قالت مصادر من المجالس العلمية المحلية إن عددا من الوعاظ والخطباء والعلماء عبروا عن استيائهم من المذكرة التي عممتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على المجالس العلمية المحلية تدعوهم فيها إلى حث هؤلاء الفاعلين على أن يوضحوا للناس عبر خطبهم المنبرية ودروسهم الوعظية حقيقة الدور الريادي لمزارات الأولياء، وتطالب العلماء بالعودة إليها، واعتبرت المصادر في حديثها لالتجديد هذه المذكرة تهدد بالعودة إلى القبورية والتوجه إلى الأضرحة والأولياء، بالمقابل أوضحت مصادر من المجلس العلمي الأعلى أن هذه المذكرة تهدف بالأساس إلى تفعيل دور الفضاءات الدينية وبخاصة الزوايا والمزارات حتى لا ترتبط بطابع الشعوذة والفساد، كما هو الحال، بل ترتبط بالعلم والعلماء. وجاء في المذكرة التي توصلت بها مختلف المجالس العلمي المحلية: حرصا على أن ترقى عودة العلماء إلى مزارات الأولياء إلى مستوى الأبعاد والغايات الإصلاحية والتربوية المنشودة منها، والمتمثلة أساسا في تربية النفوس وتطهير الأرواح وتهذيب السلوك وتصفية العقيدة من كل ما قد يعكر صفوها، كما كان دأب السلف الصالح، وتدعو المذكرة الوعاظ والخطباء إلى أن يجلوا للناس في خطبهم المنبرية ودروسهم حقيقة الدور الريادي لمزارات الأولياء في تأطير وتحصين المواطنين: عقيدة ومذهبا وسلوكا، وتبيان الوظيفة التي تؤديها في استتاب الأمن الروحي، وكونها فضاء استراتيجيا لعقد حلق ذكر الله ومدارسة كتابه وسنة وسيرة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام والتفقه في الدين، في إطار المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني والالتزام بإمارة المؤمنين دون الحياد عنها طرفة عين؛ بحسب نص المذكرة التي حصلت التجديد على نسخة منها. وأوضحت مصادر رفضت الكشف عن اسمها في حديث إلى التجديد أن عددا من علماء المجالس العلمية أصبحوا يعبرون عن امتعاظهم من منحى التصوف الذي تحاول وزارة الأوقاف التغالي في الترويج له، إلى درجة أن بعضهم يفكرون في التنحي عن مناصبهم. ولم تفعل المجالس العلمية لحد الآن بنود المذكرة كما لم يفعلها الخطباء الذين قال مصدرنا إن بعضهم اعتبروها دعوة إلى السير في طريق القبورية التي تتناقض مع الحداثة والعصرنة التي يعيشها واقع المجتمع المغربي، مضيفا أنه في الوقت الذي يتجه فيه المغرب نحو مسار العلم والتكنولوجيا والحداثة تدعو وزارة الأوقاف المواطنين والعلماء إلى التوجه نحو الأضرحة لإحيائها. وأوضح أن رأي العلماء مما يحدث خلال مواسم الأضرحة من شعوذة وخروقات تمس بالعقيدة معروف وواضح. مصدر ثان من المجلس العلمي أكد للتجديد أن هذه المذكرة جاءت للرد على التوجه السلفي الذي يحرم في الأصل زيارة الأضرحة والزوايا، مشيرا إلى أن بعض المنشورات أصبحت تتناول مؤخرا مثل هذه المواضيع من باب التحريم المطلق، وهو ما يخالف رؤية وزارة الأوقاف. في حين قال عضو بالمجلس العلمي الأعلى رفض الكشف عن اسمه إن هذه المذكرة تصدر في إطار تفعيل دور الفضاءات الدينية وتشمل المدارس العتيقة والزوايا والرباطات والمزارات حتى لا ترتبط بطابع الشعوذة والفساد، كما هو الحال، بل ترتبط بالعلم والعلماء. وأوضح المصدر ذاته في اتصال مع التجديد أن هذه الخطوة تأتي في إطار المحافظة على الخصوصية المغربية وحتى تصبح هذه الفضاءات أماكن للتعلم وتلقي العلوم الشرعية، خاصة وأن العلماء المغاربة السابقين كانوا يستغلون أي مكان لنشر العلم، مشيرا إلى أن هؤلاء الأولياء من فقهاء ومصلحين، جاهدوا بسخاء بأرواحهم وبعلمهم من أجل ترسيخ الإسلام في هذا البلد، وبالتالي فهم يستحقون إحياء سيرتهم وأن تتحول الأماكن حيث دفنوا إلى فضاءات لتعلم الدين والعلوم الشرعية ومبادئ الإسلام التي دافعوا عنها. من جانبه، رحب الدكتور أحمد الريسوني بسعي الدولة إلى تخليص هذه المزارات من الشعوذة والجهالات والخرافات التي تسود فيها وتعمرها، خاصة وأن البعض يستغل جهل المواطنين وتقديرهم لهذه الأماكن ولأصحابها فيبتزونهم ويخادعونهم ويدلسون عليهم باسم الدين وباسم الولي دفين ذلك المكان، معتبرا أن تخليص هذه المقامات من هذه الشوائب وتعميرها بدل ذلك بالعلم والذكر والتوعية الدينية شيء جيد.