الملك محمد السادس يهنئ قداسة البابا فرانسيس بمناسبة ذكرى اعتلائه الكرسي البابوي لحاضرة الفاتيكان    الحكومة تقدم عرضا حول حصيلة عملها في علاقتها مع البرلمان    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم لتوسعة منطقة التسريع الصناعي "طنجة طيك"    التجسس الجزائري في فرنسا: سر مكشوف وتغيرات إقليمية تقلب الموازين    الحبس النافذ في حق مقربة من هشام جيراندو بسبب التشهير والمس بالحياة الخاصة للأفراد    مجلس الحكومة يطلع على اتفاقين دوليين موقعين بين حكومة المغرب وحكومتي بنين وأنغولا    "المحكمة الدستورية تُقر قانون الإضراب وتُبدي تحفظات على ثلاث مواد    دوري أبطال أوروبا.. "ويفا" يدرس إجراء تعديل حول ضربات الجزاء بعد واقعة الأرجنتيني ألفاريس    في ندوة «التمكين الاقتصادي للنساء ومساهمتهن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية» بنيويورك .. لطيفة الشريف: تمكين المرأة اقتصاديا يرتبط بشكل كبير بوصولها إلى موارد مالية وتحسين الإطار القانوني والتشريعي    الفريق الاشتراكي يسائل الحكومة بشأن إعفاءات المديرين الإقليميين للتعليم    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة 12- الأكاذيب الآمنة في يد السلطة    أمطار قوية من الخميس إلى السبت    مكاسب في تداولات بورصة البيضاء    تفاصيل تكاليف العصبة الاحترافية    مستشار الرئيس الفلسطيني يشيد بالدعم الموصول لجلالة الملك للقضية الفلسطينية    الحسيمة.. أمطار الخير تنعش منطقة أيت أخلال وتعزز الآمال في موسم زراعي ناجح    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سفير الصين بالمغرب يكتب: الضغوط التجارية الأحادية لا تؤدي إلى أي نتيجة    الهواري غباري يؤدي "صلاة الخائب"    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    أخبار الساحة    الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات تكرم الدولي السابق محمد التيمومي    صحيفة إسبانية: المغرب فاعل رئيسي في قطاعي السيارات والطاقة المتجددة    لمجرّد يكشف تفاصيل عمليته الجراحية ويطمئن جمهوره    المغرب يحتل المركز السادس عربيًا وإفريقيًا في الحرية الاقتصادية لسنة 2025    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    نشرة إنذارية.. أمطار قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح من الخميس إلى السبت بعدد من أقاليم المملكة    يسار يعرض "لمهيب" في مركب محمد الخامس    أزيد من 25 مليون مصل في المسجد الحرام خلال العشرة الأولى من رمضان    هذه نسبة ملء السدود الواقعة بجهة الشرق    السعودية تسعى لإنشاء مختبر للكشف عن المنشطات والمحظورات في المنافسات الرياضية    اضطراب حركة الملاحة البحرية بين طريفة وطنجة بسبب سوء الأحوال الجوية    المغرب يواصل البحث عن "النفق السري" نحو سبتة باستخدام أجهزة استشعار وكاميرات    مطالب للداخلية بالتحقيق في توزيع جمعية مقربة من "الأحرار" للمساعدات باستعمال ممتلكات الدولة    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    القمر يتحول كتلة حمراء بفعل خسوف كامل مرتقب ليل الخميس الجمعة    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    روسيا تستقبل مفاوضين من أمريكا    بوريطة يستقبل وزيرة خارجية إفريقيا الوسطى حاملة رسالة إلى جلالة الملك من رئيس بلادها    "حماس" ترحب بتراجع ترامب عن دعوة "تهجير سكان غزة"    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    الاحتراق الإبداعي..    لعيوب صناعية.. شركات في كوريا تسحب أكثر من 15 ألف سيارة    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    رسميًا الزمالك المصري يعلن تفعيل بند شراء محمود بنتايك    المضيق-الفنيدق: حجز أزيد من 640 كلغ من المواد الغذائية الفاسدة    بوحموش: "الدم المشروك" يعكس واقع المجتمع ببصمة مغربية خالصة    أوراق من برلين .. قصة امرأة كردية تعيش حياة مليئة بالتناقضات    الأمم المتحدة تحذر من موت الملايين من الناس جراء نضوب المساعدات الأمريكية    تعميم المنصة الرقمية زيارة على كل المؤسسات السجنية في المغرب    هذا ما صرح به الهيلالي للصحافة الإسبانية: رفضت البارصا مرتين و « سأكون أسعد شخص في العالم إذا تلقيت دعوة اللعب مع المغرب »    الفيفا … الاتحاد الذي لا يعرف الأزمات … !    وزارة الثقافة تفرج عن نتائج جائزة المغرب للكتاب    من الخليج إلى المحيط… المَلكيات هي الحلّ؟    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وأخيرا اعترف للمرأة الكويتية بالأهلية السياسية
نشر في التجديد يوم 20 - 05 - 2005

"قرار تاريخي" بهذه العبارة علق الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان على قرار مجلس الأمة الكويتي( البرلمان) بمنح نساء هذا البلد الشقيق الحق في دخول غمار الانتخابات تصويتا و ترشيحا.
