اعتادت أهم وسائل الإعلام وأكثرها انتشارا على تكثيف قصف الشباب بخطاب جنسي واضح. برامج التلفزيون تقدم بانتظام مضامين ذات إثارة جنسية تركز على فترة ما قبل الزواج وتعطي الانطباع على أن جميع الشباب لهم علاقات جنسية قبل الزواج. غير أن الخبر السار هو أنه؛ وعلى الرغم من استهدافهم المُركَّز من قبل وسائل الإعلام بالأفلام والبرامج المشبعة بالمشاهد الجنسية؛ فإن الشباب الأمريكي بالخصوص يفضل عموما الامتناع عن ممارسة الجنس والتعفف إلى حين الزواج. أغلب الشباب يبقون محافظين على عفتهم أصبحت أعداد الشباب الذين يمارسون التعفف اليوم في ازدياد. فحسب إحصاءات مراكز مكافحة الأمراض فإن نِسَبَ الشباب الذين مارسوا الجنس قبل الزواج قد انخفضت خلال عقد التسعينات المنصرم. ففي سنة 1991 صرح أربع وخمسون في المائة من الشباب بأنهم سبق أن كانت لهم علاقات جنسية قبل الزواج؛ هذه النسبة انخفضت في سنة 2003 إلى ثمانٍ وأربعين في المائة. الشباب يُقدرون قيمة التعفف كون أعداد الشباب الذين يفضلون ممارسة التعفف على ممارسة الجنس في ازدياد ليس مفاجأً؛ لأن أغلب الشباب أصبحوا ينظرون إلى هذه القيمة نظرة تأييد. يكاد يكون كل الشباب (أربع وتسعون في المائة) يعتقدون أنه على المجتمع أن يوجه رسالة قوية إلى الشباب بضرورة الامتناع عن ممارسة الجنس على الأقل إلى ما بعد مرحلة التعليم الثانوي. وكذلك فإن حوالي سبعين في المائة من الشباب يقولون إنهم غير متفقين على أن يمارس الشباب بعد التعليم الثانوي الجنس؛ وكذلك فإن ثلثي الشباب الذين كانت لهم تجارب جنسية صرحوا بأنهم كانوا يفضلون لو انتظروا أكثر. بالإضافة إلى أن أغلب الشباب يصرحون بقوة بأن كونهم يتقدمون للزواج وهم عذارى أمر لا يحرجهم على الإطلاق؛ ففي سنة 2003 صرح أغلب الشباب المستجوَبين بأنهم ليسوا محرجين إطلاقا من كونهم حافظوا على عذريتهم. التعفف وانخفاض نِسَبِ الحمل لدى الفتيات قبل الزواج أبانت دراستان أجريتا في مراكز محاربة الأمراض بين الشباب أن التعفف ساهم في انخفاض نسبة الأمهات العازبات؛ هذه النِّسَبُ انخفضت بأربعٍ وعشرين في المائة ما بين ستني 1994 و2003 في الولاياتالمتحدةالأمريكية. فقد بينت دراسة أجريت سنة 2003 أن تزايد نِسَبِ المتعاطين لفكرة التعفف قد ساهم بسبعٍ وستين في المائة في انخفاض نِسَبِ الأمهات العازبات وفي حالات الحمل قبل الزواج ما بين ستني 1991 و.1995 وقد أشارت الدراستان إلى أن انخفاض نسب الأمهات العازبات وانخفاض نسب الحمل بين المراهقات ما بين سن الخامسة عشر والسابعة عشرة يعود في ثلاث وخمسين في المائة إلى التعفف وفي سبع وأربعين في المائة إلى استعمال وسائل منع الحمل. قصة نجاح التجربة الأوغندية لقد ساهمت التجربة الأوغندية بقوة في كبح جماح انتشار داء فقدان المناعة المكتسبة (السيدا) على عكس دول إفريقيا الأخرى؛ بحيث إن المرض الذي كان في عقد الثمانينات قد بلغ مرحلة الوباء العام أخذ في التراجع الملموس خلال عقد التسعينات بعد اعتماد الحملات الداعية إلى التعفف بشكل ملموس أكثر بكثير من الدول التي اتبعت نصائح الجمعيات المنادية بالإشهار للعازل الطبي؛ ففي عقد التسعينات الذي اعتمدت فيه حملات الدعوة إلى التعفف انخفضت نسبة الإصابة بالمرض في هذا البلد الإفريقي من واحد وعشرين في المائة في الثمانينات إلى ستة في المائة في عقد التسعينات. فكيف حصل هذا؟ بعد عودته إلى السلطة سنة 1986 بفترة قصيرة قاد الرئيس الأوغندي يوري موسوفيني حملة تربوية مكتفة لمحاربة الـ(إيدز) تقوم على ثلاثة محاور: 1) الامتناع عن أي ممارسة جنسية قبل الزواج. 2) الوفاء في العلاقات الزوجية. 