تهم تقرير مطول لنشرة لندنية متخصصة بشؤون الشرق الأوسط -نشره موقع الجزيرة.نت يوم الخميس (23-7)- الدول الغربية واللجنة الرباعية بالمشاركة في انتهاكات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربيةالمحتلة عبر تقديمها الدعم المالي والاستشارة الأمنية لميليشيا عباس التي تورطت في التعذيب وممارسات أخرى، وطالب التقرير بإجراء تحقيقٍ بريطانيٍّ وأوروبيٍّ حول الأمر، مشددًا على ضرورة ربط أية مساعدة مالية للسلطة باحترام حقوق الإنسان. وتحدث تقرير ميدل إيست مونيتور الذي جاء في 16 صفحة عن مئات ملايين اليوروات التي أنفقتها بريطانيا وأوروبا على السلطة، جزء كبير منها لإعادة بناء أجهزة أمنية يشيد بها المسؤولون الغربيون كأهم ما تحقق على طريق الدولة الفلسطينية منذ توقيع أوسلو بهدف تقوية حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس وفصائل أخرى، بإشراف فريق تنسيق أمريكي يقوده الجنرال كيث دايتون . وكان يفترض -كما يقول التقرير- أن تقود عمل الفريق المصالح الفلسطينية، لكن مراقبين غربيين سجلوا كيف بات الغرب ضالعًا في صراع الحركتين، كالصحفي ديفيد روز الذي تطرق إلى دور دايتون وشركائه الأوروبيين في مواجهة 2006م التي سرَّعت سيطرة حماس على غزة. وكانت هذه السيطرة إيذانًا بتغيرٍ رئيسيٍّ في أولويات ميليشا عباس وسلوكها في الضفة، وفي الوقت ذاته قررت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي زيادة الدعم العسكري والمالي و اللوجستي للسلطة، وشارك الاحتلال كذلك بقوته لتعزيز فتح . وتحدث التقرير عن 1012 معتقلاً سياسيًّا في سجون الضفة أغلبهم بلا تهمة أو محاكمة حسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي وثقت شهادات معتقلين سابقين عن طرق الاستنطاق والتعذيب، وأهمها وضعية وقوف مؤلمة اسمها الشبح ، والتعليق من السقف، والتعذيب النفسي كالتهديد باغتصاب أخت أو زوجة. وأدت حالات التعذيب هذه بوفيات أبرزها وفاة الشيخ مجد البرغوثي العام الماضي، وهي وفاة قالت السلطة إنها بسبب نوبة قلبية، وأكد معتقلون أنها ناتجة عن التعذيب، وأيدتهم في ذلك لجنة تحقيق من المجلس الوطني التشريعي الفلسطيني. وأشار التقرير إلى أن الديمقراطيات الغربية، وبريطانيا خاصة، التزمت صمتًا غريبًا تجاه هذه الخروق . وقال التقرير إن توني بلير ، كرئيس للجنة الرباعية، كانت مهمته -إضافة إلى حشد الدعم الاقتصادي- إصلاح الأجهزة الأمنية ، وقد اقترح في 2007م لجنة لمراقبة تنفيذ إسرائيل والسلطة التزاماتهما الأمنية في الضفة، في خطة أوصت أيضًا بزيادة سلطات المدعي العام لمحاكمة أعضاء المقاومة، وبإنشاء إدارة تشرف على السجون بإشرافٍ أوروبيٍّ لضمان عدم إطلاق سراح من يحاكمون من المقاومة، وبحسب التقرير فإن هذا الدور الإشرافي يجعل المشاركين فيه ضالعين في الخروق. واستغرب التقرير كيف تضم لجنةٌ اقترحها بلير ، وتقول إن سبب وجودها إصلاح السلطة، وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك!. وبحسب التقرير قررت الولاياتالمتحدة بعد وفاة ياسر عرفات في 2004م التدخل بشكل أكثر مباشرةً في تسيير الأجهزة الأمنية عبر تعيين الجنرال وليام وارد لتدريب لهذه الأجهزة، ولكن مهمته لم تطل لاستيائه من قلة انضباط عناصر فتح ، فخلفه الجنرال دايتون في مهمة تدريب هذه الأجهزة وتمويل تجهيزات الحرس الرئاسي، وهو الذي شرح كيف يحظى كأمريكيٍّ بثقة الكيان الصهيوني قائلاً: لن نقدم أيَّ شيءٍ للفلسطينيين إلا إذا نُسق الأمر بشكلٍ كاملٍ مع دولة إسرائيل ووافقت عليه . وأوضح التقرير أن دايتون كان سيفقد منصبه بعد أن طالب الصهاينة باستقالته بعد الهزيمة غير المتوقعة في غزة في 2006م -بحسب التقرير-، ولم يُمنح فرصةً ثانيةً إلا بعد تفاهمٍ يتبنى بموجبه سياسةً قاسيةً ضد قوى المعارضة . وتحدث التقرير عن شركات أمنية تقدم خدماتها في الضفة كما في العراق، وعن التقاء مصالحها مع مصالح دايتون الذي عمل في الفريق الأمريكي للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة. وتعتبر شركة ليبرا للاستشارات , ومقرها بريطانيا، إحدى أبرز هذه الشركات، وقد عملت في العراق لصالح الحكومة البريطانية ووزارة الداخلية العراقية، كما قامت بتوفير الدعم لميليشيا عباس بالتنسيق مع دايتون، وتقديم دروس لكبار المسؤولين الأمنيين هناك. ويتساءل التقرير بعد ذلك: من صمم أساليب التعذيب في الضفة الغربية وأقرها؟ . وأشار التقرير إلى تشابه صارخ بين أساليب التعذيب في سجون السلطة وتلك التي حدثت في العراق بعد الغزو، خاصة منها ما حدث في 2005م في سجن تابع لوزارة الداخلية. كما قدم التقرير أوجهًا أخرى من الانتهاكات كالحجز على مئات الجمعيات الخيرية، واستعمال الذخيرة الحية ضد المتظاهرين. وربط التقرير استمرار الخروق باستمرار تدفق المعونة الخارجية على محمود عباس، ولن تتوقف الانتهاكات ما دامت السلطة تعتمد على الدعم الخارجي للسيطرة على الضفة، قائلاً إن عباس يتحجج بالتزامات خارطة الطريق التي تشترط إنهاء الهجمات على إسرائيل ، ما يعني أن (إسرائيل) ستنعم بالأمان، بينما يتقاتل الفلسطينيون، وما يستتبع ذلك من أن أية مصالحة ستعني نهاية تدفق الأموال على السلطة على حد تعبير التقرير. وأوضح التقرير أن الفلسطينيين كانوا يتوقعون من إدارة باراك أوباما أن تجعل من احترام حقوق الإنسان شرطًا لتقديم الدعم المالي للسلطة، ولكن هذا لم يحدث، في إشارة إلى ضلوع الولاياتالمتحدة في انتهاكات ميليشيا عباس لحقوق الإنسان الفلسطيني. وخُتِم التقرير بمطالبة بريطانيا والاتحاد الأوروبي بأن ينأيا بنفسيهما صراحةً عن الانتهاكات التي تستلزم نقاشًا حقيقيًّا في البرلمانين البريطاني والأوروبي.