قرار تاريخي بالفعل، بصرف النظر عن الظروف والملابسات التي أملت اتخاذه، خاصة وأنه جاء بعد مخاض عسير استغرق أكثر من أربعة عقود مضت من عمر التجربة الديمقراطية الكويتية المتفردة في منطقة الخليج الغارقة في بحر التقاليد القبلية الممزوجة بطابع البداوة العربية.
والحقيقة التي لا مراء فيها أن دستور هذا البلد الصغير، الذي وضع عام 1962م، جاء متميزا بمضامينه التحررية التي ضاهت ما احتوته دساتير أعرق الديمقراطيات الغربية؛ ولسنا نبالغ إذا قلنا بأنه شكل النشاز في بيئة إقليمية كانت، وماتزال، تجد عنتا شديدا في مجرد القبول بفكرة الدستور في حد ذاتها فما بالك بالانتخابات ولو كانت بلدية.وما دامت حقوق الرجال السياسية مهضومة، فلا مجال للحديث عن نظيرتها بالنسبة للنساء وإلا عد ذلك من أكبر الكبائر السياسية التي توجب للمتلبس بها تهم التخوين المجانية.
ويجدر بنا في هذا المقام أن نستحضر الدور الطلائعي الذي ظل يضطلع به مجلس الأمة الكويتي في مراقبة الأداء الحكومي، علما بأن المشرع الدستوري قد مكنه من آلية فعالة في إعمال مسطرة الرقابة و المتمثلة في حق استجواب أعضاء الحكومة؛وهو الحق الذي أجاد النواب الإسلاميون في توظيفه، واستطاعوا من خلاله الإطاحة بالعديد من صناديد الوزراء ومن ضمنهم بعض المقربين من الأسرة الحاكمة؛ إلى درجة اضطر معها أمير البلاد جابر الأحمد الصباح لحل المجلس سنة 1986م، بعد أن بات سيف الاستجواب مصلتا على ولي العهد الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء. ولم تستأنف الحياة الديمقراطية بشكلها العادي إلا مطلع التسعينات وعقب التحرر من آثار العدوان الصدامي.
غير أن النقطة السوداء التي ظلت تلاحق التجربة الديمقراطية الكويتية هي حرمان نساء هذا البلد من حقهن الطبيعي في المشاركة السياسية، والمصيبة أن يصدر هذا الاعتراض عن بعض الفعاليات الإسلامية من دون سند شرعي، اللهم ما كان من تشبث مبالغ فيه بتقاليد بالية، لا نفتري كذبا إذا قلنا بأنها ذات حمولة جاهلية؛ وإلا كيف يستقيم هذا الموقف المستهجن مع ما كان من أمر النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وماذا يقول هؤلاء في مشاركة ثلاث صحابيات ضمن بضع وسبعين نفرا حضروا بيعة العقبة الثانية المعروفة ببيعة الموت والتي انعقدت بليل وفي سرية تامة كي لا يتسرب خبرها إلى معسكر الشرك؟ وما الذي حمل الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عضو مجلس الشورى الذي عينه الفاروق عمر رضي الله عنه للإشراف على عملية اختيار الخليفة،على الخروج متخفيا بغرض قياس توجهات المسلمين ، نساء ورجالا على حد سواء،في شأن من يرونه الأولى بتقلد منصب الخلافة : عثمان أم علي رضي الله عنهما؟ وبماذا نفسر انعقاد بيعة الإمام في رحاب المسجد وبمشاركة جميع شرائح المجتمع ومن دون حائل يفصل بين النساء والرجال بخلاف ما عليه الحال
عندنا اليوم؟ وأين يذهبون من قول الحق سبحانه وتعالى: ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) ، والذي يجعل الإيفاءبمستلزمات الولاية الإيمانية متوقفا على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يشكل الإطار الشرعي لممارسة الفعل السياسي في أوسع دوائره؟
غير أن ما نخشاه هوأن تكون حجة الإخوة المعترضين على مشاركة المرأة في الحياة السياسية مستوحاة من الحديث المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زورا والذي مفاده أن صوت المرأة عورة ، وإن كنا نربأ بإخواننا أن يكون اجتهادهم قدذهب بهم إلى حد بلورة فهم معاصر لمدلول الصوت، ليصبح المقصود به هو الصوت الانتخابي، وبذلك يكونون قد أصلوا لفتواهم الغريبة غرابة الحديث لمذكور.
