كشف المحامي المتخصِّص في شؤون القدس قيس ناصر عن وثائقَ مهمةٍ تبيِّن سيطرة هيئاتٍ صهيونيةٍ خاصةٍ على الأوقاف العربية الإسلامية داخل أسوار البلدة القديمة في القدسالمحتلة بتمويلٍ من الحكومة الصهيونية مقداره 100 مليون دولارٍ أمريكيٍّ. وأظهرت المستندات والخرائط التي نشرتها "الجزيرة نت" الأربعاء (30-12) أن الكيان الصهيوني صادر عام 1968 مساحة 133 دونمًا من الأوقاف الإسلامية داخل أسوار البلدة القديمة حتى حائط البراق شرقًا. ويتضح من المستندات أن حكومة الاحتلال قامت عام 1971 بتأجير كل هذه الأوقاف لما تسمَّى "شركة تطوير الحي اليهودي في القدس" دون مقابلٍ لمدة 49 عامًا تنتهي عام 2020. وقال المحامي قيس ناصر -الذي يعمل أيضًا محاضرًا في القانون- إن "شركة تطوير الحي اليهودي" تنفذ مشاريعها في ساحة البراق عبر جمعيةٍ يهوديةٍ باسم "صندوق ميراث الحائط الغربي"، وهي جمعية أقامتها الحكومة الصهيونية عام 1988 لتقوم بأعمال الإنشاء والتطوير في ساحة البراق، كما تهدف إلى إتمام كل الحفريات في منطقة الحرم القدسي. يُذكَر أن "شركة تطوير الحي اليهودي في القدس" أقيمت عام 1969، وتهدف إلى تطوير الحي اليهودي في البلدة القديمة ليصبح -حسب أهداف الشركة- "موقعًا وطنيًّا وقوميًّا (إسرائيليًّا)". وقد استطاعت هذه الشركة -حسب مستندات المحامي ناصر- بناء 500 وحدة سكن في البلدة القديمة، ونحو 100 متجر، ليوجد اليوم في الحي اليهودي في البلدة القديمة نحو 600 عائلة يهودية يبلغ عدد أفرادها أربعة آلاف مغتصب. وتظهر المستندات المذكورة أن الكيان الصهيوني قد موَّل هذه الشركة مذ أقيمت وحتى عام 2004 بنحو 82 مليون دولار أمريكي. وأضاف المحامي ناصر: "نتحدَّث عن مخططٍ لتوسيع ساحة البراق على حساب تلة باب المغاربة التي هدمت خلال أعمال الحفريات التي نفذتها السلطات الصهيونية عام 2004، وإقامة مركزٍ دينيٍّ كبيرٍ في ساحة البراق، ومخططات تهويد أخرى تعمل الجمعية على تنفيذها في البلدة القديمة". وحسب التقارير المالية لجمعية "صندوق تراث الحائط الغربي" فإن حكومة الاحتلال قد موَّلت هذه الجمعية في الفترة بين عام 2003 حتى نهاية عام 2008 بنحو 13 مليون دولار أمريكي؛ استُغلِّت في مشاريع تهويدية في البلدة القديمة. وتبيِّن المستندات أيضًا أن ما يسمَّى "صندوق تراث الحائط الغربي" قد تعاون مع شركاتٍ صهيونيةٍ أخرى لتنفيذ عدة مشاريع تهويدية في البلدة القديمة بين 1989 و2008، وقد بلغ مجموع ما أنفقته الشركات في سبيل هذا الغرض نحو 48 مليون دولارٍ أمريكيٍّ. وكشف ناصر عن هذه البيانات خلال عمله لإبطال مخطط باب المغاربة بعد أن قدم التماسًا بهذا الشأن باسم الباحث في تاريخ القدس الدكتور محمود مصالحة، واستطاع إصدار أمرٍ من المحكمة يقضي بمنع السلطات الصهيونية من تنفيذ المخطط حتى البت نهائيًّا في الالتماس. وقال الباحث في تاريخ القدس الدكتور محمود مصالحة إن "على الدول العربية والإسلامية والسلطة الفلسطينية والأردن ممارسة الضغوط على "إسرائيل" لإلزامها بإلغاء هذه المصادرة والاتفاقيات". وأضاف مصالحة أن "ما قامت به "دولة" الاحتلال يتنافى مع القانون الدولي وحتى "الإسرائيلي"، وما عملته هو بمثابة عملية قرصنة لآخر ما تبقى لنا من أوقاف.. كل شيء صودر ولم يبق إلا الحرم القدسي". وأشار مصالحة إلى أن المجلس الإسلامي الأعلى في الداخل الفلسطيني، سيجتمع قريبًا للتداول في الموضوع وبحث المسار القضائي دوليًّا.