فضلا عن حفل الافتتاح الذي عرف تكريم أحد رواد السينما المغربية صلاح الدين بنموسى، وهو تكريم كان بمثابة عرس سينمائي التحم فيه مجموعة من الممثلين المغاربة بالجمهور الحاضر في المسرح، فقد تميزت الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للفيلم القصير بالمحمدية بعرض باقة من الأشرطة القصيرة التي تطرقت إلى تيمات مختلفة من بينها مشكل الاغتصاب في الشريط الجزائري حورية، أو الضياع الأسري والاجتماعي في الشريط التونسي المشروع الذي كانت له إشارات فنية وفكرية وسياسية قوية، على أن ما يلفت الانتباه في الشريط، والذي يمكن اعتباره عبرة للبعض، هو تدخل الرقابة عند كلمة ساقطة أو شتيمة مبتذلة. أشرطة أخرى لا تخلو من متعة وعمق فكري وجمالي، الفيلم الإيطالي الحكم الذي تطرق إلى الضغوطات التي يتعرض لها الحكام في البطولات الكروية، والروسي من لم أعرفه أبدا؛ الذي يطرح تساؤلات وجودية حول الإنسان وشيخوخته وإحساسه بالوحدة. هذا الشعور القوي بالوحدة هو الذي ركز عليه الشريط الإماراتي مرايا الصمت الذي تميز بتقنية عالية في الإخراج والتصوير. كما جاء الشريط الفلبيني سالينغ بوزا قويا من خلال طرحه لموضع الطفل ونظرته لعالم الكبار الموصوف بالقسوة. إضافة إلى الشريط المغربي ايزوران الذي يجمع بين الجمالي والثقافي. بخلاصة؛ يمكن القول إن انتقاء الأفلام راعى الجانب الثقافي والتربوي والترفيهي في الأفلام، ومن هنا جاء تجاوب الجمهور مع أغلبية الأشرطة. وعلى هذا الأساس يجب اختيار الأشرطة في جل المهرجانات المغربية. وانفتاح مهرجان المحمدية على المؤسسات التعليمية التي تعد خزانا لطاقات عديدة في مجال الإبداع يزكي هذا الطرح. ولذلك فإن المهرجانات التي تقام في المدن الصغرى هي التي يراهن عليها اليوم في خلق حركية سينمائية وطنية. لكن المشكل الوحيد الذي يطرح في المدن الصغرى هو عدم انضباط الجمهور عند عرض الأفلام، خصوصا من قبل الأطفال والمراهقين. ولذلك يجب التفكير من جهة في تربية هذا الجمهور الشاب بالمزيد من التوعية خلال المهرجان، وعبر اللقاءات والنقاش، وهذا الكل يجب أن ينخرط فيه على المستوى الوطني. ومن جهة أخرى التجربة أثبتت أن الجمهور عندما يؤدي ثمن التذكرة، ولو رمزيا، يأتي سلوكه مغايرا إذا دخل مجانا. ولذلك لابد من فرض ثمن رمزي على مشاهدة العروض حتى يتم الإحساس بقيمة التظاهرة، وهذا رأي عدد كبير من المتتبعين للتظاهرات السينمائية. ملاحظة أخرى ينبغي الإشارة إليها وهي أنه في مثل هذه المهرجانات يتم تغييب الصحافة الفنية والنقدية عن لجنة التحكيم أو في البرمجة، في الوقت الذي كان من المفروض أن تكون فيه حاضرة، وتدلو بدلوها ولما لا إحداث نقاش حولها، لاسيما وأنها تتهم بعدم المهنية والتخصص، أتمنى أن تقوم إحدى المهرجانات السينمائية بطرح هذا الملف للنقاش.