3) ثم استعمال العازل الطبي أخيرا وليس أولا. الخطاب أصبح (a.b.c.) مشهورا بـ ( Abstain, be faithful, and use Condoms A and B fail.) ولقد استعملت الحكومة الأوغندية نهجا متعدد القطاعات للترويج لهذا الشعار بقصد الوقاية من داء السيدا: بالعمل على تطوير علاقات متينة بين الحكومة والمجتمع المدني والهيئات الدينية التي اشتغلت كلها بالشعار الذي أصبح معروفا لدى الجميع (a.b.c.). وأدمجت المدارس هذا الشعار(a.b.c.) في المناهج التعليمية. بينما رفعت الطوائف الدينية في البلاد (مسيحيون ومسلمون ويهود) شعار العفة في حملاتها لمحاربة السيدا حاملة كلها شعار(a.b.c.). والحكومة كذلك شنت حملة مكثفة مستعملة المطبوعات والملصقات الإشهارية، والإذاعة، والتلفزة لنشر خلق العفة والوفاء في الحياة الزوجية. وتم التركيز على تعريف العازل الطبي على أنه ليس الوسيلة الرئيسية للوقاية من (الإيدز) بل إنه آخر ما يمكن اللجوء إليه؛ وفقط في حالة الفشل في الوسيلتين الرئيسيتين (aوb) أولا. أي على أنه الملجأ الأخير ولل...العاجزين والفاشلين فقط. وأكدت أغلب التقارير أن الانخفاض المسجل في حالات الإصابة بالسيدا في أوغنادا راجع بالأساس إلى العفة قبل الزواج والإخلاص بعده وليس إلى العازل الطبي. وهذا ما أكده كذلك الدكتور إيدوارد غرين أستاذ مادة الأنتروبولوجيا بجامعة هارفارد والمتخصص في برنامج أوغاندا لمحاربة الإيدز. الآثار السلبية لممارسة الجنس لدى المراهقين غير المتزوجين إن قيمة العفة تساعد الأزواج في تفادي التداعيات السلبية طويلة الأمد للجنس قبل الزواج من مثل الإنجاب خارج إطار الزواج، والأمراض المنقولة جنسيا، والمشاكل العاطفية، والتشويشات الذهنية، والإخفاق مستقبلا في الحياة الزوجية. أ ـ الإنجاب خارج إطار الزواج في الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم؛ خمس وثلاثون في المائة من الولادات تتم خارج إطار الزواج، وبفضل برنامج العفة فحالات الإنجاب لدى المراهقات في تناقص منذ تسعينات القرن العشرين؛ ولكن يبقى أن الإنجاب خارج إطار الزواج يتم لدى الشباب ما بين 20و24 سنة، يليهم بعد ذلك بين 25 إلى29 . والإنجاب خارج إطار الزواج له آثار سلبية كبيرة على الآباء، وعلى الأطفال، وعلى المجتمع. والآباء العزاب والأمهات العازبات فرصهم في الزواج أقل بكثير من غيرهم. وهم أكثر عرضة للمعاناة من الاكتئاب والأزمات النفسية وللعيش في تعاسة مما يمكن أن يتعرض لذلك أولائك الذين لديهم أطفال داخل إطار حياة زوجية. والأطفال المولودون خارج إطار الزواج هم معرضون أكثر بكثير من غيرهم من الأطفال للحصول على أدنى النقط والمراتب في دراستهم، وللانقطاع المبكر عن الدراسة، ولأن يتعرضوا للمعاملة السيئة والإهمال، ولأن يُنجبوا كذلك أطفالا خارج إطار الزواج، ولأن يكونوا منحرفين وجانحين. إن الإنجاب خارج إطار الزواج يكلف الولاياتالمتحدةالأمريكية ودافعي الضرائب ماقدره سبعة مليارات من الدولارات كل سنة، بالإضافة إلى نقص كبير في الضرائب الواجبة للخزينة العامة؛ مما ينعكس سلبا على الخدمات المقدمة للمجتمع. وإذا اعتبرت جميع التكاليف المترتبة فإن الكلفة الإجمالية السنوية للإنجاب خارج إطار الزواج بالإضافة إلى آثاره السلبية هي في حدود تسعة وعشرين بيليون دولار. ب ـ الأمراض المنقولة جنسيا إلى جانب مخاطر الحمل لدى المراهقات فإن المتعاطين للممارسات الجنسية قبل الزواج هم أكثر تعرضا للأمراض المنقولة جنسيا. وتعرف الولاياتالمتحدةالأمريكية كل سنة خمسة عشر مليون حالة جديدة من هذه الأمراض. وهناك اليوم في البلاد خمسة وستون مليون مصابا ميئوس من أي أمل في