توقعت المندوبية السامية للتخطيط أن تكون 2010 سنة عصيبة على المغرب، نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، مؤكدة أن ما يعرفه الاقتصاد العالمي من ركود انعكس على المغرب في ثلاث مراحل، منذ بداية العشرية الجارية، أشدها اليوم على المغرب المرحلة الثالثة التي يتوقع فيها أن يتوسع الركود الاقتصادي ليشمل الميدان الاجتماعي ابتداء من النصف الثاني من السنة الجارية 2009. وأكدت المندوبية في ميزانيتها الاقتصادية الاستشرافية أن سنة 2010 ستتميز بانخفاظ ملحوظ في الإنتاج وارتفاع لمعدل البطالة الذي سينتقل من 6,9% سنة 2008 إلى 2,10% سنة 2009 ثم إلى 5,10% سنة 2010, مما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية للأسر، إذ إن نمو الاستهلاك الفردي لن يتجاوز 2,1% خلال سنة 2010 عوض 4% سنة 2009 و2,8% سنة 2008. هذه التوقعات هي نتيجة عدة عوامل، من بينها ارتفاع أسعار الواردات مثلا، فقد أكدت المندوبية أنه إذا كانت سنة 2009 تميزت بانخفاض أسعار الواردات بـ8,10%، فإنها في سنة 2010 ستعرف ارتفاعا بـ 6,2% نتيجة الارتفاع المنتظر في أسعار النفط والمواد الأولية الأخرى. كما سيتعزز الطلب الداخلي، بالرغم من تباطؤه المتوقع، نتيجة توسع الاستثمارات العمومية، والتي من شأنها تعويض تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. أما المشكل الأكبر، في هذا السياق، فهو تفاقم عجز ميزان الأداءات، الأمر الذي يقتضي من السلطات المالية والنقدية طرح إشكالية ملائمة المالية الخارجية، ومن ثم الحاجة الملحة والماسة إلى تمويل الاقتصاد الوطني بصفة عامة، وهي إشكالية تعرض الكثير من المشاريع الاستثمارية للتوقف. وتأتي هذه التوقعات السوداوية في الوقت الذي بدأت فيه مصالح وزارة المالية والاقتصاد في جمع المعطيات وإعداد دراسات واستراتيجيات للميزانيات القطاعية الحكومية، وكذا حول وضع الاقتصاد العالمي وانعكاساته المتوقعة على الاقتصاد الوطني، استعدادا لبلورة توجهات وأولويات القانون المالي لسنة ,2010 وتوقع تقديرات نمو الاقتصاد الوطني خلال السنة المذكورة، التي تقول ميزانية المندوبية إنه سيكون عصيبا جدا. فالمندوبية توقعت بأن يتراجع معدل النمو من 3,5% سنة 2009 إلى 4,2 % خلال سنة ,2010 فيما ستعرف الأنشطة غير الفلاحية نموا أقل وتيرة منذ عقد من الزمن، أي معدل 3,2% عوض معدل 5% كمتوسط سنوي خلال العشرية الماضية، أما فيما بين 2007 مثلا و2009 فإن نمو هذه الأنشطة سيتراجع من 2,6% إلى 9,3% على التوالي، على الرغم من توقع نمو بحوالي 2,25% سنة 2009 عوض 6,16% بناء على النتائج الجيدة للموشم الفلاحي الحالي 2008/.2009 بينما سيتفاقم عجز ميزان الأداءات الذي سينتقل من 4,5% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2008 إلى7,5% سنة 2009 ثم إلى %4,6 سنة .2010 هذا، وبنت المندوبية توقعات ميزانيتها على أساس فرضيات تطور المحيط الدولي والوضعية الاقتصادية الداخلية، حيث اعتمدت فرضية انتعاش طفيف للاقتصاد العالمي يناهز 9,1% سنة ,2010 وسعر متوسط للبترول في حدود 5,62% دولار للبرميل، وبناء على أسعار للمواد الأولية الأخرى ارتفاعا بحوالي 4,4% بعد انخفاضها بـ 28% خلال سنة ,2009 في حين ستعرف قيمة اليورو انخفاضا أمام قيمة الدولار بـ .26,1 أما وطنيا فتبني المندوبية ميزانيتها على فرضية استقرار مداخيل السياحة وتحويلات المهاجرين في الخارج في سنة 2010 عوض التراجع الكبير في سنة .2009 وعلى فرضية نهج نفس السياسة المالية العمومية لسنة 2009 بخصوص نفقات الاستثمار والأجور ودعم الأسعار، وعلى سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب يناهز 60 مليون قنطار.