تتيج الإحصاءات التي يقوم بها موقع Google trends وغيره من المواقع المتخصصة في قياس نسبة الولوجيات إلى المواقع الإلكترونية أو نسبة الباحثين عن كلمة محددة، تتيج هذه الإحصاءات الوقوف عند بعض الحقائق الدالة بخصوص الحياة الدينية للمغاربة، وأهم توجهاتها والتحديات التي تواجهها، فعلى سبيل المثال، يحتل المغرب الرتبة الرابعة عالميا من حيث عدد البحث عن كلمة الإسلام بالحرف اللاتيني، تتقدمه إندونيسيا وماليزيا وباكستان، وتحتل مدينة الرباطوالدارالبيضاء على التوالي الثالثة والرابعة في العالم؛ بعد مدينة جاكرتا ومدينة كوالامبور، كما يحتل الرتبة الرابعة ضمن الدول العربية بحسب البحث عن كلمة الإسلام بالحرف العربي، بعد اليمن وعمان وليبيا، وتحتل الرباط الرتبة الثانية ضمن المدن العربية بعد مسقط، فيما تحتل الدارالبيضاء الرتبة الثالثة، كما كشفت هذه الإحصاءات تصاعد تزايد الطلب على البحث عن كلمة إسلام في سنة 2009 مقارنة مع سنة ,2008 وأكدت هذه الإحصاءات طيلة سنوات 2004 و2005 و2006 و2007 و2008 و2009 تزايد الإقبال على البحث عن الإسلام في المغرب في شهر رمضان، إذ تسجل هذه الإحصاءات ارتفاعا كبيرا في هذا الشهر المبارك. وعلى الرغم من أن هذه الإحصاءات لا يمكن أن نعتبرها مؤشرا كافيا لقياس تطور المعرفة الدينية للمغاربة، على اعتبار أن مصادر هذه المعرفة متعددة، وأن الأنترنت لا يمثل إلا جزءا ضئيلا منها، إلا أن هذه الأرقام، وغيرها من الأرقام المتقاربة مما تتيحه مواقع أخرى متخصصة، تشكل مؤشرا على تزايد الإقبال على معرفة الإسلام من خلال الانترنت، سواء بالحرف العربي أو بالحرف اللاتيني، وتؤكد من جهة أخرى وجود تحولات في توجهات المغاربة الدينية يعكسها تحول مواقع المدن والرتب التي كانت تحتلها ما بين سنة 2004 و2009؛ خاصة الرباطوالدارالبيضاء، إذ تكشف هذه الأرقام استمرار احتلال الدارالبيضاء للرتبة الأولى من حيث البحث عن كلمة الإسلام بالحرف اللاتيني منذ سنة 2006 إلى سنة ,2009 واحتلال الرباط للرتبة الأولى من حيث عدد البحث عن الإسلام بالحرف العربي للمرة الثانية 2008 و2009 بعد أن كانت الدارالبيضاء تحتل الرتبة الأولى سنة ,2006 ومما يحمل أكثر من دلالة في هذه الأرقام، هو تراجع البحث باللغة الفرنسية عن كلمة الإسلام، إذ احتلت الإسبانية الرتبة الأولى متبوعة باللغة الإنجليزية ثم اللغة العربية فالفرنسية، وهو مؤشر دال يكشف أيضا التحولات اللغوية منذ سنة 2004 التي كانت تحتل فيه اللغة العربية الرتبة الأولى من حيث البحث عن كلمة إسلام، لتقفز اللغة الإنجلزية إلى الرتبة الأولى سنة 2005 ثم تتقدم اللغة العربية سنة 2006 و 2007 متبوعة باللغة الإنجليزية، وتدخل على الخط اللغة الإسبانية، وتحتل الرتبة الأولى سنة 2009 بينما تحتفظ اللغة الفرنسية بمواقعها المتأخرة. لكن إلى جانب التقدم في الإقبال على البحث عن الإسلام، تظهر تحديات أخرى تؤثر على الحياة الدينية للمغاربة وتستهدف قيمهم، فقد كشفت نفس الإحصاءات ارتفاع البحث عن كلمة جنس بالحرف اللاتيني في المغرب إذ سجلت سنة 2009 تقدم رتبة المغرب ضمن الدول التي يكثر فيها البحث في الأنترنت على كلمة جنس، إذ احتل المغرب الرتبة الرابعة عالميا، واحتلت مدينة الدارالبيضاء الرتبة السابعة ضمن مدن العالم، وكان المغرب يحتل الرتبة السادسة بسنة ,2008 ولم تصنف أي مدينة مغربية ضمن المدن العشر الأولى. هذا التقدم في الرتبة يؤشر على تنامي الطلب داخل المغرب، خاصة في مدينة الدارالبيضاء، عن البحث عن المواقع الجنسية على الأنترنت، مما يشكل تحديا كبيرا تواجهه منظومة القيم يضر بالحياة الدينية للمغاربة، ويمس البناء الأخلاقي لهم، مما يستدعي التنبه إلى ضرورة تحصين المجتمع وشحذ الفعالية التربوية والإعلامية والتثقيفية لمواجهة هذا التحدي، ودق ناقوس إنذار لتنبيه مختلف الفاعلين والمعنيين بخطورة الوضع التربوي والأخلاقي الذي يمكن أن يؤول إليه الشباب المغربي إذا لم يتم التعامل مع هذه التحديات بجدية، ويتم البحث عن مقاربات جماعية لمواجهتها.