شفائهم. والأمراض الأكثر انتشارا يأتي على رأسها ما يسمى بـ (papillomavirus) وهو مرض خطير جدا يصيب بالخصوص عنق الرحم لدى الفتيات الصغيرات، وينتقل إلى المولود ويتسبب في العديد من أنواع السرطان. وهو موجود لدى أكثر من تسع وتسعين في المائة من المراهقات اللواتي مارسن الجنس قبل الزواج(% 7,99). وهناك ثلاثون ألف شخص يموتون من أمراض منقولة جنسيا أو من آثارها. ويصاب كل سنة ثلاثة ملايين من الشباب أقل من 25 سنة بأمراض منقولة جنسيا. جـ ـ المشاكل العاطفية بالإضافة إلى مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا يتعرض الشباب الذين ينخرطون في ممارسات جنسية قبل الزواج إلى أزمات عاطفية ونفسية قد تكون لها عواقب وخيمة جدا. ولقد أثبتت دراسة أجريت سنة 2005 أن الشباب الممارسين للجنس قبل الزواج عاش أغلبهم حالات اكتئاب عميقة ثلاث مرات أكثر من المتعففين. وقد بلغت بعض الحالات حد الانتحار. د ـ خطر الفشل في الحياة الزوجية مستقبلا أكد استطلاع للرأي أجري سنة 2003 أن خمسا وأربعين في المائة من الشباب كان آباؤهم قد أثروا بقوة على حياتهم قبل الزواج، سواء في ممارسة الجنس أو عدم ممارسته. وقد أثبتت دراسة أجريت سنة 2002 أن الفتيات اللواتي مارسن الجنس قبل سن الخامسة عشرة هن خمس مرات أكثر طلبا للطلاق من اللواتي يستعففن. وهناك دراسة أخرى حديثة أثبتت نفس الأمر. كما أثبتت أن الذكور الذين مارسوا الجنس قبل الزواج يفترقون عن زوجاتهم بنسب أكثر من الذين يمتنعون عن ذلك إلى حين الزواج. تأثير الآباء على الحياة الجنسية للأبناء المراهقين هناك عدة عوامل تؤثر على قرارات ومواقف الشباب من ممارسة أو عدم ممارسة الجنس قبل الزواج. وعادة ما يكون للآباء دور مركزي هام في هذا المجال. ومن بين طرق تأثير الآباء على أبنائهم مدى استقرار أو عدم استقرار الحياة الزوجية للآباء. ولقد أثبتت دراسة أجريت في سنة 2002 أن المراهقين الذين يعيشون مع آباء أو أمهات مطلقون، أو الذين يتزوج أحد أبويهم ثانية هم أكثر انخراطا في حياة المجون والجنس من الذين يعيشون وسط أسر مستقرة. وتقوم المراقبة والعناية الأبوية كذلك بدور كبير في هذا المجال. وقد أكدت دراسة أجريت على عينة من ألفين من طلاب المرحلة الثانوية أن المراهق والمراهقة الذين يقضيان وقتا أطول تحت المراقبة هما أبعد من الممارسات الجنسية قبل الزواج. وكذلك يلعب التواصل العاطفي والفكري بين الآباء والأبناء دورا كبيرا في هذا المجال. الإعلام والجنس لدى المراهقين تؤثر وسائل الإعلام بشكل كبير على السلوك الجنسي للمراهقين. وقد أبانت دراسة في مجال طب الأطفال أن الأطفال والمراهقين الذين شاهدوا برامج تلفزيونية تتضمن مشاهد جنسية كثيرة كانوا مرتين أكثر عرضة للشغف بالبحث عن مغامرات جنسية في السنة الموالية من الذين شاهدوا برامج تتضمن مشاهد أقل. وكثرة التعرض للمضامين ذات الإيحاءات الجنسية كان له نفس التأثير؛ فحسب الدراسة فإن النقاشات حول الجنس والحوارات في الأفلام التي تلمح لذلك كان لها نفس التأثير على الأطفال والمراهقين الذي للمَشاهد الجنسية نفسها. أثر التدين على تأخير اهتمام المراهقين بالجنس يقوم التدين بدور كبير في مساعدة الأطفال والمراهقين على تأجيل التفكير في الجنس. وحسب تقرير سنة 2004 للمركز الوطني للإحصاءات في الصحة العمومية؛ قال المراهقون المستجوبون إن السبب في أنهم لا يزالون لم يمارسوا الجنس هو أن ذلك مخالف لدينهم وأخلاق دينهم؛ ولذا يفضلون انتظار الارتباط الشرعي بالزواج. وقد أبانت دراسة أجريت سنة 2003 أن الشباب المراهق؛ وخصوصا منهم الفتيات اللواتي يقمن بشعائرهن الدينية