كشف تقرير أممي حديث أن عدد ضحايا عصابات المتاجرة بالبشر في المغرب التي تم كشفها والتبليغ عنها، بلغ ما مجموعه 83 ضحية في الفترة الممتدة ما بين 2003 و,2006 وبحسب نتائج التقرير الذي أعده مكتب الأممالمتحدة المعني بمكافحة المخدرات ومنع الجريمة في فبراير ,2009 فإن 10 ضحايا منهم تم جلبهم من الشرق الأوسط إلى المغرب ما بين سنتي 2005 و,2006 فيما تم الاتجار بالعدد الباقي داخل البلاد. ويتصدر المغرب قائمة الدول العربية التي أوردها التقرير، فيما تأتي الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية بمجموع 79 ضحية، وتليها مصر بمجموع 42 ضحية. هذا، وقد سجلت سنة 2006 مقارنة مع السنوات الأخرى، بحسب التقرير، ارتفاعا في عدد الضحايا المغاربة بـ 37 ، مقابل 13 ضحية سنة 2005 و 12 سنة 2004 و21 سنة .2003 وأفاد المصدر ذاته أن عدد المشتبه في تورطهم في شبكات الاتجار بالبشر في المغرب بلغ خلال نفس الفترة ما مجموعه 57 مشتبها، 31 منهم من الرجال و26 نساء. ويعتبر هذا العدد منخفضا مقارنة مع 93 شخصا تمت إدانتهم بتهم المتاجرة في البشر في عمان، حسب ما أفاد به المصدر ، و260 في مصر، ومرتفعا بالمقارنة مع 54 مدانا بنفس التهمة في الإمارات. كما ذكر التقرير أن سنة 2006 عرفت ارتفاعا في صفوف النساء المغربيات المشتبه فيهن، وذلك بنسبة 66 في المائة مقابل 33 في المائة من الرجال. وعلى الصعيد الدولي، أشار التقرير إلى أن مجموع المغاربة المشتبه في تورطهم في شبكات الاتجار بالبشر في هولندا بلغ 37 مشتبها ما بين 2001 و .2005 وأفاد التقرير أن السلطات المغربية تعمل على توفير الحماية القانونية والدعم الصحي والنفسي والمأوى لضحايا عصابات الاتجار في البشر. كما ذكر أن المغرب يعتبر البلد الوحيد من بين البلدان العربية الذي يجرم الاتجار في البشر. وتعليقا على مجهودات الدولة في هذا المجال، قالت السيدة خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن هناك عددا من المتابعات في عدد من ملفات المخدرات وغيرها في بلد ليست فيه حكامة أمنية جيدة وليس فيه نوع من الشفافية وليس هناك قضاء مستقل ونزيه وكفء. فغياب مقومات الحق والقانون في مثل هذه الملفات يؤدي إلى نوع من التجاوزات والخروقات وانتهاكات حقوق الناس. وأضافت: كجمعية حقوقية نقول إنه كيفما كانت أسباب الاعتقال وكيفما كانت التهم الموجهة إلى المتهمين؛ فاحترام المساطر القانونية واحترام القانون وعدم انتهاك حقوق المتابعين مسألة مبدئية، ولايمكن أن يكون فيها تسامح، وينبغي احترام حقوق الجميع. وأوضحت أن الملفات التي تتابعها الجمعية تظهر أن هناك مؤخرا متابعة لعدد كبير من الملفات مثل متابعة قضايا الرشوة والمخدرات، مما يعني أن هناك مجهودات تبذل في هذا المجال، إلا أنه يبقى هناك تحفظ في المسألة، وهذا هو الإشكال الحقيقي في المغرب. وفي نفس السياق، أفادت دراسة أجرتها مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة القاطنين بالخارج السنة الماضية أن هناك العديد من المغاربة ضحايا شبكات المتاجرة بالبشر في معظم الدول العربية، ففي ليبيا على سبيل المثال يعيش 120 ألف مغربي تحت ظروف عمل صعبة جدا، إذ إنهم محرمون من مزاولة 60 وظيفة، وعليهم تجديد أوراق الإقامة كل سنتين، كما أن 10 في المائة منهم فقط هم الذين يتوفرون على عقد عمل، بينما يعمل باقي المغاربة في الخفاء وبأجر هزيل لا يسمح لهم إلا بالبقاء على قيد الحياة. وفي دولة الإمارات، حسب ما أوردته الدراسة، فإن نصف نسبة النساء، التي تصل إلى 70 في المائة، من 13 ألف مغربي سافروا إلى هذا البلد عن طريق شبكات الدعارة، فيما ينحصر وضع الرجال المغاربة في ممارسة وظائف صغيرة ومستقلة وبأجور متدنية إلى جانب أنهم ممنعون من حق ملكية أي شيء. ونفس الوضع يعيشه 28 ألف مغربي بالمملكة العربية السعودية. أما في بعض الدول الأفريقية، فقد بلغت و ضعية النساء بالسينغال التي يعيش بها 15 في المائة من المغربيات من مجموع المغاربة، على سبيل المثال، إلى حد العبودية فضلا عن ممارستهن للدعارة. وتعليقا على هذه المعطيات قال مولاي عمر بن حماد، أستاذ الدراسات القرآنية ونائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، إنه ينبغي تفعيل قوانين صارمة تحد من مثل هذه الظواهر، وينبغي الوقاية منها، ثم ينبغي أن تتعبأ مجموعة من الوسائل مثل الإعلام، والمؤسسات التعليمية والمساجد ومنتديات الشباب وغيرها التي تكون وسيلة لنشر الأفكار بشكل عام للتعريف بهذه الآفة الخطيرة. وليس هناك أفضل من المقاربة الشمولية لمعالجة هذه الظاهرة. وأضاف: قد يستوفي الإعلام دوره في التوعية والتحسيس، ولكن ماذا إذا كان هناك خلل من حيث المعالجة القانونية. وقد يكون هناك على مستوى الترسانة القانونية حماية كافية في هذا الموضوع، ولكن ليس هناك توعية من لدن جهات أخرى، فإذن يبقى أحسن عنصر المقاربة الشمولية التي تحقق شروط الحد منها أو محاصرتها أو القضاء عليها. فيما أشار الأستاذ خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان أن هناك نوعا من جرائم العصر في المغرب ينبغي الحد منها مثل استغلال النساء القاصرات في شبكات الدعارة وتهجيرهم إلى بعض الدول المشهورة. وللقيام بذلك قال إنه لابد من قوانين تشديد العقوبات وإعادة النظر في بعض القوانين مثل القانون الجنائي، ولابد من تقنين هذه الجرائم واتخاذ التدابير اللازمة. ولاننسى دور الإعلام والمجتمع المدني في التوعية والتحسيس بهذه الظاهرة وفي رصد شبكات المتاجرة. ولابد من نهج استراتيجية حكومية في هذا المجال من أجل تشخيص الوضع للحد منها.