قسم الكتاب إلى فصلين كبيرين لكل فصل مباحثه. الفصل الأول حول تأصيل حرية الاعتقاد، ومبحثه الأول هو النصوص القرآنية المباشرة في تأصيل حرية الاعتقاد (وتناول فيه ست آيات من القرآن الكريم)، والمبحث الثاني استعرض النصوص القرآنية غير المباشرة في تأصيل حرية الاعتقاد. أما الفصل الثاني فتناول قضايا تثير التساؤل حول حرية الاعتقاد، وفيه مباحث ثلاثة أولها مبحث الردة وحرية الاعتقاد، والثاني الجهاد القتالي وحرية الاعتقاد والثالث هو الجزية ومدى تعارضها مع حرية الاعتقاد. هذا فضلا عن المقدمة والتمهيد والخاتمة. وقد قدم الكتاب لبحثه المثير بمقدمة أكد فيها على خطورة الموضوع اعتبر فيه أن الحديث عن الحرية شائك لأن كل كلام في الحرية هو كلام في السياسة والدولة وفي الوقت نفسه هو كلام في الدين، ولئن كانت الحرية الفكرية هي أهم جوانب الحرية وأشدها حساسية. ثم اضاف أن تحديد موقف الإسلام من الحرية الفكرية وحرية الاعتقاد بالذات هو المنطلق والأساس لمواجهة التحدي الحضاري. منهجيا حصر الكاتب بحثه في القرآن الكريم فقط وعلل ذلك بالقول قد تم حصر البحث في القرآن الكريم حصرا منهجيا ينطلق من تصور الوحدة الموضوعية فيه، واشتماله على تقرير الاصول والمقاصد التي بني عليها الإسلام، لذا فإن هذا الحصر لا يحمل دلالة بخصوص السنة من حيث حجيتها وتأصيلها للأحكام، مع ملاحظة أن السنة لا تأتي بما يخالف القرآن لا سيما في موضوع هو من كليات الإسلام.يخلص الكاتب في النهاية إلى أن القرآن الكريم أكد على حرية الاعتقاد واختيار الدين او رفضه عن رشد وتبين، وأنه تحدث عن ردة ومرتدين دون ان يشير إلى عقوبة دنيوية تلاحقهم، وأنه لم يبال بمحاولات تشكيك المؤمنين عن طريق الردة، كل ذلك بالإضافة إلى المنهج القرآني في بناء العقيدة والدعوة إلى الإيمان عن طريق الحوار يرجح عدم قتل المرتد الذي تجردت ردته عن القرائن التي تجعلها أكثر من موقف فكري تجاه الإسلام. حسن السرات