وإذا كان البعض سيستدرك علينا بدعوى أن الكويت لاتشكل نشازا في هذا المضمار، علما بأن فرنسا مهد ثورة الحرية وحقوق الإنسان لم تعترف للنساء بحق التصويت إلا بعد الحرب العالمية الثانية وبالضبط سنة 1946م، في حين انتظرت سويسرا حتى عام 1971م لكي تعترف بالأهلية السياسية للمرأة. غير أننا نعتبر هذا الأمر جد طبيعي بالنسبة لشعوب تطلب منها الفكاك من أغلال عصر الظلمات عدة قرون ؛ بخلاف الوضع في حال تعلق الأمرببلد مسلم كالكويت يفترض فيه أنه يستهدي بمبادئ الدين القيم الذي يعتبر النساء شقائق الرجال في الأحكام.
ولعل من نافلة القول أن نذكر بأن الدستور المغربي من نفس جيل نظيره الكويتي، ومع ذلك لم يدر بخلد المغاربة أن يحرموا نساءهم من حق شرعي، بل من واجب أوجبه الله عليهن؛أكثر من ذلك فإن المرأة المغربية كانت حاضرة في شخص المناضلة مليكة الفاسي، قبل ذلك، بتوقيعها على وثيقة الاستقلال عام 1944م إلى جانب نخبة من العلماء المجاهدين أمثال علال الفاسي والمختار السوسي وبوشتى الجامعي والشهيد عبد العزيز بن إدريس وابراهيم الكتاني... كما أن سنة 1962م ذاتها شهدت إجراء الاستفتاء الشعبي حول استقلال الجزائر والذي عرف مشاركة واسعة للعنصر النسوي بإيعاز من جمعية علماء المسلمين، فهل الشيخ البشير الإبراهيمي، على سبيل المثال، غير مؤهل للإفتاء في هذا الشأن؟
إننا ندعو إخواننا الذين ما زالوا متبرمين من قرار مجلس الأمة الاعتراف بالأهلية السياسية للمرأة الكويتية بأن يعيدوا النظر في موقفهم الشاذ هذا، ولا يجرمنهم شنآن خصومهم السياسيين على ألا يعدلوا في حكمهم على هذه النازلة وغيرها، ولا ضير في أن يعترفوا بأخطائهم ففي ذلك مدعاة لاحترامهم؛ وحبذا لو يكفوا عن الحديث المبالغ فيه عن اشتراط الالتزام بالضوابط الشرعية في ممارسة هذا الحق لأنه تحصيل حاصل، بل إن هذه الضوابط تسري على الجميع رجالا ونساء.
بيد أننا نود من أمير دولة الكويت، الذي سبق وأن استفتى الشيخ يوسف القرضاوي بشأن حكم الإسلام في مشاركة المرأة في الانتخابات تصويتا وترشيحا، وانشرح صدره لجوابه الشافي الكافي، أن يستفتيه هذه المرة عن مدى شرعية تشكيل الأحزاب السياسية، وهل يجوز شرعا إيداع رجل مثقف كالدكتور حكيم المطيري السجن ، صحبة إخوان له، لمجرد أنهم تقدموا بطلب تأسيس حزب سياسي أطلقوا عليه اسم حزب الأمة ، بل وتطالب النيابة العامة بإنزال عقوبة قاسية بالرجل تصل إلى 15 سنة وكأنه ارتكب جرما ما بعده جرم؛ وهل يعقل أن تبقى الحياة السياسية في الكويت محكومة بالولاءات القبلية والعشائرية التقليدية بدل الاحتكام إلى إلى قاعدة التنافس الحزبي القائم على أسس برنامجية ليس إلا؟

رشيد سليماني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.