الحاصل من هذه الزيارة والهدف منها أن يأتي الوفد حاملا للرؤية الإسرائيلية في موضوع المحرقة وغيرها، قادرا على تصريفها تربويا وثقافيا وإعلاميا، والأخطر من ذلك، أن الموقع الذي يحتله هؤلاء في المنظومة التربوية والتعليمية، يسمح لهم بتصريف هذه الرؤية وتوجيه الناشئة التربوية ومسح ذاكرتهم التاريخية والسياسية وإعادة تشكيلها وفقا لمتطلبات الرؤية التطبيعية. تفرض هذه الزيارة تحديا خطيرا لابد من أخذه بعين الاعتبار، ذلك أن التطبيع هذه المرة وصل إلى القاعدة الثقافية والبناء النفسي والتربوي، ووصل التهديد إلى المدرسة المغربية، وهو ما يفرض يقظة تامة وتعبئة شاملة لمواجهة هذا الاختراق والتصدي له، ليس فقط من قبل المجتمع المدني والحركات الحية والشرفاء في هذا الوطن، ولكن أيضا من قبل السلطات العمومية لما في هذه الخطوة من تهديد حقيقي للذاكرة التاريخية والسياسية المغربية، ومن تدمير للبناء النفسي والتربوي للناشئة التعليمية، لا بد من طرح سؤال الانسجام في موقف السلطات المغربية وسلوكها السياسي، فالثابت أن هذه السلطات قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران بحجة تهديد الوحدة المذهبية للمغاربة والضلوع في نشرها للتشيع داخل المغرب، وهو السلوك الذي وإن تم انتقاد درجته والمدى الذي وصل إليه، إلا أنه كان متفهما في حيثياته وبعض معطياته. اليوم، لا يتعلق الأمر بدولة إسلامية نختلف معها عقديا ومذهبيا، ولكن يتعلق الأمر بدولة عدو للأمة العربية والإسلامية، تقاطعها الدول العربية، وبخاصة مثل هذه الأنشطة الثقافية الصهيونية العمق والرؤية، وفوق ذلك، تؤكد المعطيات أنها تستثمر نخبة متطرفة من الحركة الأمازيغية، لتحقيق أهداف صهيونية بعيدة المدى أوضحها اختراق المنظومة القيمية والتربوية للمغرب، واعتبار المغرب محطة وبوابة لتحطيم جدار الممانعة العربية، والخطر أن المغرب ينفي رسميا في كل لحظة وحين وجود أي صلة بدولة الكيان الصهيوني. يبقى السؤال حول دواعي سماح السلطات المغربية لهذا الوفد بزيارة دولة الكيان الصهيوني، أو على الأقل دواعي عدم التحقيق مع هذا الوفد بعدما أكد موقع أليانس العبري أن الوفد توجه أولا إلى تركيا ثم منها إلى دولة الكيان الصهيوني، إذ كان المفترض أن يخضع هؤلاء للتحقيق، لاسيما وأن هذا الوفد من خلال نشطائه لم يتردد في تصريف مواقفه إعلاميا بعد الزيارة، ونشرت بعض المجلات حوارا مع أحدهم. سلوك السلطات العمومية لحد الآن يطبعه التساهل الذي لا يتماشى مع سياسة الصرامة والحزم التي عبر عنها جلالة الملك محمد السادس في خطابه الأخير بخصوص قضية الانتماء للوطن والتصدي الحازم للازدواجية.