الذي يتوقف عند الملف الذي اختارته إحدى المجلات المغربية الصادرة في المغرب والمرتبطة بإحدى الصحف اليومية والذي جاء تحت عنوان الكونكبناج حياة بدون عقد، يصاب بدهشة كبيرة من الجرأة التي وصلت إليها بعض الجهات الإعلامية في معالجة قضايا اجتماعية شائكة مرتبطة بتماسك القواعد المجتمعية والمعيارية للشعب المغربي والتي رغم التأكيد على الموقف الشرعي والقانوني الرافض لها، قدمت ضمن شريط من الصور ذات الإيحاءات الجنسية الفاضحة فضلا عن العنوان الذي حمل هو الآخر دعاية غير مباشرة لهاالتشجيع على نقضها وهدم أسسها بدعوى تكسير الطابوهات وفك العقد. فقد نشرت المجلة المذكورة ملفا من أربع صفحات عن ما يسمى بزواج الكونكيبناج أي الاتفاق بين رجل وامرأة على العيش المشترك وممارسة ما يمارسه الأزواج من غير عقد زواج ولا التزامات بين الطرفين، نشرته تحت عنوان حياة بدون عقد، وكأن الزواج القانوني مليء بالعقد، والغريب أن المجلة المذكورة اختارت شهر رمضان المبارك لنشر هذا الملف. هذه الجرأة التي أرادت التخفيف من حدتها بالقول أن رأي الغالبية العظمى ترى أنه خروج على الطبيعة وشرعنة لعلاقات جنسية غير مسموح بها ترتب عنها نتائج سلبية يستعصى إيجاد حلول لها كفقدان البكارة والحمل وإنجاب الأطفال، نجدها في المقال حرصت على أن تكون مختلف الشهادات والقصص الواردة في الملف هي لحالات ناجحة، كما حرصت على استدعاء النموذجين الفرنسي من حيث التقنين والأمريكي من حيث كون الزواج بعد المساكنة ينتهي بالطلاق، وكأن المطلوب هو الاستمرار في هذه الحالة بدون زواج، لتصل الجرأة المزعومة في الصور المرافقة للملف فغالبتيها كان مهوسا بالإيحاءات الجنسية الفاضحة، والتي يبدو بجلاء واضح أنها أخذت خارج المغرب لحالات غربية. والواقع أن ما يسمى بزواج الكونكيبناج هو في جوهره زنا صريح ومحاولة للالتفاف على الزواج وإبطال مقاصده في المعاشرة وبناء الأسرة وتربية الأبناء والمساهمة في حفظ النوع وبناء الأمة، إذ ليس في هذه الصيغة التي شاع تداولها في الغرب، وبشكل خاص فرنسا، سوى القضاء على الاستقرار النفسي الذي يبنيه الزواج الصحيح، وليس فيه إلا تعريض مصير الأبناء غير الشرعيين- في حالة الإنجاب- إلى الضياع ما دام أن جوهر العقد - إن صح أن يسمى عقدا- هو التنصل من أي مسؤولية، والإقدام على فكه متى ظهرت مصلحة أحد الطرفين من غير اعتبار ولا تقدير للمترتبات الاجتماعية، بل إن خطورة هذه الصيغة، وأس عقدتها، أنها لا ترتب عن حالات الوفاة أي مترتب شرعي وقانوني بالنسبة إلى المرأة أو الأبناء من حيث الميراث والنسب وغير ذلك، مما يسهم في بعثرة الأوراق وخلق مشاكل قانونية لا حصر لها. أما ثالثة الأثافي، فهي التسويغ للزنا، والتطبيع معه، وتقديمه كحل بالنسبة إلى الشباب في الوقت الذي تأخر فيه سن الزواج عند الشباب إلى ما بعد الثلاثين وعند النساء إلى الثلاثين.. الكونكيبناج الذي سمته المجلة المذكورة حياة بدون عقد هو في الحقيقة كتلة العقد التي لا انفكاك منها، وهو الصورة الميسرة للزنا المخالف للشرع والقانون، والمناقض للمقاصد التي جاءت مدونة الأسرة لتحققها. وهي الفتوى المعاصرة التي تضرب المدونة في العمق، لكن للأسف لا أحد التفت إلى خطورتها، ولا أحد انتصب للترافع ضد مروجيها، لسبب بسيط، وهو أن الجرأة تحت دعوى تحطيمالعقد، ليس سوى الوجه الآخر للهث نحو الربح التجاري أو الاستفزاز المجاني أو استهداف الغريزة الجنسية، دون مراعاة لحرمة هذا الشهر، ولا للشروط التربوية التي يتطلبها صيام المغاربة.