ويُقِمن الصلاة ويذهبن للكنيسة كل يوم أحد. وكذلك الشباب الذين يرتبطون بجمعيات دينية هم أقل عرضة للممارسات الجنسية قبل الزواج ولتبعاتها الصحية والنفسية. ومع ذلك نجد بعض من يدَّعون أن الامتناع عن الجنس قد يؤدي إلى عُقَد بسبب الكبت. إلا أن هذا القول لا يستند على أي أساس علمي. بل العكس هو الصحيح؛ فهناك العديد من الدراسات التي تؤكد على النتائج الإيجابية للعفة في التربية. والعديد من الدراسات التي أجريت بين شباب شاركوا في برنامج العفة الذي ترعاه الحكومة الأمريكية تؤكد إيجابية النتائج على الصحة الجسدية والنفسية للشباب. دراسة فدرالية حول العفة كشف تقريرعن برنامج فدرالي مطول حول العفة بأن برامج التربية الجنسية الجادة تظهر بأن امتناع المراهقين عن الجنس كان له أثر إيجابي على مواقفهم ونظرتهم للجنس. وأن الشباب الذين اتبعوا برنامج العفة كان لهم علم ووعي أكثر من غيرهم من الشباب بالتبعات السلبية للجنس قبل الزواج. وكذلك بفضل علمهم ذاك أصبحوا ينظرون إلى العفة بإيجاب وإلى الجنس قبل الزواج نظرة سلبية. كما يحترمون الآخرين أكثر. ويبتعدون عن الجنوح والمخذرات وغيرها. اِختيار الأفضل طور برنامج للعفة تم تنفيذه في كل من ولايتي آطلانطا وجيورجيا مناهج تربوية وتعليمية تمت التوصية بتعميمها على المستوى الوطني. وأثبتت الحملة التي انطلقت منذ سنة 1993 أن مليون طالب كانوا مهددين بالانقطاع المبكر عن الدراسة قد أتموا دراستهم بفضل البرنامج. ويعتمد البرنامج على توعية المراهقين بتبعات الجنس قبل الزواج، وبمزايا العفة والحفاظ على البكارة إلى حين الزواج سواء بالنسبة للإناث أو الذكور، وعلاقات الاحترام خلال الدراسة، وكيف يجعلون من عذريتهم تاجا يفتخرون به. مؤسسة لنشر قيمة العفة إلى حين الزواج برنامج العفة خصصت الحكومة الفدرالية للوليات المتحدةالأمريكية لدعم الجمعيات القائمة عليه في الموازنة العامة لسنة 2002 مائة وأربعين مليون دولار. وقد تلقى البرنامج من الحكومة سنة 2006 كذلك مائة وستة وسبعين مليون دولار. بينما خصصت الجمعيات الداعية إلى نشر ثقافة الجنس بقصد ترويج وسائل منع الحمل أزيد من مائة وثلاثة وسبعين مليار دولار. الخلاصة لقد أبان برنامج التعفف إلى الزواج (Abstinence-until-marriage programs) عن فعاليته في تجنيب العديد من الشباب والمراهقين التبعات السلبية للممارسات الجنسية قبل الزواج. كما أن نجاح البرنامج قد غير من نظرة الشباب الذين تابعوه؛ وذلك راجع إلى أنه يجعلهم على وعي تام بأن الحفاظ على بكارتهم إلى حين الزواج هو الخيار الأسلم والأنسب. وهو الخيار الذي سوف يعود عليهم بالنفع الآن وفي المستقبل. والمؤسف أن المنظمات المهتمة بهذا النوع من التوعية تبقى فقيرة إلى الموارد المالية للقيام بواجبها التوعوي خير قيام؛ مقارنة مع مروجي الأدوية سواء المانعة للحمل أو أدوية الأمراض المنقولة جنسيا ينفقون أموالا كثيرة جدا للحفاظ على مداخيلهم ولو على حساب مستقبل البشر. في الوقت الذي تعتمد فيه منظمات وجمعيات العفة على هبات الحكومة وتبرعات المحسنين لتبقى على قيد الحياة تقوم بواجبها. ونظرا لمحدودية مواردها فهي غالبا ما تبقى عاجزة عن تلبية الطلبات على هذه البرامج وعلى الترويج والدعاية لها. والواقع أن التوفر على موارد أكبر من شأنه أن يمكن من إيصال خطاب العفة إلى أكبر قدر من الشباب ويمكن من توعيتهم وتعليمهم أن أفضل طريق إلى السعادة الحقيقية هو في الحفاظ على البكارة إلى الزواج لما في ذلك من حفاظ على الجسم وعلى النفس. بريدجيت ماير-محللة في مجال الحياة الزوجية والأسرة في مجلس البحوث الأسرية (www.frc.org/get)